ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 01/12/2012 Issue 14674 14674 السبت 17 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

صدرت رسمياً عن مؤسسة النقد العربي السعودي ثلاثة أنظمة تنظِّم سوق الرهون والتمويلات، وبصورة معدلة جوهرياً عن صورتها التي تسربت بها بطريقة غير رسمية سابقاً، وصدرت مع صدورها الرسمي صدور لوائحها التنفيذية المفسرة لها. إصدار الأنظمة ولوائحها وإن كان بشكل رسمي إلا أنه ليس في موضع التنفيذ بل في موضع العرض على الناس؛ لأخذ آراء واعتراضات واقتراحات المختصين أو المهتمين، أو كل من له فكر يستطيع به المشاركة في تحسين هذه الأنظمة قبل اعتمادها تطبيقها للنفاذ رسمياً. وعمل مؤسسة النقد في نشر الأنظمة وطلب الآراء والاقتراحات من الناس هو سابقة حضارية في بلادنا، تدل على ثقة منشئها وإخلاصه وشفافيته وعلمه وحكمته وإدراكه بقصر الفكر الفردي عن الفكر الجماعي، وثقة منه بعقول رجال الوطن واحتراماً لها. كما أنه توزيع للمسؤولية بتبعيات الأنظمة. وبحكم تخصصي، فقد كتبتُ مقالات كثيرة مباشرة وغير مباشرة في المآخذ على الأنظمة التي تسربت بطريقة غير رسمية سابقاً، وعن وضع البنوك والتمويلات. كما كتبتُ الكثير في مجال التمويلات والضمانات ودور الحكومة والممول والمواطن في إيجاد سوق تمويلية عادلة وفعَّالة تبث روح الحياة في اقتصادنا الناشئ. فالتمويلات هي عصب الحياة الاقتصادية الحديثة ودمها الذي يغذيها ويحييها. ثم جاءت باكورة هذه الأنظمة في الأسبوع الماضي؛ فكانت فوق التوقعات في مهنيتها وعدالتها وشموليتها وتوازنها وموافقتها للثقافة المحلية في اختزالية رائعة مُبهرة، تدل على علم وخبرة وعدالة وإخلاص ومهارة من عمل على وضعها والإشراف عليها. الأنظمة الثلاثة بلوائحها التنفيذية عمل مُشرف؛ فأحببت أن أتقرَّب من الشرف فأشرف به عن طريق المشاركة فيه متطفلاً على صانعيه من مؤسسة النقد أو من خارجها؛ فقمت بشرحها على عجل شديد في خمسة أجزاء، ستنشرها صحيفتنا الجزيرة في خمسة أيام متتابعة، ابتداء من اليوم. فالتمويلات والرهن وشركات التمويل والسوق التمويلية ثقافة غريبة على مجتمعنا؛ فالمجتمع قد اعتاد أن يعتمد على الحكومة في كل شيء، وقد تشكَّل عنده فكر خاطئ في كثير من الأحيان عن سوق التمويلات وأثرها الاقتصادي الحيوي والعادل والإنتاجي في الاقتصاد الحديث. فلعل بشرحي هذا أن يتمكن بعض المهتمين من أهل العقول من غير ذوي الاختصاص من فهم معاني المواد ومراميها؛ فيشارك في تقديم الاقتراحات لمؤسسة النقد، وأن يتمكن أبناء الوطن - عند قراءتهم الأنظمة بشروحا - إدراك روعة هذه الأنظمة وعدالتها ومهنيتها، فيشكروا الملك الصالح، ويشكروا من تولى العمل على هذه الأنظمة، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

تطبيق لوائح هذه الأنظمة سيعمل على نشر ثقافة تمويلية متقدمة في البلاد، وسيقطع كل وسائل التحايل والتلاعب، وسينهي التعقيدات القانونية والقضائية التي كان لها دور في خلق الفجوات الاستغلالية. الأنظمة جاءت عادلة وحازمة للممول والمتمول، وحريصة على إبعاد كليهما عن المخاطرات والمغامرات. والمقام في مقالي هنا لا يتسع لإيراد شواهدي على شكري وحمدي اللذين خطيتهما هنا، لكن بعض هذه الشواهد مبينة في شرحي الذي أشرت إليه، وسأدع الحُكم بعد ذلك للقارئ المنصف الواعي غير المتحيز لأي طرف. وقد كنت أنادي بإنشاء هيئة حماية حقوق المستهلك المالية، ولكن بعد هذه الأنظمة أدركت أن هناك في مؤسسة النقد من هو أحرص وأغير مني على حقوق المواطن المالية.

إن هذه الأنظمة ستنشر الثقافة العادلة المهنية في سوق التمويلات والبنوك. والأنظمة سيكون لها آثار ثقافية إيجابية متعدية على المجتمع وعلى الاقتصاد وعلى السوق التمويلية. كما أتوقع أن تؤثر هذه الأنظمة في ربحية البنوك بالحق والعدل؛ بسبب العدالة مع المواطن، وبسبب فتح المنافسة الإيجابية التي ستخدم المجتمع كله.

لا شك أن لمعالي الدكتور فهد المبارك محافظ مؤسسة النقد دوراً استراتيجياً في صياغة الأنظمة وظهورها بهذا الشكل؛ فالأنظمة تحمل في طياتها علماً عميقاً وخبرة مهنية عالية في التمويل، ومعرفة دقيقة واعية ومدركة بحال السوق التمويلية اليوم، مع رؤية مستقبلية بعيدة تدرك آثار هذه الأنظمة على المجتمع السعودي الاقتصادي والسياسي والأخلاقي. لم نعرف فهد المبارك، ولم نسمع عنه إلا عند تعيينه، فأدركنا من هو بعمله لا بقوله. فهنيئاً لنا به، ولتسعد مؤسسة النقد به، ولنبارك للرجل المبارك، ولنشكر ولاة أمرنا عليه. بعض الرجال لهم نصيبٌ من أسمائهم، والدكتور فهد المبارك له نصيب كبير من اسمه؛ فهذه أولى بركاته التي ظهرت لنا؛ فنسأل الله أن يبارك له في علمه وصدقه مع ولاة الأمر وغيرته على وطنه وقومه، وأن يجعل المبارك مباركاً أينما حل. وقد رفع معالي المحافظ سقف التوقعات عالياً جداً في حقه بعمله المشرف هذا؛ فكل امرئ يُنظر إليه بقدر قدره وهمته. فالأمل في المبارك أن يصبر على تطبيق أهدافه النبيلة المباركة التي أظهرتها أنظمة الرهن. ولا يُعتبر بوحاً بالمسكوت عنه أن المبارك لن يسلم من المواجهة والمقاومة؛ فمجتمعنا بشر كغيرهم من المجتمعات البشرية جمعاء. وحال المبارك في صبره على المقاومة والمواجهة والعراقيل المتوقعة هي حال كل المخلصين الأكفاء في كل الأوطان. فحمل المسؤولية العامة تشريف وتوزير ثقيل، كتشريف الفرسان بتحميلهم الراية ثم تقديمهم في المهالك. والفارس يصبر ولا يستسلم حتى ولو علم أن قومه ربما سيرجمونه عند ترجله وعودته، فكم من فارس عاد من المهلكة وقد كُسرت رايته ليجد قومه وقد بسطوا له النطع لضرب عنقه، أو نصبوا له مشنقة أو مصقلة، وهؤلاء هم أبطال الأمم الحديثة الذين نحتاج إليهم عندنا.

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem
 

المسكوت عنه
لوائح الرهن العقاري وبركات المبارك
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة