ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 23/10/2012 Issue 14635 14635 الثلاثاء 07 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

من أغرب النظرّيات في ثقافتنا العربية نظرّيتان، التشكيك، والمؤامرة، فكلما تحقق منجز بشري مذهل، لا تستطيع عقولنا الصغيرة أن تستوعبه، اقتنعنا أنّ في الأمر خدعة ما، فالرجل المدعو فيلكس لم يقفز من خارج الغلاف الجوي، ولا اخترق حاجز الصوت، ولا ما يحزنون، فكل ما قام به هو التمثيل علينا بالكاميرات، وادعاء القفزة المزعومة، ثم إرسال دمية بدلاً منه، والدليل أنّ ملابسه حينما هبط على الأرض لم تتسخ، وأنه لم يكن هناك فريق طبي باستقباله، أي والله، هذا ما قالته إحداهن في صفحات التواصل الاجتماعي، هذا ما تفتّقت عنه الذهنيات العربية العظيمة، بل أقول لكم أمراً أعظم، إنّ الادعاء بالهبوط على سطح القمر كانت أكذوبة من أكاذيب القرن الماضي، ابتلعها آباؤنا بصمت وجهل، ونحن العظماء العباقرة، استطعنا اكتشاف أنها أكذوبة من أكاذيب الغرب، وفيلم من أفلام هوليود!

تخيّلوا أنّ هناك بيننا من يفكر بهذه الطريقة، فهل هؤلاء صادقون فعلاً في تشكيكهم؟ أم أنّ عقولهم فعلاً توقفت عند هذا الحد، طبعاً هناك علماء عرب كبار، فسّروا هذه القفزة التاريخية، وكسر الأرقام القياسية التي حققتها، والجانب العلمي المهم الذي تحقق بفضل هذه القفزة، لكن المشككين هم البلاء في هذه الأمة، وهو أمر سيزداد ويتعاظم أكثر، في كل المواقع الاجتماعية والمواقع والمنتديات الإلكترونية، لو كان صاحب القفزة عربياً، لأننا كالعادة نقلّل من منجز العرب، حتى لو اعترف به الغرب، بصفة الغرب أكثر مشروعية وكفاءة في الجانب العلمي.

وقد يكون الدرس الثاني في قفزة فليكس أنها علّمتنا كيف يدعم هؤلاء كل طموح، ليس الدعم من عامة الناس، ولا من العلماء، ولا من الجهات العلمية التي تدعم مثل هذه الأبحاث، بل حتى من الشخص الذي كان قد حقق فيما مضى الأرقام القياسية التي توقف العلم عندها، فكان هذا الرجل العجوز على اتصال مباشرة من غرفة التحكم مع الشاب النمساوي فليكس، كي يقوم بدعمه وتشجيعه وتوجيهه، وهذا أمر مذهل خلافاً لما هو متوقع لدينا، لأنّ صاحب الرقم القياسي لو كان عربياً، فسيقاتل بكل الوسائل المشروعة، وغير المشروعة، لتدمير طموح الشاب المتحفّز لكسر الرقم، ولقام بالتشكيك بقدرته، وربما حتى لو كسر رقمه، فالأغلب أنه سيشن حملة شرسة ضده، وسيدعو الآخرين معه، للتشكيك بما قام به، وربما قام باتهام الجهات العلمية، وشكّك بنزاهتها العملية كلها، ولا بأس من شتيمة الراعي الرسمي للقفزة التاريخية، واتهام مشروب ريد بول بأنه مشروب مشكوك فيه، وهكذا.

كم كان هؤلاء رائعون، وكما كان فليكس محظوظاً، وهو يحظى بالدعم والرعاية من منافسه القديم، ودعم أُسرته، ودعم العالم كله، بناسه وطبقات مجتمعاته، وهو الأمر الذي نفتقده في عالمنا العربي، ومن أراد أن يتحقق من هذا الأمر، وما يفعله العرب تجاه الموهوبين والمشاهير في جميع المجالات، فقط عليه أن يتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي، ويرصد الكم الكبير من الشتائم واللعنات، التي يطلقها العامة، والدهماء، تجاه العلماء والمبدعين في مختلف المجالات، وكأنما هؤلاء لا تكتمل سعادتهم إلاّ بالانتقاص من براعة الآخرين ومواهبهم.

 

نزهات
قفزة فليكس المزعومة!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة