ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 26/10/2012 Issue 14638 14638 الجمعة 10 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدت يا عيدُ

بما مضى أمْ بأمْرٍ فيك تجديدُ

استوقفتني كثيراً كلمات هذا البيت من القصيدة الشعرية التي صاغها مالئ الدنيا وشاغل الناس فقلت: وما أشبه اليوم بالأمس لو كان شاعرُنا العربي أبو الطيب المتنبي معاصراً للهموم والآلام التي يرزح تحت وطأتها وجدان الأمة العربية وما تعانيه من فرقةٍ وانقسام وفصامٍ وانفصام عن الذات والهوية لبكى مترحماً على قصيدته تلك والتي هجا فيها كافور الأخشيدي الذي كان وصياً على الحاكم الفعلي لمصر لكنه استأثر بالحكم لنفسه...

فجاء المتنبي إلى بلاطه متقرّباً ومادحاً ظناً منه أنه سينال الحظوة من المال والمكان عند الأخشيدي.. وعندما خاب أمله في ذلك ولم يتحقق له ما ترنو إليه نفسه قال فيه قصائد هجاء ومنها القصيدة التي مطلعها:

عيدٌ بأيةِ حالٍ عدت يا عيدُ

بما مضى أمْ بأمرٍ فيك تجديدُ

وفي حاضرنا الحالي... وفي ظل ما تمرُ به الشعوب العربية من أوضاعٍ يندى لها جبين الإنسانية... ومع بزوغ فجر العيد لا غرابة أن يُردد هذا البيت الذي خُلِد في ذاكرتنا منذ الصغر.. فبأي حالٍ عدت يا عيدُ وأمة العرب باتت لقمة طرية يمضغُها المتعجرفون كيفما شاءوا... بأي حالٍ عدت وأمة العرب قد سرى في حناياها الصدام والخصام وتربص بها اللئام... وفقدت عزتها وكرامتها وسيادتها التي سادت يوم اعتلت سلم المجد والحضارة في يومٍ من الأيام أوَ ليست هي الأمة التي اختارها الله لتكون خيرَ أمةٍ أخرِجت للناس؟ يأتي العيد وحال لسان الشعوب العربية هو: بأي حالٍ عدت يا عيدُ ونحن في حالة تشتت وفوضى وتناحرٍ وتنافر.. تتجاذبنا أشكال متغايرة من حالات الضعف والهوان على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى غرق حاضرنا في مهاوي التيه نتيجة عدم إدراكنا للواقع المؤلم الذي صنعته أيدينا وبدل أن نُخمِد مكامن جذوة كل صراع متأجج ينتج.. نجد أنفسنا نزيد من سكب الزيت لتزداد تأججاً واشتعالاً وللأسف صدق من قال: نحن أمة ضحكت من جهلِها الأممُ.. يأتي عيدٌ... وعيدٌ وعيد وأمة العرب في أسوأ حالاتها تنام على فجيعة وتستيقظ على فجيعة.. قتلٌ واغتيالات.. استبدادٌ وظلمٌ وقهرٌ... انفجاراتٌ تدمر مدناً وقرى وأشلاءٌ بشرية تتناثر... ودماءُ أبرياء لا ذنب لهم تُغرِق المدن والشوارع والطرقات... صراخٌ وتلاسن.. وشتمٌ وسباب على طاولات الحوار.. اتفاقٌ اليوم ونقضٌ للاتفاق غداً وهكذا دواليك بات الإنسان العربي يخطئ وهو يُحصي عدد هذه الفواجع والمآسي فيكرر تعدادها مرات ومرات... فإلى متى يظل الإنسان العربي يئن ويتوجع من رياح عبثٍ فتته وشتتت وعي إنسانيته وغَيَّبَت عن أوطانه نعمة الأمن والاستقرار، غيبت الطمأنينة الوادعة والسلام الذي تهفو إليه قلوب الشعوب لتهنأ بظلاله الوارفة؟ ومتى يا عيد تستشعر الشعوب العربية الفرح والابتهاج فيك؟ أما آن الأوان لهذه الشعوب أن تنتظر بزوغ فجر العيد لستنشق نسائمَ عزةٍ وكرامة... وحراكٍ يدب في بقاع أوطانِها لتحقيق طموحاتها وآمالها بعيداً عن هواجس الخوف وهالات الفزع...؟

zakia-hj1@hotmail.com
 

عود على بدء
وما أشبه اليوم بالأمس
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة