ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 07/12/2012 Issue 14680 14680 الجمعة 23 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

سنروح عن النفس في هذا المقال ونأتي على بعض قصص محمد بن أبي عامر فمع جهاده الدائم إلاّ أنه يستطيب الاستئناس بأصحابه ومن ذلك قصته مع أبي مروان ابن شهيد0 فقد عزم المنصور في يوم على الانفراد والراحة، فأمر بإحضار الأصحاب، وأحضر الوزير أبا مروان عبد الملك ابن شهيد، وأخذوا في شأنهم، فمر لهم يوم من الطيب لم يشهد، وألوان من اللهو لم تعهد، وسما الأمر حتى تصايح القوم وتزافنوا، ودار الدور، ثم انتهى إلى الوزير ابن شهيد، وكان لا يطيق القيام لنقرس كان يلازمه، فأقامه الوزير أبو عبد الله بن عياش، فارتجل الشيخ أبياتا، فقال:

هاكَ شيخاً قادهُ عُذْرٌ لكـا

قام في رقصتهِ مُستهلِكَـا

لم يُطِقْ يرْقُصُها مُسْتثْبِتاً

فانْثنَى يرقُصُها مُستمْسِكَا

عـاقهُ منْ هَزَّها مُعْتدلاً

نـِقْـرٍسٌ!ِ أنْحى عليهِ فاتَّكـَا

طَرِبَ اللهْو وقد حُقَّ لـهُ

طرَباَ أرْمَضَهُ حتى اشتكَا

من وزيـر فِيهِم رقَاصة

قامَ من طِيبٍ يُناغي مَلكَـا

أنا لو كُنتُ كما تعرِفُني

قُمتُ إجلالاً على رأسي لكَا

قهْقَهََ الابريقُ مِنِّي ضحكاً

ورأى رعْشَةَ رجلي فبَكَـى

يبدو أن أبا مروان ابن شهيد لم يكن يرغب في الرقص بسبب ما كان يعانيه من النقرس، لكنه أراد مسايرة الحاجب المنصور بن أبي عامر، وإن شئت فقل الملك ابن أبي عامر، وهو ما أومأ إليه في البيت ما قبل الأخير، وهذه عادة الوزراء وجلساء وندماء ذلك العصر، حيث تكون المسايرة باب الولوج إلى قلوب ذوي النفوذ.

وكان أيضا في أصحاب أبي مروان ابن شهيد رجل يعرف بالكك، له نوادر مضحكة، فحضر معه في بعض مجالس الأنس، وقد ألحَّ عليه وجع النِّقْرِسِ فجعل يصلي الصلوات كلما حانت واحدة بعد أخرى جالساً، وكان عنده ذلك اليوم أحد أصحاب المنصور ممن يَعِزُّ عليه ويُكرَّم لديه، فلما حمي الوطيس، وأنس الجليس، وطاب المجلس وراقت الأنفس، ودارت الأكؤس، ونسيت أوجاع النقرس، وقام ذلك الصاحب الجليس، يرقص ودار الدَّوْر حتى انتهى إلى ابن شهيد، فقام يرقص معتمداً على غيره، فقال لـه الكك البغدادي: لله درك يا وزير! تصلي قاعداً وترقص قائماً! فطاب المجلس بهذا الكلام، وتم حسنه أكمل تمام. وخلع ابن شهيد على الكك، وانتهى الخبر إلى المنصور، فذهب الضحك كل مذهب.

وكان ابن أبي عامر كثيرا ما يرتاح لأبي مروان ابن شهيد ويوالي الإحسان إليه، وذات مرة عاد محمد بن أبي عامر من إحدى غزواته التي تخلف عنها أبو مروان ابن شهيد لعذر عذره فيه، لكنه كان يرغب في أخذ نصيبه من النساء والسبايا، فما كان منه إلا أن كتب أبياتا من الشعر أرسلها إلى الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر يذكره بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطى سهما لمن لم يحث المطايا ويشارك في الغزو:

أنا شيخٌ والشيخُ يهوى الصَّبايا

فبنفسي أَقيكَ كلَّ الرَّزايـا

ورسولُ الإلَهِ أسْهَمَ في الفـَيْ

ءِ لمنْ لمْ يَحُثَّ فيه المَطَايا

فأجاب الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر، طلب أبي مروان وبعث له بثلاث جوار أبكار، كأنهن المها، وذكر له أنه إنما أرسلهنَّ ليمتحنهُ في قدرته لكونه شيخاً قد علا رأسه الشيب، وأرسل لـه معهنَّ أبياتاً من الشعر قال له فيها:

قد بعثنا بها كِشَمْس النهـارِ

في ثلاثٍ من المهَـا أبكار

وامتحنا بعُذْرَةِ الغِيدِ إنْ كُنتَ

وخْـيَ بـوادرِ الأعـذار

فاتئِدْ واجتهدْ فإنكَ شيـخٌ

قد جلا الليلُ عن بياض النهار

صانكَ الله من كلالِكَ فيها

فمنَ العارِ كَلَّةُ المِسمارِ

 

نوازع
ابن أبي عامر وأصحابه
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة