ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 07/12/2012 Issue 14680 14680 الجمعة 23 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

العقل يملأ تجويف الرأس.. ولا ضجيج للعقول المفكرة.. والطبل يملأ تجويفه الهواء وما أكثر ضجيج الهواء!! وأكثر الطبول ضجة أكبرها فراغاً.. في إحدى قصص [كليلة ودمنة] يُصدَم الثعلب الجائع بأن الطبل المعلق على غصن شجرة في بستان والذي كان يسمع صداه فيُطرِب صوته العالي أذنيه كلما هزته الرياح كان فارغاً حين مزقه بأنيابه بعد أن انتظر طويلاً صابراً على جوعه ممنياً نفسه بوجبة دسمة.. خلاصة هذا الطبل الذي قارع بصخبه وضجيجه أذني الثعلب هو ذائقة تراثية ثقافية جسدها ابن المقفع بمقولة خالدة مفادها

[أفشلُ الأشياء أجهرُها صوتاً وأعظمُها جثة] حكمة.. والحكمة لا تموت.. تبقى تركة عامرة بالعلم والمعرفة.. وكنز لا يفنى ولا يبلى.. تختزل تجارب الآباء والأجداد وعظماء التاريخ بكلمات بسيطة.. كنهها عمقٌ وثراء.. بلاغة وعظة وإرث ثابت تتعاقبه الأجيال.. وكم من حكمة عكست عمق نظرة قائلها فبقيت ثابتة تتداولها العقول.. لأنها تمثل عراك الإنسان في الحياة أجمل تمثيل وتعطي صورة غنية واضحة عن حال الأمم والشعوب وتختزل ثقافة الإنسان وبيئته وواقعه المعاش.. بل إن منظومة الحروف التي تشكل عمق كلماتها قد يتجاوز الفهم الذي يغذي العقول ليصل إلى درجة الوعي بما هو وراء العلاقات الظاهرية والمظاهر الخارجية.. وعندما تقول الحكمة: الطبول الفارغة أكثر ضجة وجلبة فإنها حقيقة.. لا تقتصر على الماديات بل تتعداها إلى الإنسان ذاته فالفجوة بين فراغ الطبل وضجيجه.. هي أشبه بالفجوة الواسعة بين القول والفعل.. بين الفضيلة الصامتة وضجيج الطبول الجوفاء..

الحقيقة التي أردت أن أصل إليها من خلال هذه المقدمة.. هي أنه وللأسف الشديد بأن مجتمعنا لا يخلو من أولئك المطبلين الذين يعيشون بيننا نعاشرهم ونلتقي بهم وفي الوقت نفسه يعيشون على فجوة واسعة ما بين ضجيج عقولهم الخاوية وزخم أحاديثهم وشعاراتهم ومبادئهم وأفكارهم وسطحية عقولهم الثقافية والعلمية.. والأكثر أسفاً وأشد إيلاماً للنفس هو أن شهادات بعض أولئك المتشدقين ممن تداولت الأوساط الاجتماعية أسماءهم.. وكشفت عنهم فضاءات التغريد كانت شهادات مزورة فأساءوا بذلك لحرف [الدال] الذي تنافست جامعات غربية باطلة على توزيعه لكل الباحثين عن الصيت حتى ولو كان الطبل خاوياً.. هؤلاء يسقط السؤال أمامهم عندما نسأل: وما الفرق بين الحكمة واللغو..!!؟؟ نكتشف حينها أنهم قول بلا فعل كفقاعة نطلقها في الهواء ما تلبث أن تنفجر وتتلاشى.. أتعبوا أنفسهم كثيراً في سبك وتصفيف العبارات الرنانة فظهر خواء بواطنها.. أتمثل في هذا الصنف من الناس.. أسمع جعجعة ولا أرى طحناً..

وبما أن عمق الحكمة يشير إلى أن الفارغ أعلى ضجيجاً من الآخرين فإن ذلك يؤكده فضاءات التغريد.. ولعلي أقصد بذلك تغريداتٍ لبعض أولئك الذين طوعوا وسخروا هذه الفضاءات الجميلة لترويج بضاعتهم الباطلة من تهييج وتهريج وتجريح وإساءة.. وشر البلية ما يضحك أنهم يتخفون في جلابيب مستعارة.. وما بواطن بعض الجلابيب المستعارة إلا خواء.. هذا الصنف لم ولن نصفق له.. مهاتراتهم وأسلوبهم المنافي لمبادئ الذوق والاحترام.. وما يلوثون به فضاءات التغريد الرحبة يؤذينا قبل أن يؤذي من تربع في نواياهم.. والتصفيق لهم سيكون داءً يتفشى بين صفوفهم مما يزيدهم جعجعة وتطبيلاً. وصدق مالك حين قال: [لا يُؤخذ العلم من سفيه يُعلن السفه.. ولا من جُرب عليه الكذب].. وتبقى الحكمة حية لا تموت رسالتها تتعدى منظومة الحروف التي تشكل كلماتها..

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia
 

عود على بدء
أكثر الطبول ضجة.. أكبرها فراغاً !
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة