ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 31/10/2012 Issue 14643 14643 الاربعاء 15 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

رحمَ الله سيدتي الجميلة (جدتي لأمي) كانت ذات شخصية مميزة، لم تكن متعلمة عدا بضع سور حفظتها من القرآن عن ظهر غيب لترددها في صلاتها، إضافة إلى بعض قصص الأنبياء، ورغم ذلك كانت هاوية لسرد القصص شفاهة، مذ عرفت نفسي، في بكارة طفولتي، وأنا أستمع إلى قصصها كلما حلَّ المساء وألقى علينا الليل وشاحه الساحر وغرقنا في لحظات من السكينة والهدوء، ونحن في أشد حالات اللهفة والتأمل بدأت تحكي لنا حكاية أو أكثر، نصغي إليها باهتمام غالباً ونحن نتمدد على الأرض ونتقي صلابتها بسجادة أو ما يشابهها، وربما كان حظ أحدنا جيداً فتوسد ركبة أمه أو خالته أو إحدى قريباتها الكبيرات، أتذكر إحدى حكاياتها تقول فيها إن امرأة شابة كانت في عمر الزواج وأنها وقفت في منزلها تطل من نافذة ما على الطريق فترى القادمين من سوق المدينة، وقد وقفت بجانبها رفيقتها وربما خادمتها، كانت ترى رجالاً عابرين وكلما عبر رجل علقت بصوت هامس «هذا بسبب زوجته»!.

فقد ترى رجلاً أنيقاً بثياب نظيفة مرتبة فتقول هذا بسبب زوجته! وقد ترى عكس ذلك رجلاً بثياب مهلهلة، غير أنيقة، ربما تكون مجعدة، تنقصها النظافة فتكرر العبارة ذاتها.. ثم يتواصل سرد الحكاية التي ترتكز على هذا المعنى (إن المرأة هي سبب صلاح الرجل أو عدمه).

بمعنى أنها هي التي تصنعه وتعيد صقله وبناءه من جديد بذكائها وحكمتها وربما يحدث عكس ذلك، فقد تكون غبية، لا تهش ولا تبش، باردة تعيسة فتزيده تعاسة وتكون سبباً في تدهور حاله.. هذه الحكاية صحيحة إلى حد ما باعتبارها جزءاً من تراث قديم قد لا يتفق في كثير من أجزائه مع العقل والمنطق، وربما يمكن تطبيقها على مجتمع بسيط غير متعلم لكن من الصعب تطبيقها الآن، في عصرنا هذا!

أوردت هذه الحكاية كي أقول إنه للأسف وفي عصرنا هذا الذي تغيَّر فيه كل شيء حولنا بشكل جذري ولا يزال التغيير مستمراً إلا أن البعض لا يزال يحتفظ بمفاهيم قديمة وسيئة حول قضية الزواج، وحول ذلك حدّث ولا حرج.

على سبيل المثال: يلجأ الكثير من الشباب والشابات إلى التمثيل على بعضهم البعض في فترة الخطوبة وإلى تصنُّع ما ليس فيهم، وبعضهم إمعاناً في التمثيل والادعاء ولكي لا يبدو مكشوفاً أمام الطرف الآخر يتجنب الحوار معه في فترة الخطوبة! يحدث ذلك من كليهما وربما أحدهما أملاً في أن يتم إتمام الزواج وحسب الذي هو الهدف الأساس، وبعد ذلك لكل حادث حديث، لابد لهما من أن تتقارب أفكارهما، ولعل أحدهما يستطيع تغيير السلوك غير المناسب الذي يتصف به الآخر، والحقيقة أن السلوك الإنساني هو من أصعب العناصر القابلة للتغيير بعد فترة من البلوغ، هذا ما لم يكن الإنسان ذاته على استعداد للتعلم ولتطوير ذاته، وللحديث بقية.

 

فجرٌ آخر
«إذا الليل أضواني»!
فوزية الجار الله

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة