ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 21/10/2012 Issue 14633 14633 الأحد 05 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من قرأ لي سابقاً سيعلم أن من أبغض الأشياء لدي هو «المعلومات» التي تأتي في رسائل الجوال والبريد الإلكتروني، ولاحظ أني وضعت كلمة «المعلومات» بين علامات التنصيص، فهي ليست معلومات فعلاً وإنما مزاعم وادعاءات، بعضها صحيح والكثير منها مكذوب أو خاطئ أو مبالغ فيه أو لا يُدرى أصله، لكن رغم ذلك يزعم كاتب الرسالة أنها حقيقة وأن عليك نشرها بسرعة!

غير أن بعضها فيها بعض الصحة، ومن «الحقائق» التي تتكرر كثيراً في الانترنت وغيرها من المصادر التي تنقل الغث والسمين من المعلومات أن الصرصار -أكرمكم الله- هو الكائن الوحيد الذي يمكنه أن ينجو من حرب نووية. طالما رأيت هذه في أماكن كثيرة، وهذه خاطئة ولا نعلم لها أصلاً، ولعل هذه نبعت من مجموعة من الحقائق الصحيحة عن هذا المخلوق مثل أنه يستطيع أن يعيش أسبوعاً بلا رأس، ولكنه ليس معصوماً من التلوث النووي، والشيء الوحيد الذي يمتاز به من هذه الناحية أنه أشد تحملاً من البشر، وقد طبّق العلماء تجارب في هذا الموضوع بالذات ووجدوا أن الصرصار من أوائل الكائنات التي تموت إذا ما اجتاحت المدينة موجة من التلوث الإشعاعي النووي، ولتقريب الفكرة فإن الوحدات التي تقيس الإشعاع النووي تُسمّى «راد». الإنسان يستطيع أن يتحمل بعض الإشعاع النووي حتى إذا وصَلَت الكمية إلى 1000 راد فإن هذا يقتله، بينما الصرصار فالكمية التي تقتله هي 20 ألف راد، أما أكثر كائن حي تحملاً للإشعاع النووي فقبل أن أضع اسمه فإنني أريد من القارئ أن يحاول تخمينه، ولمعاونتك فإني سأضع بعض المعلومات عن هذا الكائن وحاول معرفته: إنه أقدم الكائنات الحية في التاريخ، خلق الله أجداده قبل قرابة 4 مليارات سنة وكان هذا الكائن ولا نعرف أنه كان مخلوق قبله -من الناحية العلمية أو المحسوسة-، وأتت كائنات أخرى كالديناصورات وانقرضت ولا زال هذا الكائن موجوداً، ولو حصلت حروب نووية على مستوى العالم كاملاً لنجا منها هذا الكائن العجيب القوي، بل أعتقد أنه لو ماتت كل أنواع الحياة اليوم لسببٍ ما فإن هذا سيكون الكائن الوحيد الباقي! أعرفتموه؟ إنها البكتيريا!

مخلوق لا مخ لديه ولا جوارح ومع ذلك هو أقوى أنواع الحياة وأقدمها، جعل الله فيه خاصية التكيف المدهشة، فيتأقلم مع أي بيئة وكل بيئة ويعيش جنباً لجنب مع بقية الكائنات بل يعيش داخلها! نحن في أجسامنا أنواع كثيرة من البكتيريا منها أنواع حميدة نافعة نحتاجها لهضم الطعام مثلاً ومنها أنواع ضارة تسبب المرض، فالبكتيريا ليست كائناً ضاراً في حد ذاته. هذه القدرة الفريدة على التكاثر والتكيف صنعت أقوى نوع من الحياة المرئية الني مرّت على كوكب الأرض وربما الكون كاملاً، فإذا عدنا لموضوع الإشعاع النووي فإن نوعاً من البكتيريا يتحمل أشد مقدار من التلوث النووي رأيناه حتى الآن، وهو مليون ونصف راد. يا للهول! قارن هذا مع تلك الكمية الضئيلة التي تقتلنا فوراً! هذا النوع من البكتيريا وردي اللون ورائحته سيئة مثل خضار الملفوف المتعفن واكتشفه الباحثون بالصدفة في لحم كانوا قد عرّضوه للإشعاع، ومنذ ذاك بدأوا يلاحظون وجوده في فضلات الفيلة واللاما ووجدوها ذات مرة في حجارة الغرانيت في القطب الجنوبي، وهي أبرد منطقة على الأرض، فتأمل القدرات التي أودعها الله هذا الكائن البسيط، فلا الإشعاع النووي ولا البرودة الشديدة يقتلانها!

قالوا «يضع سره في أضعف خلقه»، وما أصْدقها هنا، سبحان الله.

 

الحديقة
ما هو أقوى كائن في التاريخ؟
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة