ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 01/11/2012 Issue 14644 14644 الخميس 16 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مما لا يسرّني تلك الرسائل التي تردني عبر قنوات التقنية المتعددة، كالتي تحمل صورة وردة أو منظراً طبيعياً وما إن تفتح الصورة إلا ويظهر لك على سبيل المثال رجل أسود اللون، في ملامحه خشونة ظروفه الحياتية وفي عينيه فاقة الجوع الذي يلف تلك الأصقاع والأدغال، هذه المفاجأة تجلب لي شعوراً عكسياً بأن هذا الإنسان ليس مجالاً للتفكه والتندر عليه، هو إنسان قست عليه ظروف الزمن وليس بإرادته أن يكون بهذا اللون وتلك الحالة، هل يمكن لأي منا أن يختار شكله وعرقه وجنسه، إذاً ما المبرر لنا أن نستخدم صور هؤلاء البشر في ما يعد تعدياً على حقوقهم الإنسانية وخصوصياتهم، وهل نقبل أن يجعلنا أحد هؤلاء وسيلة للضحك والفكاهة على حساب مشاعرنا؟ ثم إن ذلكم مما يندرج في الاستهزاء بخلق الله جلَّ شأنه، يروى في القصص أن نبياً أو رجلاً صالحاً رأى كلباً لم يعجبه شكله ومنظره، فقال ما معناه:

ما أقبح هذا الكلب! فأرسل الله له ملكاً قال له: إن الله يأمرك أن تخلق كلباً أجمل منه، فأناب الرجل وثاب إلى رشده، وقصة أخرى حين كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته يحفرون الخندق حول المدينة المنورة في معركة الأحزاب، إذ قال أحدهم لأخيه في لحظة غلبه فيها التعب والمشقة والجوع (يا ابن السوداء)، فكان ما كان من رجوع الصحابي إلى الحق واعتذاره من صاحبه، بل إنه وضع خده على الأرض وطلب ممن أهانه أن يضع حذاءه على الخد الآخر ويدوس على رأسه إنصافاً له وإمعاناً بالاعتذار عن كلمة فلتت من عقالها، ولأنه بشر يخطئ لكنه صالح سارع للاعتذار من الله ورسوله والصحابة أجمعين وترك لنا درساً مهماً في حسن الخلق وعدم التكبر عن الاعتذار والرجوع للحق.

وهكذا فإن ازدراء الجنس واللون والعرق من أبشع صور المهانة والاحتقار الذي تنفثه بعض الأنفس المتغطرسة عمداً وتكبراً، أو التي نشأت في بيئة لم تكن تستنكر هذه البذاءات، بل من جهلها تبتسم لمن يمارس هذه السطحية والسذاجة في التعامل مع إخوانه البشر، وذلك كحالة مدير مسؤول كان أحياناً يداعب موظفاً أسمر اللون في إدارته بكلمة (الكور) وهي تعني العبد، وكان الموظف يحسن الظن ويبتسم، إلى أن تطوّع زميلان فأوضحا للمدير مدى الحرج الذي يسببه للشاب اللطيف، فما كان منه إلا أن اعتذر منه كوالد حنون وأخذ بخاطره.

وهنا تبرز كلمات نعتاد تداولها بحسن نيّة وعفوية ربما استمراء للجهل بالآثار النفسية المترتبة عليها للمتلقي لها، ومن ذلك حينما ننعت الوالد أو الوالدة بالشايب والعجوز فهي في سلم الآداب تعدّ نابية في حقهم فهناك بدائل جميلة يمكن أن نمنحها لهم كأوسمة وفاء وتقدير، ومثله الذي يدخل إلى قريب أو صديق كبير السن زائراً له فيبادر قائلاً يزعم أنه يلاطفه: يا الله حسن الخاتمة، هذه قذيفة حيّة وليست تحية، ويمكن الانتباه لكلمات مماثلة تجاه من نتعامل معهم في المنزل والعمل أو حتى في الشارع كقولنا: معاقين، خدامه، فراش، مستخدم، الأجانب، فهناك بدائل لكل مفردة تقرّب القلوب وتحبّب الناس بنا ولن تنقص من قيمنا ولا كرامتنا.

t@alialkhuzaim
 

بدائل وصور أجمل
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة