ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 21/10/2012 Issue 14633 14633 الأحد 05 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كانت أوائل السبعينيات من القرن المنصرم بداية حقيقية لارتفاع أسعار البترول ليتصدر الأحداث مع انطلاقة شرارة الحرب العربية - الإسرائيلية في شهر رمضان المبارك - أكتوبر من نفس العام ليكتب التاريخ النفطي أول هزة نفطية إثر الحظر العربي للنفط على الدول التي وقفت إلى

جانب الدولة العبرية، حيث استطاعت الأوبك أن تسيطر خلال عامي 1973 و1974 على الأسعار العالمية للوقود السائل ونجحت في رفع السعر خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الستة أشهر من 2.90 دولار إلى 11.65 دولاراً للبرميل الواحد.

وقد سارعت الدول الصناعية في تلك المرحلة من تاريخ النفط وتحديدا عام 1974 إلى تأسيس وكالة الطاقة الدولية لتقف في وجه “أوبك” مدافعة عن مصالح دولها التي تستهلك 75 في المائة من الاستهلاك العالمي للبترول، إذ أدرك العالم أن هذه السلعة (النفط) هي المحرك الرئيس للاقتصاد الدولي ولا سيما اقتصاد الدول الصناعية، وتحول النفط الرخيص قبل عام 1973 الذي تعودت محطات شحن الوقود في بعض الدول الصناعية إلى منح خصومات عليه لدفع عجلة بيعه لعقود عدة بسبب حجم الفائض، إلى بترول غالي الثمن شحيح لا بد من المحافظة عليه.

واستمر التحسن التدريجي لأسعار النفط ليبلغ في أواخر عام 1978 12.235 دولار للبرميل تزامنا مع قرارات مؤتمر أبو ظبي الثاني والخمسون الذي انعقد في أواخر ذلك العام 1978، ومع انطلاقة شرارة الحرب الإيرانية - العراقية 1979 وتدهور سعر صرف الدولار الأمريكي انعقد مؤتمر الأوبك الثالث والخمسون بتاريخ 25 مارس 1979 الذي ترك لكل دولة عضواً في الأوبك حرية إضافة أية علاوة تراها مناسبة وفقا لظروفها الخاصة، بعد أن بلغ سعر برميل النفط حوالي 20 دولاراً بالمقارنة بالسعر الرسمي الذي اقترحته الأوبك في أبو ظبي 12.35 دولاراً لسعر نفط الإشارة وسرى مفعوله منذ أول يناير 1979، إلا أن ضراوة الحرب الإيرانية - العراقية وانقطاع الإمدادات النفطية من إيران آنذاك كان سببا في ارتفاع الأسعار لتبلغ في عام 1981 ما بين 39 و40 دولاراً للبرميل.

لكن الأحوال تبدلت بعد هدوء عاصفة تلك الحرب لتعود أسعار النفط إلى التدني السريع لتبلغ في منتصف الثمانينيات أقل من 7 دولارات للبرميل، إلا أن احتلال العراق للكويت أعاد النفط مرة أخرى إلى صدارة الأحداث فارتفعت أسعاره لتكسر حاجز الـ 30 دولاراً للبرميل لتعود إلى الانحدار التدريجي بعد أن ضخت الدول الصناعية جزءاً من مخزونها الإستراتيجي بلغ 2.5 مليون ب/ي لمدة خمسة عشر يوما.

ومرة أخرى ومع انتهاء أحداث عاصفة الصحراء التي حررت الكويت وتواري الحرب الباردة واستجابة أوبك (بحسن نية) لمطالب الدول المستهلكة برفع إنتاجها لحل أزمة الطاقة، بدأت الأسعار بالتدني لتبلغ عام 1998 أقل من 10 دولارات للبرميل، ورغم أن الأوبك وضعت آلية تدعم أسعار النفط لتحوم ما بين 22 - 28 دولاراَ بخفض الإنتاج 500 ألف برميل يومياَ إذا تدنى السعر عن 22 دولاراَ للبرميل ورفعه بنفس الكمية إذا جاوز السعر 28 دولاراَ للبرميل، إلا أنه يمكن القول إن الأسعار لم تستعد عافيتها إلا مع انطلاق شرارة الحرب على أفغانستان ثم العراق لتلتهب الأسعار بدءاَ من عام 2002 وتستمر في الصعود حتى كسرت حاجز 147 دولاراَ للبرميل في يوليو من عام 2008 قبل أن تعود إلى الانحدار السريع لتبلغ 33 دولاراَ وتنهض الأوبك لخفض إنتاجها 4.2 مليون ب/ي اعتباراَ من سبتمبر 2008 ليبدأ النفط رحلته نحو الارتفاع ليحوم اليوم ما بين 100 و120 دولاراَ للبرميل.

ولا شك أن الحروب الثلاثة التي دارت في الخليج العربي باحتياطيه النفطي الشاسع أكدت أهمية هذا الخليج بنفطه وإستراتيجيته، وخبراء النفط والإستراتيجية متفقون على أن أهمية هذه المنطقة الحساسة من العالم ستزداد باعتبارها المركز النفطي الإستراتيجي بالنسبة لدول العالم غنية وفقيرة.

الأحداث اليوم في منطقة الشرق الأوسط التي تثيرها إيران في صراعها مع الغرب وإسرائيل بشأن ملفها النووي وإصرارها على عدم الانصياع لرقابة وكالة الطاقة الذرية وتدخلها السافر في سوريا داعمة لنظام الأسد في ذلك البلد الذي ارتكب ويرتكب جرائم غير مسبوقة ضد الشعب السوري على مدى أكثر من عشرين شهرا ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثين ألف قتيل من السوريين أطفالا ونساء وشيوخا ناهيك عن عشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين ومئات الآلاف من المهجرين.

هذه التوترات والنزاعات في مقدمة حالة عدم استقرار سوق النفط الدولية مما دفع بالأسعار لتتجاوز 100 دولار للبرميل، إضافة إلى شح الإمدادات من نفط بحر الشمال، ناهيك عن بعض الصعوبات التي تواجهها مصافي التكرير في الهند لشراء البترول الخام الإيراني بسبب العقوبات الغربية المفروضة على طهران، وتراجع واردات الصين من الخام الإيراني الذي بلغ حوالي 434 برميلاً يوميا بعد أن كان أكثر من 618 مليون برميل في شهر يونيو الماضي.

المهم أن سوق النفط الدولية تعيش حالة من عدم اليقين في أسعار النفط وحالة من عدم اليقين في كمية المعروض منه، ولذا فإن وزراء البترول في دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الذي اختتم في العاصمة السعودية الرياض الأربعاء الماضي أكدوا على أنهم قادرون على تزويد سوق النفط الدولية بالنفط عند الحاجة ضمانا لاستقرار السوق والأسعار، وقد قال وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي مؤكداً ذلك أن (المملكة لديها قدرة إنتاجية فائضة تمثل احتياطيا يمكن من تلبية الطلب الحالي أو المستقبلي في سوق البترول الدولية، وأضاف أن لدى المملكة قدرة إنتاجية 12 مليون ب/ي بيد أن الطلب العالمي لا يحتاج لذلك حاليا، وأضاف إذا أنتجنا نحو عشرة ملايين ب/ي فسيبقي لدينا (2.5 مليون ب/ي احتياطي).

لا شك أن رسالة وزراء نفط دول المجلس الذين عقدوا اجتماعهم في الرياض، هي رسالة هامة لسوق النفط الدولية، رسالة تطمين تهدف إلى استقرار تلك السوق مما ينعكس على أسعار أهم سلعة في التاريخ الإنساني (النفط) ليستقر عند أسعار معتدلة تحقق مصالح المنتجين والمستهلكين وتساهم في دعم نمو الاقتصاد الدولي الذي يشهد اهتزازات عنيفة منذ الانهيار الاقتصادي العظيم عام 2008، وهذا دور رائد قامت وتقوم به دول المجلس باحتياطيها الضخم 486 مليار برميل في كل أزمات النفط وعلى رأسها المملكة.

dreidaljhani@hotmail.com
رئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية
 

سوق النفط الدولية وحالة عدم اليقين
د.عيد بن مسعود الجهني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة