ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 14/11/2012 Issue 14657 14657 الاربعاء 29 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في مشهد مروّع -ليس بجديد- تصطحب الطالبة العاملة المنزلية، إلى المدرسة أو الجامعة، وتبقى العاملة في ساعات انتظار خصوصًا في ممرات الجامعات المكشوفة للشمس الحارقة صيفا، وهزيز الهواء البارد شتاءً. وأخص بحديثي جامعات البنات لأنها المكان الأكثر انتشارات لهذه الظاهرة المفزعة، والتي تتطلب جهوداً تربوية منزلية ومؤسساتية لمحاربتها، أضف إلى ذلك أن هذا المشهد الذي يتنافى مع أبجديات حقوق الإنسان، يحتاج إلى رصد وتوثيق بعد جولة من عضوات جمعية حقوق الإنسان إلى عدد من الجامعات، مع أنني متأكدة أن معظم عضوات الجمعية قد شاهدن هذا التصرف اللا إنساني، فمعظمهن أكاديميات وأستاذات جامعيات، لذا من المهم أن يتم بعد الرصد والتوثيق إرفاق ما يحدث ضمن التقرير السنوي في الفصل الخاص بحقوق المرأة، أو حقوق العاملات المنزليات، وذلك حسب تصنيف فصول التقرير، بحثا عن علاج وحل، وإن كان الحل قد يكون سريعا بإصدار تعميم من إدارات الجامعات بمنع دخول العاملات المنزليات إلى داخل الجامعة، إلا أن هذا الحل بنظري لا يعتبر -وحده- كافيًا، لأن هذه القضية تحتاج إلى علاج جذور فكرية، وتوعية إنسانية، وكنت آمل من المؤسسات الوطنية الحقوقية أن يكون لها إسهام في هذا الجانب التوعوي، عن طريق مطويات تثقيفية، ومحاضرات وورش عمل تقوم بها عضوات المؤسسات الحقوقية لطالبات المدارس والجامعات، فهذه المبادئ وهذه القيم بنشرها والعمل على إيضاحها هي من صميم تعاليم ديننا الإسلامي، ومن أبجديات المبادئ الإنسانية والأخلاقية، وتعميمها أهم بكثير من التركيز القائم في الأنشطة المدرسية أو الجامعية على شكل المرأة وعباءتها، وتلك التعاليم التي تشربناها منذ أيام ثورة الكاسيت المخيفة، والتي تستمر على خجل في بعض المحافل والأنشطة التعليمية ولن تزيدنا إلا تراجعًا، لأنها تعاليم سطحية، نتجرّع مراراتها اليوم، والفكر المجتمعي المتأخر هو من يدفع الثمن. وثقافة اصطحاب العاملات المنزليات وتركهن بهذه الصورة المؤلمة، الخالية من الرأفة والرحمة هي أحد أشكال تأخر الفكر المجتمعي!

إن التقليل من الآخرين، وإساءة معاملتهم، بقصد أو دون قصد، هو مسؤولية الأسرة من جهة، والخطاب المجتمعي من جهة ثانية، فأجزم لو أننا استعرضنا المواضيع التي يتم تداولها وطرحها عبر المحاضرات في الجامعات أو ضمن الأنشطة اللا صفية في المدارس، سنجد أنها لا تزيد عن أصابع اليد، هذا من ناحية الخطاب المؤسساتي أو المجتمعي. أما من ناحية الأسرة فلو كانت تلك الطالبة ترى والدتها تتعامل باحترام -تام- مع تلك العاملة المنزلية «المغتربة» لما تجرأت على إهانتها بتركها تنتظر بالساعات في الممرات العارية، وكل هذا لتحمل العباية وتقوم بطيها وفلها للفتاة! ما هذا العجز؟ ما هذه التربية؟ أظن لو كل موظفة في الجامعة شاهدت مثل هذا المنظر وقامت بتوبيخها ونهرها بصوت يعيد لها توازن أخلاقها، لما تجرأت الفتاة على استخدام العاملة لهذه المهمة «الحقيرة» وهذه العاملة المسكينة جاءت لتكابد من أجل لقمة العيش، ولتحقيق أحلامها البسيطة في وطنها.

أنا على ثقة، أنا معظم الطالبات اللاتي يتعاملن بهذه الطريقة مع العاملات وعدم الشعور بألم مرافقة العاملة للطالبة في الجامعة، والطالبة تجلس في قاعة مكيفة صيفا، مدفأة شتاءً، وتلك المسكينة في الخارج تنتظر الفتاة لتعطيها العباية! والغريب أن الطالبة بكامل صحتها وقواها، بمعنى أن وظيفة طي العباية وفتحها ولبسها، ليست بالأمر الصعب، كما أن الطالبة لو كانت من ذوي الاحتياجات الخاصة، فلن نلومها، أما بكامل صحتها، فاللوم على إدارات الجامعات التي تسمح بهكذا مهازل، واللوم على تخاذل الجهات الحقوقية التي نعوّل عليها في طمس مثل هذه التصرفات من ذاكرة ثقافة المجتمع!

www.salmogren.net
 

مطر الكلمات
إهانة العاملة المنزلية من عباءة الطالبة الجامعية
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة