ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 24/10/2012 Issue 14636 14636 الاربعاء 08 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

يقول رجال الأعمال السعوديون إن السعودي يظل طول عمره يحلم بالعمل عند الحكومة لأن إجازاتها السنوية أطول وعطل الأعياد والمناسبات الوطنية والرسمية وعطلة الربيع مضمونة ولا حدود لها ولأن ساعات عمل الحكومة قليلة وشرط الإنتاجية فرض كفاية وليس فرض عين، فإذا قام به موظف مغفل واحد سقط عن الباقين، ولأن هناك متسعا للتسلل أثناء ساعات العمل إلى الخارج والقيام ببعض الأعمال الخاصة، مثلما أن هناك متسعا لقراءة الجرائد وتناول الإفطار وشرب الشاي على طاولة المكتب ثم والأهم من كل شيء تقاعد نهاية الخدمة وعدم قدرة أي كائن من كان على تفنيش الموظف الحكومي مهما كان متسيباً وقليل الكفاءة.

كلما دخلت في نقاش بحضور بعض رجال الأعمال السعوديين سمعت نفس الآراء عن تهرب السعودي من الأعمال المجهدة بدنيا أو ذهنيا، وعن ساعات العمل الطويلة وعن الأعمال التي تتطلب التنازل عن الثوب والغترة والعقال لصالح بدلة العمل، وكل ذلك بصرف النظر عن أي إغراءات أو إضافات مالية أو محفزات تقدمها المهن المجهدة وذات المتطلبات الإنتاجية العالية. كل رجال الأعمال السعوديين يقولون إن السعودي يفضل العمل بنصف المرتب مع احتفاظه بالأناقة السعودية والجو المكيف، على أن يعمل بضعف المرتب تحت مواصفات أخرى.

بناء على ذلك نستنتج أن الرأي السائد عند أغلب رجال الأعمال هو أن المستخدم السعودي بمواصفاته الحالية أضعف وأفشل حلقة في التنمية. هنا أريد إبداء استغرابي الشخصي لرفض العامل والموظف السعودي لتسمية مستخدم، وهو رفض واجهته مرارا من الباحث عن العمل حيث يتم الاعتراض على هذا المصطلح لأنه لا يريد أن يسمى مستخدما، بل موظفا مكتبيا أو مهنيا أو أي مسمى له علاقة بطبيعة عمله، لكن ليس مستخدما. العقدة النفسية تجاه العمل لصالح طرف آخر تتضح بالفعل من رفض المصطلح، إلا أن تكون جهة العمل وزارة الخدمة المدنية، أي الحكومة. الواقع الفعلي بحكم علاقة التعاقد بين الطرفين هو أن من يعمل لطرف آخر، حكومي أو خاص يقع ضمنيا تحت مسمى مستخدم، سواء كان في الخدمة المدنية أو العسكرية أو المهنية أو أي علاقة عمل أخرى. إشكالية الرفض تعود إلى أن العقلية الاجتماعية السعودية تربط غريزيا بين كلمتي مستخدم والعمل كخادم أو خادمة، وتعتبر ذلك ضمن العيب الاجتماعي حتى لو اضطر الشخص للبقاء عاطلا يحصل على قوته من الشحاذة المقنعة.

بالمواصفات الرخوة والمرنة جداً للعمل عند الحكومة، من هو المغفل الذي سوف يستمر في القطاع الخاص ولا يقفز فجأة ودون سابق إنذار من ذلك القطاع إلى أول فرصة عمل حكومي عند أول فرصة تلوح في الأفق.

وصلت بعد ممانعات شديدة ومحاولات انتصاف لابن الوطن، إلى الاقتناع بأن العامل والموظف والمستخدم السعودي هو فعلا بهذه المواصفات التي يتفق عليها أغلب رجال الأعمال. لهذا السبب انتقلت مضطرا إلى مرحلة أخرى من مراحل النظر في مشاكل البطالة السعودية وضعف الإنتاجية واستحواذ العنصر الأجنبي على الوظائف والأعمال والأموال. أصبحت أطلب من كل رجل أعمال سعودي أتحدث معه أن يفكر مع زملائه التجار والصناعيين وكبار الملاك لماذا أصبح الإنسان السعودي بهذه المواصفات والمفاهيم الضعيفة والفاشلة في مجال التنمية الوطنية.

ما زال في الذاكرة لمن هم فوق سن الخمسين أن السعودي كان، وما أن يبتعد قليلا عن مراقبة جماعته وحمولته ومعارفه (في شركة أرامكو أو مشاريع الألبان في الخرج أو تعبيد الطرق عند ابن لادن أو مد أنابيب التابلاين على سبيل الأمثلة)، أن هذا السعودي كان يقبل ودون تردد بأي عمل، نجاراً أو قصاباً أو سمكرياً أو ميكانيكياً أو كناساً أو سفرجياً، ما دام العمل يضمن له كسباً شريفاً يستغني به عن الآخرين. بتلك المواصفات القديمة للإنسان السعودي قامت شركة أرامكو وسكة الحديد والكوفنكو والتابلاين والمشاريع الزراعية والألبان في الخرج والري والصرف في الهفوف، وتمت سفلتة الطرق وبناء الدوائر الحكومية القديمة، وكان ذلك مشروطا بساعات عمل طويلة جدا أثناء شهور القيظ وزمهرير الشتاء. لم يكن السعودي يصر على الاحتفاظ بثوبه وشماغه وعقاله أثناء العمل بل كان يعمل حاسر الرأس مشمر الذراعين.

يا أصحاب الحل والعقد والشورى والمشورة ومتسنمي الواجهات الرسمية والغرف التجارية ويا أساتذة علوم الاجتماع وعلوم النفس، هلا نظرتم لنا بموضوعية عن الأسباب التي أحدثت هذه النقلة السلبية في مفاهيم العمل والإنتاجية، ولماذا أصبح طموح الشاب السعودي يتمحور حول الحصول على عمل في إحدى الدوائر الحكومية؟.

بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك أقدم التهنئة بعيد سعيد للقراء الكرام ولكل الوطن بكافة مكوناته، كما أطلب الاعتذار عن التوقف للزاويتين القادمتين بمناسبة العيد مع الوعد باستئناف الكتابة بعد تلك الفترة وكل عام وأنتم بخير.

- الرياض
 

إلى الأمام
رأي رجال الأعمال في المستخدم السعودي
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة