ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 21/11/2012 Issue 14664 14664 الاربعاء 07 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من بين الندوات التي عقدها منتدى عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية في الجوف والغاط في سنواته الماضية، يأتي لقاء هذا العام سهلاً في اختيار موضوعه، يُسراً في انتقاء الشخصية المكرّمة، وزاد هذا اليسر بهاءً أن جاء اقتراحُ الموضوع من أحد أبناء منطقة الجوف النجباء، فما كان المنتدى ليتردّد في اختيار الموضوع وهو يدرك أن البلاد بوجه عام ومنطقة الجوف بوجه خاص، تؤكّد البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، وهي تختزن على ظهرها وفي جوفها أعرقَ مستودع أثري في الجزيرة العربية، يُقدره الأثريون بآلاف السنين، إذ تدل الحفريات والشواهد على أن دومة الجندل كانت أحد مواطن حضارة الأشوريين منذ القرن العاشر قبل الميلاد، وعهد البابليين منذ القرن السادس قبل الميلاد، أما الشويحطية فيعدّها الباحثون أقدم المستوطنات البشرية في غرب آسيا منذ العصر الحجري القديم، حيث يُقدّر تاريخها بمليون عام على عهدة الرواة.

وما كان لهيئة المنتدى أن تتردد أيضاً في إقرار العنوان الفرعي للندوة في مجال الآثار (إنقاذ ما يمكن إنقاذه) وهي تعلم أننا ربما تأخرنا كثيراً في الاكتشاف والتنقيب والحفريات والدراسات، بل وفي حماية الآثار واسترداد ما نُهب منها عبر القرون، وأننا سائرون كذلك ببطء في عرض ما تم اكتشافه في متاحف المناطق، وفي تنظيم المحميّات الأثرية وصونها وتوفير المرافق وتيسير وصول المواطنين والسواح والدارسين إليها.

في هذا المنتدى، تتكاشف مجموعة من أميز المتحاورين والمؤرخين والباحثين حول وضع الآثار، وتبثّ الشويحطية ودومة الجندل ومدائن صالح وجواثا والأخدود والربَذَة والفاو وغيرها شكواها وآمالها وتطلعاتها من خلال كلمات صريحة وأفكار صادقة، ينقلها المنتدى للمسؤولين كعادته بعد كل دورة.

وفي هذه المناسبة أيضاً، يكون للجوف ولهذا المنتدى، سبقُ تكريم عالم وطني هو الدكتور عبدالرحمن الأنصاري، كرّس حياته لاستكمال ما بدأه علماؤنا الأوائل، وأسس في الجامعة أكاديمية حديثة لعلم الآثار، وقاد حملات علمية وطنية منظمة للتنقيب حتى اقترنت الفاو باسمه، وأسهم إسهاماً مميّزاً ومقدّراً في خدمة آثارالجوف بخاصة من خلال بحوثه، وعبر تنظيم ندوات أدوماتو ومجلتها الدورية التي تصدر عن مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، وأثرى المكتبة السعودية والعربية بالعشرات من المؤلّفات والأبحاث، لعل من آخرها تلك السلسلة التي تتبّع فيها قرىً ظاهرة على طريق قوافل البخور المعروف بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، صدر منها أحد عشر كتاباً بمختلف اللغات، من بينها كتابه عن الجوف الصادر عام 2008 م، وقد تتوّجت تلك السلسلة بالآية الكريمة {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ }سبأ18.

وكان للأنصاري تفنيد مستقل للعديد من الروايات الشعبية المتوارثة المتصلة بالآثار في شمال الجزيرة العربية وجنوبها، حتى صار اليوم مرجعاً معتبراً لعلم الآثار، يؤخذ برأيه بكثير من التسليم والاحترام، وسنداً علميّاً لهيئة السياحة والآثار في عملها المعرفي والتوثيقي والثقافي.

غَرَفَ الدكتور الأنصاري أساسيّات العلوم الشرعية من مَعين والده محمد الطيب الأنصاري المدرّس في الحرم النبوي الشريف، وتلقّى تعليمه المبكّر في مدارس المدينة المنورة، وتأثّر بمنهج ابن عمته العلامة الموسوعي عبدالقدوس الأنصاري، ثم صار قيّماً على إرثه وبخاصة مجلة المنهل التي صدرت قبل ثمانين عاماً في المدينة المنوّرة، ودرس اللغة العربية في جامعة القاهرة، ثم أكمل الدكتوراه في التاريخ في جامعة ليدز (1966م)، وكان من الدفعات الجامعية المبكرة التي عادت تحمل الدكتوراه، وكوّنت نواة التدريس في الجامعات السعودية.

واليوم إذ يكرّم منتدى عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية هذاالعَلَمَ العلمي البارز، فإن الأنصاري في الواقع، أهل للتكريم في أكثر من صعيد، ويكفي أن يُقال إن «شيخ المتقاعدين» لم يُلقِ عصا الترحال بتقاعده، بل ظل يسير في الأرض بهمّة، يحمل عصاه بأفضل ما يكون عليه التقاعد من نشاط ذهني وبحثي، حيث يشارك في العديد من المجالس واللجان والنشاط الاجتماعي والاستشاري والخيري، وأسس بمجرّد تفرّغه من عضويّة مجلس الشورى عام 1999م دار القوافل للبحث والنشر في ميدان الدراسات التاريخية والحضارية والأثرية، التي أصدرت حتى الآن ما يزيد على عشرين كتاباً وعشرات المطويّات التعريفية في مجال تخصّصها.

وبهذه الندوة، يجتاز منتدى عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية دورته السادسة، ضمن فعاليات تُعقد سنويّاً بالتناوب بين الجوف والغاط، وهو - أي المنتدى - أكثر سروراً بالتجاوب الكبير الذي يحظى به على مستوى المملكة، وبالتفاعل الذي يلمسه من المجتمع الثقافي، وبالقبول الذي يحسّه من المواطنين والمسؤولين كافة، ولا يسعه اليوم إلا أن يتقدّم بالشكر لكم لحضوركم، وللمشاركين حهودهم، وللمسهمين في التحضير له إتقانهم، ونسأل الله أن يحفظ هذه البلاد، ويصون لها وحدتها، وأن يديم عليها نعمة الأمن والاستقرار والرخاء.

aalshobaily@gmail.com
 

الشخصيّة المُكرّمة في ندوة الآثار
عبد الرحمن الشبيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة