ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 29/11/2012 Issue 14672 14672 الخميس 15 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا تغرنكم عصبية وانفعال إخواننا السودانيين فهم (في الغالب الأعم) طيبون وقلوبهم بيضاء ويتعاملون بنقاء وصدق، وفيهم نخوة وتعاون مع الآخرين، أما فيما بينهم فالمسألة ترتقي إلى الشيم والمروءة والقصص عنهم كثيرة ممتعة، انفعالهم وقتي لا يلبث أن يزول بكلمة طيبة مع ابتسامة، وإن عاسرتهم ولو في الكلام فإن وطيسهم سريع الاشتعال ولا ينطفئ بسهولة، بالأمس كان يسير بجانبي أحد الإخوة من السودان بعد خروجنا من المسجد فاتجه إلى رجل عرف بالزهد والعلم وأخذ يتحدث معه في أمر ما، فانصرفت إلى الجانب الآخر من الطريق، وبعد دقائق رأيته ينحرف باتجاه مساري وهو يهمهم ويتمتم ويبدو عليه انفعال مع وقار العقلاء، فهو حسب مشاهدتي له بالمسجد رزين متزن، سألته: ما بك يا زول؟ وهي كلمة فصيحة، قال: (الشيخ دا ما داير يفهمني إلاّ بالشّكل فسبته جاي) والمعنى أن هذا الشيخ لا يرغب بإجابتي عن سؤالي إلاّ بالنقاش الحاد لذلك تركته وانصرفت، وبعد محاورة بسيطة فهمت أنه سأل الشيخ عن أمر شرعي ليتأكد من الحكم، فأورد ضمن جوابه الآية الكريمة {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (آل عمران 106).. الآية، ليثبت في نفسه مدلول فتواه، غير أن (الزول الطيب) لم يعجبه هذا الطرح وعدّه خروجاً عن اللباقة، إذ إنهم للتو خرجوا من المسجد والمتحدث رجل فاضل ويرى أنه لا يليق به أن يحدثه بهذه الطريقة والتلميح غير المقبول في نظره، وألا مكان للهمز واللمز المنهي عنه، هكذا فسّر الرجل الطيب حديث الشيخ ورأى فيه تعريضاً بلون بشرته وأنه كان الأحرى به اختيار عبارات أفضل، دخلنا في حوار قصير حتى حان انصراف كل منا إلى جادته وهو يقنعني أن الأنسب لمن يريد توصيل معلومة أن يكون دقيقاً ويتلطف ويتحرى مواقع الاستجابة والقبول من الطرف المتلقي، وأضاف أنه على قناعة تامة بأن لون البشرة لا يمكن أن يكون حاجزاً بين البشر وأنهم جميعاً سواء أمام الله سبحانه، إلا أنه لا بد من مراعاة الشعور الاجتماعي السائد مع المخاطب.. هنا كانت لي فرصة ووقفة لتدبر معاني ومدلولات هذه الآية الكريمة، ولعلي أوفق لنقل ما فهمته مما قرأت:

ففي موسوعة النابلسي يقول: البشر بمللهم ونحلهم وأعراقهم وأجناسهم ونزعاتهم، في النهاية هم فريق يبيض وجهه فهو في رحمة الله، وفريق يسودّ وجهه وهو في نار جهنم، فالبياض كناية عن البشر والرضا، والسواد عن الهم والغم والقترة التي تعلو الوجوه البائسة، وقال أحد المفسرين على موقع (إسلام ويب) لعل البياض والسواد الذي يحصل يوم القيامة سببه ما يحصل للمؤمنين من الفرح والسرور، وما يحصل للفجار من الكفار من الاكتئاب والحزن، كما قال تعالى في الآيات 22, 24 سورة القيامة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ}، {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ}، وهنا تنبيه إلى أن بياض الوجوه في الآخرة وسوادها لا علاقة له بألوان الناس في الدنيا، فالتفاضل في الدنيا والآخرة بالإيمان والتقوى، وفي تفسير الطاهر بن عاشور: فإنهما بياض وسواد حقيقيان يوسم بهما المؤمن والكافر يوم القيامة وهما بياض وسواد خاصان لأن هذا من أحوال الآخرة.

t:@alialkhuzaim
 

الزول معصّب
علي الخزيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة