ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 09/11/2012 Issue 14652 14652 الجمعة 24 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

وقــــفت أمــام إشــارة المــرور الحمراء ملتزمـــــــا بالنظام كغيري من العشرات الواقفـــــين بســياراتهم. كان عدد المركبات كبيرا وأثناء لحظات الانتظار قفز أحد الشباب المتهور بسيارته الوانيت الصغيرة فوق الرصيف ليعبر للمسار الآخر هروبا من الإشارة. بالمناسبة وقت الانتظار لا يتعدى الدقيقة، وفي هذا الوقت الذي يراه المنضبطون قصيرا تجاوز الإشارة الحمراء ثلاثة متهورين، بينما انهمك بعض السائقين أمام الإشارة الحمراء بتصفح الإنترنت وإجراء المكالمات وكتابة الرسائل النصية من خلال هواتفهم المحمولة وكأنهم يجلسون في مقهى أو استراحة أو مكشات، حتى أن الإشارة الخضراء أضاءت ومازال أصحاب الهواتف منشغلين بما في أيديهم ومتسمرين في أماكنهم ولم يتحركوا إلا على أصوات منبهات السيارات. كانت المنطقة المحيطة بالإشارة خالية تماماً من دوريات المرور ومن كاميرات ساهر، لذلك لم يكن للنظام أي احترام أو حتى أدنى مستوى من الاعتبار، بل إن مجموعة تجاوزات كثيرة حدثت خلال دقيقة وعند إشارة واحدة لذا ليس غريبا أن تسجل المملكة العربية السعودية أعلى معدلات حوادث في العالم بواقع عشرين حالة يومياً في الوقت الذي يكلف فيه علاج المصابين في تلك الحوادث 150 مليون ريال سنويا، حسب ما نشر موقع الجزيرة أون لاين.

تحركنا لنتجاوز الإشارة الخضراء في زمن قياسي وبعد مسافة كيلومتر واحد فقط أوقفتنا إشارة حمراء أخرى، التفت إلي صاحبي الجالس بجانبي وقال بنبرة حادة ساخطة “يا كثر إشارات هالديرة” وكأني أنا من وضعهم أو المتسبب في كثرتهم! رددت عليه فوراً “هون عليك ولا تهون يا صاحبي” المطبات الصناعية في كل شارع تجد عشر مطبات كسرت ظهور الناس وعظامهم وأصابت سياراتهم بالتخلخل، سألني وما سبب كثرة المطبات قلت له بالتأكيد العجز عن تطبيق النظام ومطاردة المراهقين وباب يجيك منه الريح سده واستريح! فالنظام كان غائباً عند الإشارة الأولى وشاهدنا سوء الأوضاع! أما عند الإشارة الثانية فالوضع مختلف تماماً كنت أتحدث مع صاحبي بينما كان الهدوء يلف المكان، فلا تجاوزات ولا قطع إشارة كان الجميع في حالة انضباط كاملة، والمركبات التي تنوي الانعطاف تقف ثواني قبل أن تنعطف باتجاه اليمين، عشت ثواني وكأني في حلم جميل. استغربت هذه المفارقة بين إشارتين وفي مسافة لا تتجاوز الكيلومتر، ظننت أني قد دخلت في دولة أخرى، وما أن رفعت رأسي حتى زال استغرابي تماماً عندما شاهدت كاميرات ساهر تحيط بالإشارة من كل مكان، ضحكت قبل أن يشدني صاحبي المزعج ويسألني بفضول لماذا تضحك؟ قلت له هل شاهدت المفارقة بين الإشارتين؟ قال نعم ثم أردف هذا ناتج عن قلة التوعية، وبدأ يفلسف الموضوع وأننا لم نتعود على الانضباط والالتزام لا في المدارس ولا الأسواق ولا البيوت، قلت له هذا الكلام صحيح لكن التوعية ليست الوسيلة الناجعة دائماً، قال كيف؟ أجبته.. التوعية تصلح حين التعامل مع الفئات التي تتمتع بوعي عال، لذلك وجدنا المنضبطين عند الإشارة الأولى رغم أنها دون كاميرات لأن مستوى وعيهم عال، وقليلو الوعي هم من استغلوا عدم وجود الكاميرات في الإشارة الأولى، لذلك أوقفهم النظام الصارم عند حدهم في الإشارة الثانية.

إنه النظام يا عزيزي الذي لو طبق بعين واحدة في كل الأحوال فلن نجد من يتجاوز ويؤذي خلق الله ويسيء للذوق العام، فتطبيق النظام يعوّد غير الشطار على الانضباط.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15
 

مسارات
انضباط بقوة النظام
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة