ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 22/10/2012 Issue 14634 14634 الأثنين 06 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

حتى في المهارات اللسانية لا نستطيع الادعاء بإجادتها، ناهيك عن التفوق فيها. صحيح أننا شعب كثير الكلام لكنه كلام أغلبه غير مفيد.

خذ على نفسك تعهداً حين تشارك في مجلس أو اجتماع بألا تتكلم وأن تستمع فقط، وسوف تكتشف ما يدهشك.

سوف تكتشف أن الجميع عندنا يتكلمون في آن واحد ولا أحد ينصت، وأن ما يقوله بعضهم سوف يردده البعض الآخر بعد عشر دقائق ولكن بتعبير مختلف.

إذا جمعنا كلام الجميع المتزامن مع عدم إنصات أحد ثم طرحنا منه كل ما سبق أن قيل، سوف نخرج بناتج صفر.

بالإضافة إلى هذه النتيجة المتواضعة من مجادلاتنا الكلامية، لدينا أيضا فقر واضح في القدرات التعبيرية بطريقة انسيابية ومتسلسلة ومقنعة.

تستطيع أن تكتشف ذلك بالمقارنة وبكل سهولة، إن كان من بين الحضور بعض أخواننا العرب المصريين أو السوريين أو السودانيين.

سوف تكتشف أن سكان جزيرة العرب الأصليين يعانون في زمننا هذا من ركاكة مخجلة في تركيب الجملة وفي قواعد اللغة وفي القدرة على الإمساك بخيط الفكرة حتى النهاية.

إخواننا عرب الشمال والغرب أكثر فصاحة وأقوى حضوراً لغوياً من عرب الخليج ومن عرب اليمن أيضا، مع ملاحظة بعض التحسن التدريجي (كلاميا فقط) لصالح عرب اليمن.

هذا الضعف في المهارات اللغوية والتعبيرية سببه أننا انقطعنا لأحقاب طويلة عن التواصل مع الآخرين، ثم وحين حصل التواصل ركبنا الغرور ورحنا نحاول رشوة الآخر وإقناعه بأن يصبح مثلنا ويستعمل نفس مفرداتنا، وقد نجحنا على الأقل في ميادين الأغاني والرقص والطرب.

والآن ماذا عن المهارات المهنية واليدوية مثل تفكيك صواميل ومسامير الأجهزة المنزلية المعتادة وإعادة تركيبها، أو إصلاح صنبور يتسرب منه الماء، ومثل القيام ببعض الإصلاحات الكهربائية والميكانيكية أو إعادة طلاء جدران المنزل بدون استدعاء الكهربائي أو الميكانيكي أو الدهان؟

ثم ماذا عن التدرب على استعمال طاقات الجسد الكامنة في الدفاع عن النفس أو على الأقل في محاولة إتقان حركات القيام والقعود والمشي بلياقة بدنية تنم عن بعض الحيوية.

ماذا عن ممارسة بعض الرياضات لبناء العضلات وتقوية العظام وتمرين المفاصل؟

ماذا عن مهارات الحياكة في المنزل للاستفادة من الارتخاء أمام التلفزيون في ترقيع بعض المزوق والخروق في الملابس شبه الجديدة، أو حبك وتطريز قطع صغيرة من السجاد الملون لتعليقها على الجدران أو لتزيين قطع الأثاث.

المحبط هو أنني كل ما فتشت عن هواية أو صنعة أو حركة مفيدة مهما كانت متناهية السهولة والبساطة وجدت أن المواطن السعودي من الجنسين يفتقر إليها.

غادرتنا المهارات المعيشية حين ارتهناها بالكامل للعنصر الأجنبي مقابل المال وأصبحنا شعبا أخرق لا يجيد عمل أي شيء.

يبقى هناك متسع للسؤال عن الشباب العاطل بالملايين، الذي يتسرب الوقت من بين أصابعه مثل الماء من الغربال.

هذا الشباب لا ينقصه الذكاء، ويمتلك من عناصر الشجاعة ما يشي بمستويات عالية من الإقدام تصل إلى درجات التهور، كما هو مشاهد في قيادة السيارات والتفحيط والتطعيس والقفز من المرتفعات العالية.

هذا الشباب المليء بالطاقات إذا عبر الحدود إلى دولة أخرى كسر حواجز الحياء والأخلاق والمروءة بالتنفيس عن غرائزه المكبوتة وطاقاته المحبوسة محليا.

هذه الأعداد الهائلة من الشباب، ألا يمكن صقلها وطنيا وتربويا باستخدام الخدمة العسكرية الإلزامية، أي التجنيد الإجباري؟

الخدمة العسكرية الإلزامية التي تطبقها أغلب دول العالم على شبابها في دورات لا تزيد عن العام الواحد، لها من الفوائد ما لا يخطر على البال.

الخدمة العسكرية الإلزامية تعلم الشباب احترام الأنظمة وتدربهم على تحمل الجوع والعطش والمشاق البدنية، وتعود الجسد والروح وتعدهما لإعطاء ما تختزنانه من طاقات عند ما تصبح الحاجة الوطنية والشخصية ماسة لذلك، وتكافح الترف والخمول ومخرجاتهما الأخلاقية والجسدية الخبيثة والمدمرة.

إذا أضفنا إلى ذلك تعليم الشباب فنون القتال والدفاع عن الوطن وتوحيد الطاقات الشابة في مصب المصلحة العامة، عندئذ كيف نستطيع أن نقبل ترك شبابنا للفراغ والمخدرات والتدمير الذاتي؟

أخشى أن أطالب بوزارة لشؤون تنمية المهارات فتزيد الطين بلة.

علينا أن نبحث عن حلول أخرى غير الوزارات.

- الرياض
 

إلى الأمام
الشعب يريد إعادة تأهيل شامل
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة