ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 22/11/2012 Issue 14665 14665 الخميس 08 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية
نافذة الجوف الثقافية على العالمين الداخلي والخارجي

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أعده - محمود الرمحي:

تعود جذور مؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية التي تم تأسيسها بأمر ملكي عام 1403هـ/ 1983م إلى ما قبل ذلك التاريخ بعقدين من الزمان، حيث كانت البداية بمكتبة عامة أنشأها معالي المؤسس الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري، يرحمه الله، أمير منطقة الجوف السابق في مدينة سكاكا عام 1383هـ/ 1963م سعيا منه للمساهمة في نشر الوعي والعلم والثقافة بين أبناء منطقة الجوف (شمال غرب المملكة العربية السعودية).

ولقد أصبحت هذه المكتبة المعروفة حاليا باسم - دار الجوف للعلوم - صرحا علميا وثقافيا متميزاً في المنطقة.. ونافذة ثقافية رحبة تطل بها الجوف على العالمين الداخلي والخارجي..

ونظرا للدور التنموي الذي تقوم به المؤسسة في المنطقة وقرب انعقاد منتدى الأمير عبد الرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية في دورته السادسة. فقد قمنا بعمل هذا الاستطلاع لمعرفة أثر الدور التنموي الذي تقوم به هذه المؤسسة في نفوس أبناء منطقة الجوف.

ويتحدث الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد عن علاقته بمؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية فيقول: بدأت علاقتي مع مؤسسة عبد الرحمن السديري في فترة مبكرة، وذلك بعد إنشاء مكتبة الثقافة العامة بالجوف مباشرة، وهي المكتبة التي كانت النواة الأولى للمؤسسة. وقد تأسست المكتبة في مدينة سكاكا عام 1383هـ - 1963م، عندما كنت تلميذاً في المرحلة الابتدائية، وبدأت أتردد عليها بشكل منتظم منذ حوالي عام 1965- 1966م، عندما انتقلت إلى المرحلة المتوسطة. وقد أشرت إلى هذه العلاقة المبكرة في الكتاب الذي حرره الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشبيلي بعنوان «عبد الرحمن بن أحمد السديري أمير الجوف» الصادر عام 1428هـ/ 2007م، فذكرت أن اهتماماتي الثقافية في ذلك الوقت قد وجدت متنفساً لها في تلك المكتبة التي كانت تقع غربي المدرسة الجنوبية (العزيزية لاحقاً) في صالة ملاصقة للمستشفى. وقد اكتشفت المكتبة عندما كنت أذهب إلى مكتب البريد الواقع قبالة المستشفى بجوار مبنى الإمارة والمسجد الجامع.

دخلت المكتبة للمرة الأولى، وكان أمينها في ذلك الوقت الأستاذ محمد بدرالذي كان يدرس اللغة الإنجليزية، فاكتشفت عالما مبهراً من الكتب والمجلات والصحف، وصرت منذ ذلك الوقت أتردد عليها بصفة مستمرة حتى تخرجت من المدرسة الثانوية وغادرت الجوف. وقد تعاقب على أمانة المكتبة كل من الأستاذ عبد العزيز أبو هلال، والأستاذ علي بلال الدرعان، خلال الفترة التي كنت أتردد فيها عليها.

كانت تتكون من صالة واحدة، تتوسطها طاولات مستطيلة تحيط بها رفوف الكتب، وفي ركن من الصالة يوجد مكتب أمين المكتبة، لا يفصله فاصل عن رواد المكتبة.

أهم ما جذبني إلى المكتبة الروايات والقصص والصحف، فعلى الرغم من وجود مكتبة منزلية لدى الوالد، تحتوي على بعض إصدارات سلسلة روايات الهلال، وبعض الدواوين الشعرية والمجموعات القصصية، والكتب الأخرى، وعلى الرغم من أن الكثير من الصحف والمجلات كان يصل إلى الوالد بانتظام، بحكم اهتماماته الصحفية والأدبية، مثل مَجلتَيْ المنهل وقافلة الزيت وغيرهما، إلا أن محتويات مكتبة الثقافة العامة كانت بالنسبة لي تمثل كنوزا ثقافية كبرى، وقد قرأت الكثير من الروايات والقصص التي تضمها الرفوف، والتي لم تكن متاحة في المنطقة آنذاك.

أذكر أن المكتبة كانت تحتوي على سلسلة من الأعمال الروائية الكلاسيكية المبسطة للقراء الناشئين، مكتوبة بلغة إنجليزية ميسرة، ومن تلك الأعمال كتب «مارك توين» التي قرأت منها في ذلك الوقت «مغامرات توم سوير» و»مغامرات هاكلبري فن»، مستعينا بقاموس صغير من إعداد إلياس إلياس، وكنت لكثرة ترددي على المكتبة أقيم علاقات جيدة مع أمنائها وبسرعة؛ مما أعطاني بعض الامتيازات كاستعارة الكتب دون أي إجراء.

أما الصحف فكانت متعتي الكبرى، لأن بعضها لم يكن متاحا في الأسواق لدينا في ذلك الوقت، فلم يكن في سكاكا إلا مكتبة تجارية واحدة، ولم تكن توفر الصحف بانتظام، وكانت الصحف تأتي في الغالب عن طريق الاشتراكات في الدوائر الحكومية.

أعتقد أنني وجيلاً كاملاً ممن كانوا في سنِّي- ندين بالشكر لتلك المكتبة لإسهامها في تشكيل اهتماماتنا الثقافية وتنميتها، وقد كانت المكتبة بالنسبة لبعض الزملاء المصدر الوحيد للكتب والصحف والمجلات، كما كانت بمثابة ملتقىً للتعارف بين من يجمعهم حب القراءة والاهتمامات الثقافية.

من تلك المكتبة الصغيرة - والتي كانت تبدو في عيوننا كبيرة جدا- انطلقت دار الجوف للعلوم، وقد أنشأ عبد الرحمن السديري مؤسسة خيرية كاملة عام 1403هـ -1983م لتتولى إدارة الدار وتمويلها، إضافة إلى الأنشطة الثقافية والخيرية الأخرى في المنطقة.

تتمثل أهداف تلك المؤسسة - كما ورد في المادة الثانية من نظامها الأساسي- في الآتي:

1- إدارة المكتبة الواقعة في سكاكا الجوف التي أنشأها المؤسس عام1383هـ، والمعروفة باسم (دار الجوف للعلوم)، والعمل على تطوير خدماتها لجعلها مركزاً للبحث العلمي والأدبي، تتوافر فيه وسائل الدراسة والأبحاث العصرية، قادراً على المساهمة في هذا المجال على مستوى المملكة والدول العربية المجاورة.

2- العمل على حفظ التراث الأدبي والأثري في منطقة الجوف وإنشاء متحف لهذا الخصوص، والقيام بدعم الدراسات ونشر المعلومات المتعلقة بالمنطقة.

3- الإسهام في دعم النهضة العلمية في منطقة الجوف، والعمل في كل ما من شأنه رفع مستوى الفرد فيها ثقافيا وصحيا واجتماعيا واقتصاديا.

4- إنشاء مجلة شهرية في منطقة الجوف وفقا للنظام.

5- إنشاء دار للحضانة، وروضة للأطفال، ومسجد جامع، ومستشفى في مقر مؤسسة الدار في سكاكا.

6- العمل على إحياء (أسبوع الجوف) في وقت مناسب من كل سنة، وإقامة سباق الهجن ومسابقة المزارعين ومعرض سجاد الجوف، وهي النشاطات التي بدأها مؤسس الدار منذ عام1385هـ.

وتعد دار الجوف للعلوم من المكتبات العامة الريادية على مستوى المملكة، حيث أقامت قسما للنساء يماثل القسم المخصص للرجال، فأسهمت في نشر الوعي والثقافة بين جميع شرائح المجتمع في المنطقة. وتحتوي على ما يزيد على مائة وخمسين ألف كتاب متاحة للقراء والقارئات، وعلى قسم للدوريات يضم أكثر من مائتين وخمسين دورية، بالإضافة إلى أوعية معلوماتية متنوعة ومخطوطات ووثائق وطوابع ونقود قديمة ووسائل سمعية وبصرية كالأفلام والأشرطة وغيرها.

وقد بدأت الدار في إتاحة خدمة الانترنت لروادها منذ عام 1417هـ- 19997م فكانت السبّاقة في هذا المجال، فخدمت بها فئاتٍ واسعةٍ من أفراد المجتمع المحلي.

ومنذ إنشاء هذه المؤسسة وهي تمارس العديد من الفعاليات الثقافية سواء في مجال النشر أو الأنشطة المنبرية أو الأسابيع الثقافية.

وقد عرفت المؤسسة بالتميز النوعي في أنشطتها الثقافية، حيث شهدت قاعة المحاضرات في المؤسسة العديد من المحاضرات والندوات والأمسيات التي أحدثت صدىً واسعاً على مستوى المملكة، شارك فيها نخبة من ألمع مثقفي المملكة ومثقفاتها، بالإضافة إلى بعض مفكري العالم العربي.

وقد كان للمؤسسة ريادة مشهودة في تسليط الضوء على بعض القضايا الساخنة على الساحة الثقافية السعودية والعربية، وتناقلت الصحافة الأدبية نشاطاتها، وعرضت في ملاحقها الثقافية ما كان يجري في منتديات المؤسسة من نقاش بين رموز التيارات الثقافية المتباينة في المملكة.

ويعتبر أسبوع الجوف الثقافي من الأنشطة الثقافية المميزة التي ظلت المؤسسة تقيمه على مواسم عديدة، ويشمل هذا الأسبوع عدداً من الفعاليات كالندوات والمحاضرات والفنون الشعبية وغيرها، ويتم خلال ذلك دعوة ضيوف من خارج المنطقة للحضور والمشاركة، بالإضافة إلى أهالي المنطقة والمقيمين فيها من مختلف الجنسيات.

وفي مجال النشر كان للمؤسسة تأثير مباشر وكبير على الساحة الثقافية، وقد أحدثت أنشطة النشر نقلة نوعية في الحياة الثقافية بمنطقة الجوف، حيث قامت بنشر بعض الكتب والدراسات عن المنطقة. وفي مقدمتها الكتاب المرجعي الهام «الجوف - وادي النفاخ» للأميرعبدالرحمن بن أحمد السديري الذي صدر منه حتى الآن طبعتان، واحدة باللغة العربية وأخرى باللغة الانجليزية. وقد استمرت المؤسسة في إصدار المطبوعات، وتبلور هذا التوجه بإنشاء هيئة تشرف على برنامج متكامل للنشر مكون من جزأين : يركز الأول على نشر الدراسات والإبداعات الأدبية، وتتمثل مجالاته في الدراسات التي تتناول منطقة الجوف، وكذلك الإبداعات الأدبية والدراسات المقدمة من أبناء وبنات المنطقة. وتتولى المؤسسة دفع جميع تكاليف الطباعة والتوزيع، فضلا عن مكافأة مالية مناسبة لصاحب العمل.

أما الجزء الثاني فيركز على دعم البحوث والرسائل العلمية المتعلقة بمنطقة الجوف، ويشمل البحوث الأكاديمية والرسائل العلمية المقدمة إلى الجامعات والمراكز البحثية والعلمية، وكذلك البحوث الفردية وتلك المرتبطة بمؤسسات غير أكاديمية، ويخضع برنامج النشر للتحكيم، حيث يقوم متخصصون بتحكيم المادة المقدمة للنشر وإجازتها..

ورغم وجود هيئة للنشر مكونة من بعض أساتذة الجامعات.. إلا أن قبول تمويل أي مادة ونشرها يعتمد على ما يقدره المحكمون المتخصصون في الحقل الذي تدخل تلك المادة في إطاره، وفق التقاليد العلمية المتعارف عليها في الأوساط الأكاديمية. بما في ذلك عدم معرفة المحكمين اسم صاحب العمل المعروض للتحكيم، مما يضمن الحيادية العلمية وتحقيق المستوى المطلوب من الرصانة والجودة في الأعمال التي تنشرها المؤسسة.

وقد صدر عن المؤسسة حتى الآن عدد من الكتب في مجال الشعر والقصة والآثار والاقتصاد والعلوم والتاريخ والتدريب وأدب الأطفال، كما قدمت التمويل لإجراء بحوث ميدانية عن المنطلقة لبعض أساتذة الجامعات، ولدى المؤسسة خطة طموحة للتوسع في النشر وفي دعم البحوث والرسائل العلمية.

ولم يتوقف دور المؤسسة على نشر الكتب، وإنما أضافت إلى ذلك نشر المطبوعات الدورية، فقد أصدرت المؤسسة عام1411هـ -1991م دورية ثقافية باسم «الجوبه» تحتوي على مقالات متنوعة في شتى الحقول إضافة إلى نشر المحاضرات والندوات التي تقيمها المؤسسة. وفور صدور» الجوبه» أصبحت ملتقىً لأقلام العديد من الكتاب من داخل المنطقة وخارجها، حيث استقطبت بعض الأقلام البارزة في مختلف الحقول والتخصصات، وقد استأنفت هذه الدورية الصدور مؤخرا بعد أن كانت قد توقفت للمراجعة والتطوير.

وفي عام 1420هـ (يناير 2000م) أصدرت المؤسسة مجلة آثارية باسم «أدوماتو» (الاسم القديم لدومة الجندل)، وهي مجلة نصف سنوية محكمة تعنى بآثار الوطن العربي، يرأس تحريرها عالم الآثار السعودي الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصاري، وتضم هيئة استشارية من نحو عشرين عضوا من مختلف الجامعات العربية والأجنبية، وتحتوي على قسم للمقالات المكتوبة باللغة العربية وآخر باللغة الانجليزية، وقد استطاعت تحقيق شهرة واسعة في مجال الآثار داخل المملكة وخارجها رغم حداثة سنها.

وعندما يتأمل المرء فكرة هذه المؤسسة.. لا يملك إلا أن يتوقف عند بعض جوانب التفرد التي ميزتها، وفي مقدمتها الجوانب الثلاثة التالية:

1- توظيف فكرة «الوقف» في تدبير الموارد المالية المستديمة للإنفاق على المؤسسة،وهي فكرة معروفة في تاريخنا الإسلامي، لكنها غير مطبقة على نطاق واسع في المؤسسات الخيرية والثقافية إلا في السنوات الأخيرة. وقد كانت المؤسسة سباقة في هذا المجال عندما أنشأت بعض المرافق التي تدرُّ دخلا منتظما يتم الإنفاق منه على أنشطة المؤسسة.

2- اختيار الجانب الثقافي كمجال رئيس لعمل المؤسسة بدلاً من الأنماط الخيرية السائدة، التي غالبا ما تركز على أعمال الإحسان المباشرة التي تصب في الجانب الاستهلاكي من حياة الإنسان ن وهو - رغم أهميته - مجال مطروق تُعنى به مؤسسات خيرية كثيرة.

3- الاهتمام بالمرأة، وإتاحة الفرصة لها لممارسة الأنشطة الثقافية، سواء من خلال الندوات والمحاضرات، أو من خلال المكتبة النسائية التي وفرت لها المؤسسة الكتب والصحف والأوعية الثقافية المختلفة، كذلك من خلال استضافة الأسماء الثقافية النسائية البارزة من داخل المنطقة وخارجها.

إن ما أوجدته المؤسسة من تنمية ثقافية في منطلقة الجوف لا يقاس فحسب بعدد الكتب التي ضمتها رفوف دار الجوف للعلوم، ولا بعدد الكتب والدوريات التي أصدرتها، أو عدد الندوات والأمسيات والمهرجانات الثقافية التي نظمتها، وإنما أيضا بما يمكن تسميته «البيئة الثقافية» التي تكونت بفضل الجهود الكثيرة والمختلفة التي تقوم بها المؤسسة، وهو أثرٌ تراكمي يتشكل عبر الأجيال العديدة المتلاحقة التي استفادت من جهود المؤسسة، ثم أثرت في بيئتها المحلية بشكل مباشر وغير مباشر.

وعلى سبيل المثال، فإن استضافة رموز الثقافة والأدب والعلوم من السعوديين وغير السعوديين ودعوتهم إلى المنطقة كانت دائما تمثل فرصة عظيمة لأهالي المنطقة من محبي الثقافة والأدب والعلوم لصنع صداقات وعلاقات مستديمة مع هذه الرموز، وفي مناسبات كثيرة كانت تلك اللقاءات وسيلة لاستكتاب أبناء المنطقة وبناتها في مطبوعات تصدر خارج المنطقة يحررها بعض الذين قامت المؤسسة باستضافتهم، كما تمثلت « البيئة الثقافية» التي تشكلت على هامش أنشطة المؤسسة في علاقات تكونت بين مثقفي المنطقة أنفسهم، حيث أصبحت دار الجوف للعلوم حلقة الوصل التي تربط الكثيرين منهم يبعضهم بعضا من خلال اللقاءات التي تتم في رحابها وما يجري من نقاشات في قضايا الثقافة والفكر وتبادل الكتب والمطبوعات والأعمال الأدبية والعلمية.

ولا شك أن هذه الغاية هي ما كان مؤسسها يسعى إلى تحقيقها عندما أنشأ المؤسسة الخيرية، وجعل دار الجوف للعلوم حجر الزاوية فيها، بهذا يمكن القول : إن الأهداف التي سعت المؤسسة إلى تحقيقها، من خلال نظامها الذي حدد تلك الأهداف، قد تحققت إلى حد كبير وأعطت ثمارها المباركة في مجال التنمية الثقافية في منطقة الجوف، بل إن دائرة التأثير الايجابي تجاوزت حدود المنطقة لتشمل الساحة الثقافية السعودية بمجملها.

وتحت عنوان (بيت الثقافة) يقول مدير مكتب جريدة الرياض ودار أصوات للنشر بمنطقة الجوف الأستاذ فارس الروضان: حين كانت الأندية الأدبية حلما يراود كل أبناء المملكة.. كانت الجوف دون غيرها تنعم بوافر من الحظ.. وتسبح في بحر عظيم من الثقافة مما جعلها قدوة لكل الحالمين في ميادين الثقافة..

هذا التميز لم يكن ليكون لولا الله ثم البادرة الشجاعة التي أقدم عليها الأمير عبدالرحمن السديري غفر الله له بإطلاق الحلم الثقافي الفريد عبر دار الجوف للعلوم..

فقد كان لرؤيته الثاقبة رحمه الله دور كبير في إنشاء أول بيت بهذا المستوى ليس على مستوى الجوف فحسب، بل على مستوى المملكة وربما العالم العربي..

فإنشاء مكتبة بهذا الحجم بقسمين متكاملين للرجال وآخر للنساء تضم في جنباتها جميع المراجع بكافة العلوم، عمل يستحق أن يتوقف عنده الكثير..

مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية استثمرت في العقول وحافظت على إرث الجوف الثقافي والتراثي.. وكنت كواحد من أبناء الجوف أشعر بالفخر العظيم لوجود هذه المؤسسة العملاقة التي قدمتنا للعالم بصورة أنيقة، وساعدتنا في خوض منافسات الثقافة في كافة الميادين..

لازلت وفي كل مرة يأتي الحديث عن المهرجانات أستذكر ذلك العمل الجبار والدقيق حد الإبهار والمتمثل بتنظيم المؤسسة لأسبوع الجوف الثقافي العظيم..

لقد كان أكتوبر بالنسبة لنا وهو الشهر الذي كان يحتضن الأسبوع شهراً للفرح والعمل.. خلاله كان الجوفيون على موعد مع عرس ثقافي تحدث عنه القاصي والداني..

الكرم الثقافي الذي قدمه أمير الجوف السابق عبدالرحمن السديري رحمه الله ظل إلى يومنا هذا نوراً يضيء دروب الثقافة، وسيظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها، بفضل التفاني الكبير والعمل المخلص والمعطاء من قبل أبناء الأمير عبدالرحمن السديري حفظهم الله جميعاً..

وختاماً.. أقول.. رغم كثرة بيوت الثقافة الآن.. إلا أن لدار الجوف للعلوم نكهة العود العتيق المترع بعذب الطيب وأصالته والذي يزيده الزمن قيمة وعذوبة..

وتتحدث الأستاذة بسمة بنت محمود المدني - مستشارة مدير التعليم بمنطقة الجوف عن دور المؤسسة التنموي فتقول: ما من أحد ينكر الدور الريادي والتنموي لمؤسسة عبد الرحمن السديري في منطقة الجوف المتمثل في مكتبتها العامة التي تعتبر النافذة الثقافية المشعة التي تطل بها المنطقة على العالمين الداخلي والخارجي.. وقد كان للمؤسسة قصب السبق في إنشاء أول مكتبة نسائية على مستوى المملكة إدراكا من المؤسس لما للفتاة وثقافتها من أهمية في بناء المجتمع القويم.. ناهيك عن مدارسها المتألقة والتي هي بحق لؤلؤة تعليمية تضم المئات من أبناء وبنات المنطقة بمختلف المراحل التعليمية.. أما مسجدها الذي يتسع لألفين وخمسمائة مصلٍّ.. فقد بُني على أحدث الطرز المعمارية الإسلامية، تعلوه مئذنتان شاهقتان في الارتفاع هما أول ما يشاهده زائرُ سكاكا من الجهة الجنوبية، ويتميز المسجد بتبريد طبيعي يقوم على استخدام أبراج التبريد،ويعد أول جامع على مستوى العالم يتم تبريده بهذا الأسلوب، ولذا أصبح مقصدا للباحثين للاطلاع على هذه التجربة الفريدة ودراستها.. وقريبا منه يتربع فندق النزل الذي تم افتتاحه عام 1995م، وهو أكثر من فندق..إذ يمثل معلما حضاريا رائعا بتصميمه وردهاته الواسعة ذات الأسقف الشفافة.

أراد المؤسس أن يكون للمؤسسة دور فاعل في خدمة منطقة الجوف في مجالات أخرى كالاسهام في حفظ التراث الأدبي والأثري في المنطقة ودعم الدراسات ونشر المعلومات المتعلقة بها والسعي لإنشاء مجلة شهرية فكانت الجوبه وأدوماتو.

وتسعى إدارة المؤسسة جاهدة لتكون في مستوى تطلعات مؤسسها وتحقيق بعض طموحاته.. وإني لمتأكدة من أن عمل المؤسسة ليس له نهاية وتطلعاتها لا حدود لها..

رحم الله المؤسس وأسكنه فسيح جناته.

ويقول الدكتور جميل بن موسى الحميدعميد المكتبات بجامعة الجوف: تعتبر مؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية من المؤسسات الثقافية الهامة في منطقة الجوف خاصة وفي المملكة العربية السعودية بشكل عام. فهذه المؤسسة ممثلة بدار الجوف للعلوم هي بحق المنبر الثقافي الأبرز على مدى عقود طويلة في خدمة أبناء المنطقة وضيوفها في توفير مناخ علمي ثقافي من خلال مكتباتها المتميزة التي تفتح أبوابها للصغار والكبار من الجنسين بما فيها من مصادر ثقافية وتعليمية متميزة، يقوم على خدمتهم فيها أناس متخصصون في علوم المكتبات والمعلومات.

كما أن للمؤسسة نشاطاً نوعياً في مجال دعم أبناء وبنات المنطقة، يتمثل في ابتعاث المتميزين منهم لأعرق الجامعات العالمية وفي تخصصات نوعية، حيث تم ابتعاث عدد من المتفوقين علمياً لإكمال دراستهم الجامعية وفوق الجامعية لأبرز الجامعات الأمريكية والعالمية، ومنهم من عاد بعد تحقيق ذلك الهدف ليسهم في خدمة المنطقة والوطن.

النشر العلمي لأبناء وبنات المنطقة كان من أهم ركائز وقيم المؤسسة الثقافية. وطباعة الإنتاج العلمي لأبناء المنطقة سمة واضحة من سمات الدعم الثقافي، حيث ترحب المؤسسة وتشجعهم على نشر ما لديهم من إنتاج علمي يرقى لمستوى النشر وفقاً للمعايير العلمية.

لاشك أن دور مؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية الثقافي بالجوف واضح المعالم كبير التأثير على أبناء المنطقة من الجنسين، وهو دور كان من شأنه توفير مناخ علمي ثقافي يسهم في رقي وتطوير الإنسان في هذه المنطقة، في وقت كان الإنسان فيه يتعطش لمثل هذه البيئات في كثير من بلدان العالم.

فالشكر والعرفان لمؤسسها الأمير الراحل عبد الرحمن بن أحمد السديري يرحمه الله، والشكر موصول لأبنائه البررة الذين واصلوا المسيرة ودعموها، لتؤدي دورها الذي أنشئت من أجله منذ عقود. وفقهم الله وأعانهم ووفق كل من يعمل لاستمرار عمل هذه المؤسسة الثقافية العملاقة.

وفي المجال التنموي للمؤسسة يقول مدير مشروع الري والصرف سابقا وعضو المجلس البلدي لأمانة منطقة الجوف حاليا المهندس عبد الله مسلم البراهيم: التنمية لا تحدث محض الصدفة، والإنسان - مجتمعا في عقله وفكره ومساهمته- هو حجر الزاوية فيها..وهو محرك العجلة، وعطاؤه بمثابة الماء الذي يجعلها تمضي دون توقف..وهو المستثمر الأول والأخير فيها..إنها معادلة منه وإليه، فهو مفاصلها ومنشئ تفاصيلها.

ومن هذا المنطلق بدأت مؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية دورها الريادي في التنمية في منطقة الجوف. حيث كانت بجماعتها التي تمثل الجسد الواحد يدا واحدا في بناء صرحٍ تعليميٍّ ثقافيٍّ بمختلف مراحله ووجهاته.. فكانت مكتبتها-0 بقسميها رجالاً ونساءً- عامرة نابضة زاخرة بمختلف الكتب والمراجع، وكانت النافذة التي أطلت بها المنطقة على العالمين الداخلي والخارجي، ناهيك عن مدارسها المتميزة التي تضم المئات من أبنائها وبناتها، وتعمل بجد واجتهاد لإيجاد جيلٍ متعلمٍ واعٍ، يثق بنفسه ويعتمد عليها. إضافة إلى مسجدها الرائع المتميز البناء بمآذنه الشاهقة.. وفندقها - فندق النزل - الذي هو أكثر من فندق.. حيث الراحة والاستجمام لزائري المنطقة..

وقد عملت المؤسسة على استقطاب العديد من الكتاب والأكاديميين من أبناء المنطقة وخارجها، وفي كافة المجالات، مغذية بهم المجتمع تعليمياً وثقافياً وقد تَمَثَّلَ نتاجهم في عدد من المجلات والإصدارات الثقافية الخاصة بهم..

ولم تقف المؤسسة عند هذا الحد، ولأنها لا تؤمن بالمصادفة.. بل بتناغم الجهود وبسواعد أبنائها.. فقد شاركت في العديد من المهرجانات المحلية التي تقام في المنطقة.

كما أن لها دوراً متناميا جداً في تجذير الثقافة فقد أقامت العديد من الندوات والمحاضرات والأمسيات والمنتديات التي تدعو من خلالها إلى نهج الحوار وتعميق الهوية الإسلامية والعربية، وإبراز العديد من بناة المجتمع الذين ساهموا في ترسيخ ذاكرة وطنية عالية.

ويسجل للمؤسسة دورها المتميز على مستوى المملكة في توثيق ورصد ونشركل ما يتعلق بمنطقة الجوف تاريخياً وثقافياً وأثارياً.

وفي ذلك يقول الدكتور نايف بن صالح المعيقل عميد كلية الصيدلة - جامعة الجوف: تقوم مؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية منذ تأسيسها عام 1403هـ - 1982م، وقبل ذلك من خلال المكتبة العامة التي أنشئت عام 1383هـ/ 1963م بنشر الوعي والعلم والثقافة بين أبناء منطقة الجوف, وقد استفدت شخصياً ومنذ صغري من تلك المكتبة التي كانت تقع غرب المدرسة الجنوبية سابقاً (الملك عبد العزيز الابتدائية حاليا)، حيث تتوفر الصحف والمجلات التي كانت تفتقر إليها مدينة سكاكا آنذاك، إضافة إلى الكتب والمراجع في شتى مجالات العلوم والمعارف والكتب الثقافية المختلفة، وكانت محطة متميزة لاستثمار وقت الفراغ لدى الشباب في ذلك الوقت.

وقد تعدى دور المؤسسة الحالي ذلك بكثير، لكونها تمتلك مكتبة ضخمة متميزة تحتوي العديد من الكتب والمراجع والدوريات، وأسجل لها هنا مساهمتها في توفير كل ما يحتاجه الدارسون والباحثون من مصادر بحثية، ولازالت تسهم في تنمية الوعي وإثراء الثقافة في المنطقة.

لا شك أن المؤسسة تمارس دوراً ريادياً في المنطقة، وستظل كذلك معلماً بارزاً فيها من خلال ما قدمته وتقدمه من فعاليات كأسبوع الجوف والندوات المتخصصة التي تخدم التنمية المحلية، وتعريف العديد من رجالات الدولة -من خلال مشاركتهم بأنشطتها - على معالم منطقة الجوف التاريخية والسياحية والعمرانية والزراعية وغيرها, مما كان له الأثر في عكس الوجه الحضاري والتنموي التي تشهده المنطقة في كافة المجالات، حيث أسست جامعة الجوف عام 1426هـ وأقيم العديد من المشاريع الصحية والتعليمية والاقتصادية.

كما تتميز المؤسسة بميزة نوعية فريدة يجدر ذكرها، وهي دعم الباحثين ومشاريعهم البحثية التي تخص المنطقة مما ساهم في التركيز على العديد من الموضوعات التي تخدم المنطقة كالصحة والتعليم والآثار والبيئة وغيرها.

ولا نملك هنا إلا أن ندعو لمؤسسها الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري بالرحمة والمغفرة، وان يجعل هذا العمل في موازين حسناته ويجزيه خير الجزاء , كما لا نملك إلا الشكر والتقدير لأبنائه -حفظهم الله جميعاً- على استمرار الدور الريادي المتميز للمؤسسة وما تقدمه من أنشطه وندوات ومؤتمرات وورش عمل تخدم الأغراض التنموية للمنطقة.وبالله التوفيق.

أما الأستاذ ابراهيم خليف المسلم مدير التعليم بمنطقة الجوف ورئيس الشئون البلدية والقروية سابقا ورجل الأعمال حاليا فيقول: صرح ثقافي عملاق.ومن المآثر الخالدة لمعالي الأمير عبد الرحمن السديري، ومن معطيات هممه العالية، وتفانيه في خدمة أمته ووطنه.. ينظر الجميع إليه على أنه من الأعمال الريادية أو الأولى من نوعها في هذا الوطن الكبير، والذي كان له قصب السبق في إنشاء أول مكتبة نسائية على مستوى المملكة، اهتماما بالمرأة ونظرة المؤسس الثاقبة إليها ودورها في بناء المجتمع..مكتبة فريدة تزخر بما لا يقل عن مائة وخمسين ألف كتاب ومر جع، وتمثل منهلا لأصحاب البحوث والطلبة ورواد الثقافة من داخل المنطقة وخارجها.. إضافة إلى الصحف والمجلات التي يحتويها قسم الدوريات فيها.

وللمؤسسة قصب السبق في إحداث المكتبة الرقمية وتقديم خدمة الانترنت وتمكين الباحثين من الوصول إلى مبتغاهم، واستقطاب الدارسين ومساعدتهم في إنجاز أبحاثهم ودراساتهم من خزائن المكتبات العامة داخل المملكة وخارجها.

ومع التقدير والعرفان لما تقدمه هذه المؤسسة العريقة لمنطقة الجوف، فإننا نتطلع إلى أن يتبنى مجلسها الموقر تطوير برامجها وأهدافها بحيث تشمل إنشاء كليات جامعية متخصصة كخطوة أولى على طريق التحول إلى جامعة أهلية تقنية وعلمية في المنطقة تحمل اسم المؤسس وتليق بهذه الدار ومؤسسها يرحمه الله.

وفي (مؤسسة السديري.. ومفهوم العمل التطوعي الثقافي) تقول الشاعرة والقاصة والكاتبة وطالبة الماجستير الأستاذة ملاك الخالدي من الجوف: يرتبط العمل الخيري في ذهنية أي فردٍ بالبُعد المادي، وهو بُعدٌ مهم لكنه غير استراتيجي بلا شك، حيثُ إن قصره في هذا النطاق هو اجتزاء للمفهوم الخيري المتكامل الذي يتجاوز البُعد البيولوجي إلى أبعادٍ أهم وأعمق وأكثر جدوى.

وهذا ما قامت به مؤسسة الأمير عبدالرحمن السديري الخيرية في منطقة الجوف بعبقرية نادرة قبل ثلاثة عقود في بقعة طرفية جغرافياً من الوطن، فلقد تجاوزت المفهوم النسقي السائد إلى مفهوم حديث جداً ومتطور وفعّال، حين أسست وانخرطت في العمل الثقافي ضمن أجندتها الخيرية عبر إنشاء مكتبة عامة، وإصدار مطبوعاتٍ ثقافية، والشروع في إقامة الأنشطة الثقافية والتعليمية التي تطورت بشكلٍ كمي ونوعي ملحوظ مؤخراً.

ما كان له أشد الأثر والتأثير في ذهن وقلب أي فردٍ جوفي، وبالأخص أولئك المهتمين من جيل آبائنا الذين كانوا يتطلعون لأن يقرؤوا جريدة أو كتابا يروون به ظمأهم للمعرفة والاطلاع.

ولعل المطّلع على راهن منطقة الجوف يعلم بعدم وجود مكتبة تجارية متخصصة بالكتب والإصدارات الثقافية، إلا أن هذا الأمر على فداحته ليس ذا أهمية كبيرة في الوقت الحالي مع الانفجار التقني الذي وضع الكتاب الإلكتروني بين يدي القارئ، كما أن معارض الكتب التي تقام في الجغرافيات المجاورة كلها خففت من وطأة غياب المكتبات التجارية المتخصصة بالإصدارات الثقافية، إضافةً إلى وجود أضخم مكتبة في منطقة الجوف وهي مكتبة مؤسسة الأمير عبدالرحمن السديري الخيرية، ولعل القارئ لهذه السطور سيقف على المفارقة العجيبة في قيام أول مكتبة عامة قبل ثلاثة عقود بينما لا نجد حتى الآن مكتبة تجارية عامة واحدة سوى قرطاسيات تعرض بعض الكتب الدينية أو الاجتماعية المتداولة، وهذا ما يؤكد على البُعد الإسترايجي والمتجاوز لزمنه الذي انطلقت منه مؤسسة السديري الخيرية.

ولعلني أضيف على ذلك هو وجود فرع نسائي لهذه المكتبة، وهنا نقرأ مرةً أخرى التجاوز الإيجابي الخلاق في مفهوم البناء الثقافي المجتمعي.

وأذكر أنني وقبل سنواتٍ خلت كنتُ أكافئ نفسي بعد أي إنجازٍ دراسي في الذهاب للقسم النسائي لمكتبة الأمير عبد الرحمن السديري لأقرأ وأمتع عقلي بأمهات الفكر والأدب، وأمتع نفسي بمنظر الكتب الكثيرة المتراصة، وأستمتعُ أكثر وأن أعي روعة التنوع الثقافي والفكري لهذه الكتب، فلقد كانت تضم كتباً في جميع التخصصات ولجميع الكتّاب والمفكرين باختلافهم الفكري والثقافي والجغرافي بالإضافة لوجود قسم متخصص بالكتب الإنجليزية.. وهنا نقرأ للمرة الثالثة التجاوز الثقافي في أرقى صوره.

لذا لاشك في أن مؤسسة الأمير عبدالرحمن السديري الخيرية تمثّل علامة فارقة في العمل التطوعي الثقافي، حيثُ أسست لمفهوم تطوعي ثقافي جديد متجاوز زمناً وفكراً، وشرعت به قبل عقود.. فنجحت بامتياز، ومازالت مسيرة النجاحات مستمرة بإذن الله.

وتحت عنوان (المؤسسة الفاعلة المباركة) يقول وكيل جامعة الإمام لشؤون الطالبات الأستاذ الدكتور أحمد بن عبدالله السالم: عندما نتحدث عن مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، إنما نتحدث عن كتلةٍ من الخدمات الإنسانية تقدمها هذه المؤسسة الخيرية المتميزة، وبرغم أن مسارب الخير في هذه المؤسسة متعددة الوجوه ما بين إنسانية واجتماعية وثقافية، وباعتباري عضواً في جمعية المؤسسة العمومية، فإن من أهم الجوانب الثقافية التي عملت المؤسسة على تعزيزها والرقي بها إنشاء مكتبة دار الجوف للعلوم ذات النشاط المنبريّ المتميز الذي يفوق الأندية الأدبية - ذات التخصص في هذا الشأن - سعةً وعمقاً، من خلال ما يقدَّم على منبرها من مؤتمراتٍ وندواتٍ وأمسيات شعرية ومحاضرات علميةٍ وثقافيةٍ. وتستقطب لهذه المناشط نخبة من رجال العلم والفكر والثقافة طيلة أيّام العام.

ولا ننسى ما قدمته وتقدّْمه مدارس الرحمانية من خدمةٍ لأبناء المنطقة من خلال كادرٍ تدريسي متميز من المعلمين السعوديين وغيرهم من الدول الشقيقة، مما ميَّزَ خريجيها عن غيرهم في التحصيل العلمي والثقافي.

وإذا ما نظرنا إلى المكتبة المركزية التي تحويها دار الجوف للعلوم في المؤسسة أدركنا مدى الاهتمام الذي توليه المؤسسة للكتاب، وتوفير الكتب اللازمة لأبناء المنطقة لمواصلة تعليمهم والارتقاء بثقافتهم.

أما أسبوع الجوف الثقافي الذي أقامته المؤسسة أعواما متتالية، فقد كان علامة بارزة ميزت منطقة الجوف عن غيرها بما وفد إلى هذا الأسبوع من رجال الفكر والثقافة والأدب من المسئولين من مختلف مؤسسات البلاد، هذا الأسبوع الثّريُّ بما قدمه من ندوات ومحاضرات ومسابقات.

ويطيب لي أن أختم هذا الحديث الموجز بجائزة عبد الرحمن السديري للمتفوقين علمياً من أبناء المنطقة في كلِّ عام دراسي وإرسال المتفوقين لإكمال الدراسة في أعرق جامعات العالم.

جزى الله مؤسسها والقائمين عليها خير الجزاء إنه سميع مجيب.

وتحت عنوان (مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية.. وبناء فكر) كتب الأستاذ خليفة مفضي المسعر مدير عام فرع وزارة التجارة والصناعة سابقا: إذا كانت مراكز إشعاع العلم والمعرفة في كثير من بقاع العالم إن لم تحذف المشاكل الثقافية والمعرفية، فإنها حورت موقف الفرد... ومؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية ممثلة بسجل صرح المعرفة المتلاحقة- وفي مجالات شتى- للتنوير والثقافة، ومع تناول أنشطتها من حيث غرس المعرفة.. لهو العمل الأضخم الذي شهدته وتشهده منطقة الجوف.

ولعل الباحث يجد فيها ومن خلالها حافزا لتطوير المعرفة من خلال البحث فيما احتضنته من تلك المعارف والعلوم، ونقل الباحث من المعرفة إلى آفاق أرحب.

لقد اتجه مؤسسها - يرحمه الله - إلى تشخيص احتياج المنطقة لوضع ثقافة منهجية باعتبارها قضية حضارة أولاً وقبل كل شيء..

إن مشروع ابتعاث الطلبة المتفوقين للدراسة في الخارج وعلى حساب المؤسسة لَيمثل اقتدار المتطلعين للغد.. وفتح المكتبة بكافة تخصصات محتوياتها لكل من يريد أن ينهل من معينها المعرفي..وإصدارات الكتب، والتعامل السلس مع الجهات والأفراد في مجال أنشطتها، ومدارسها المتألقة في المنطقة.. تمثل كلها الخطوط العامة لمشروعة - يرحمه الله - كمظهر من المظاهر الأساسية لتأكيد المعرفة كمنشأة ذات أهداف سامية في عالم الضرورات، لفصل الترابط العضوي بين عالم الأشياء إلى عالم الأفكار، ليستوي اكتماله الاجتماعي..

ودار الجوف للعلوم بمنهجها أصبحت تؤثر على الأشياء.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة