ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 07/12/2012 Issue 14680 14680 الجمعة 23 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

بينما تتسرب استثمارات «الأسهم» لقطاعات غير إستراتيجية
فجوة سوقية تفرض على القطاع الخاص المحلي اقتناص فرص «تحلية المياه»

رجوع

 

الجزيرة - د. حسن الشقطي:

المياه النقية أو العذبة تفوق في قيمتها قيمة الذهب في العديد من الدول التي تتسم بندرة المياه، والتي منها المملكة.. وتوجد مدن متعددة بالمملكة تندر بها العيون أو الآبار، وبالتالي فإن خيارها الإستراتيجي هو تحلية المياه المالحة، سواء من حيث إنه البديل المتاح أو أنه الخيار الذي يتيح الكميات المطلوبة.. ولكن حتى الآن يعتبر هذا المجال الحيوي قاصراً أو محصوراً إلى حد كبير على الاستثمارات الحكومية، رغم أنه مجالاً حيوياً يمكن أن يشارك فيه القطاع الخاص بشكل هام.. ولسوء الحظ أن البعض يعتبر الاستثمار في تحلية المياه هو استثمار في البنية التحتية، بشكل يخيف كثير من المستثمرين من القطاع الخاص، فكل استثمارات البنية التحتية مأخوذ عنها أنها استثمارات ضخمة، ولا يمكن الاقتراب منها إلا لرجال أعمال من ذوي القدرات المالية العالية، إلا إن هذا الانطباع غالباً ما يكون خاطئاً وتتسبب فيه معتقدات غير حقيقية، ومن أبرز هذه الاستثمارات: مشروعات المياه والطاقة والكهرباء وغيرها.. فكيف سادت هذه الاعتقادات حول الفرص الاستثمارية المتاحة في مجال تنقية المياه المالحة؟.. ولماذا يضعف الإقبال عليها من القطاع الخاص؟.. وما هي حدود رؤوس الأموال القادرة على تنفيذ مشروعاتها؟.. وهل هي مخيفة لكي لا يقبل عليها أصحاب رؤوس الأموال المتوسطة والكبيرة العادية؟.

ماهية محطات تحلية المياه

تعرف تحلية المياه بأنها عملية تحويل المياه المالحة إلى مياه نقية من الأملاح وصالحة للاستخدام.. وبالرغم من أن المياه تغطي غالبية سطح الأرض، إلا أن المياه العذبة لا تشكل سوي 2.5 % تقريباً من إجمالي كمية المياه علي كوكب الأرض وهي موزعة بين مياه متجمدة في القطبين وقمم الجبال وبعضها يجري على سطح الأرض والباقي مخزن تحت سطح الأرض مكوناً المياه الجوفية، وتمثل المياه المتاحة للشرب ما يقل عن1% من المياه في الكرة الأرضية. وتقسم المياه من حسب درجة احتوائها على الأملاح الذائبة إلى ثلاثة أقسام:

(1) مياه مالحة (أو مياه البحر) وهي المياه التي تحوي حوالي 35000 مليجرام من الأملاح الذائبة في كل لتر.

(2) مياه عذبة، وهي المياه التي تتراوح كمية الأملاح الذائبة بها من 100 إلى 1000 مليجرام في كل لتر، ويقع بين المياه العذبة والمياه المالحة المياه شبه المالحة.

(3) مياه نقية، وهي التي لا تحتوي على الأملاح الذائبة ولا يمكن الحصول عليها في الطبيعة، ولكن تحضر صناعياً لغرض استخدامها في بعض المجالات الصناعية والمختبرات.. ولا تعتبر المياه الخالية من الأملاح جيدة للشرب، كما أن مياه الشرب تختلف من ناحية الطعم أو المذاق حسب نوعية الأملاح الذائبة حتي لو كانت تحوي نفس الوزن من الأملاح الذائبة.. وفي الوقت الحالي، فإن المياه العذبة الصالحة للشرب لم تعد بالسلعة الرخيصة التي يمكن أن نحصل عليها بالمجان من الطبيعة.. وتشير آخر إحصاءات دولية متاحة لعام 2007م إلى أنه يوجد بالعالم حالياً ما يناهز 7500 محطة لتحلية المياه، ثلثاها موجود في الشرق الأوسط حيث لا تتوفر في الكثير من الأحيان أي مصادر بديلة للمياه العذبة. أما عن استخدامات المياه العذبة، فهي متعددة، ومن أهمها الاستخدام لمياه الشرب، والاستخدام الزراعي (للاستزراع وللأراضي الجديدة)، والاستخدام الصناعي للمصانع.. وفي الدول التي تفكر في الزراعة، فإن نسبة مساهمة الاستخدام الزراعي من المياه تصل نحو 70-80% من الإجمالي، في حين أن الاستخدام لمياه الشرب والصناعة لا يزيد عن 10%.

طرق تحلية المياه

(1) تحلية المياه بطرق التقطير: عن طريق رفع درجة حرارة المياه المالحة إلى درجة الغليان وتكوين بخار الماء الذي يتم تكثيفه بعد ذلك إلى ماء، ومن ثم معالجته ليكون ماء صالحا للشرب أو الري.. وتوجد طرق عديدة للتقطير، من أهمها التقطير العادي، أوالتقطير الومضي متعدد المراحل، أو التقطير بمتعدد المراحل أو متعدد التأثير، أو التقطير باستخدام الطاقة الشمسية، أو التقطير بطريقة البخار المضغوط.

(2) التحلية باستخدام طرق الأغشية.

(3) تحلية المياه بطريقة البلورة أو التجميد.

ويوجد هناك العديد من العوامل التي تحدد اختيار الطريقة المناسبة للتحلية، من أهمها نوعية مياه البحر (تركيز الأملاح الذائبة الكلية)، ودرجة حرارة مياه البحر والعوامل الطبية المؤثرة فيه، وتكلفة وحدة المنتج من ماء وكهرباء.

وضع تحلية المياه بالمملكة

باشرت المؤسسة العامة لتحلية المياه أعمالها بإنشاء محطات أحادية الغرض لتحلية المياه (لإنتاج المياه العذبة فقط) ومحطات مزدوجة الغرض (لتحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية)، وقد تمكنت المؤسسة خلال فترة عملها من تحقيق إنجازات واضحة في مجال تحلية مياه البحر المالحة لتوفير نسبة كبيرة من احتياجات السكان من مياه الشرب في المدن الرئيسية، حيث تنتج محطات المؤسسة البالغ عددها ثلاثون محطة حوالي ثلاثة ملايين ونصف متر مكعب من المياه يومياً (موقع المؤسسة على الإنترنت).

حدود الفجوة السوقية للمياه العذبة بالسوق المحلي

لا يوجد خلاف على وجود فجوة سوقية كبيرة وهائلة بالسوق المحلي.. بل حتى لو افترضنا أن الكمية المنتجة من المياه العذبة كافية لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية والصناعية الحالية، فإن كفايتها مرتبطة بترشيد استخدامات عديدة أخرى من أهمها الاستخدام الزراعي، وبالتالي، فإن هناك طلباً غير مشبعاً وبكميات كبيرة للغاية تفوق حجم الطلب الحالي بكثير.. فلو افترضنا أنه تم فتح باب الاستخدام الزراعي للمياه العذبة، فإن حجم الطلب المحلي يمكن أن يتضاعف مرات عديدة، وبالتالي فإن حجم الفجوة السوقية يمكن أن تقدر بأضعاف الفجوة التي يمكن أن تقدر في ضوء تقييد الإنتاج الزراعي واستصلاح الأراضي الجديدة بالمملكة.

إلا إنه ينبغي توضيح أن الفجوة السوقية بقطاع المياه العذبة تحديداً ترتبط بالتكلفة وحجم الاستثمارات اللازمة لإنتاج هذه المياه.. فلو تم التوصل إلى طرق تجارية منخفضة التكلفة، ونتج عنها أسعار بيع معتدلة يمكن أن يكون الاستصلاح والاستزراع تجارياً عما إذا ظلت التكلفة مرتفعة، لدرجة أن الإنتاج الزراعي لا يعوضها أو ربما أن المنتجين الزراعيين لا يقبلون على شراء المياه بالأسعار التجارية.. أيضاً الاستخدام الصناعي ينطبق عليه نفس الشيء، حيث توجد صناعات كثيفة لاستخدام المياه العذبة. كم تكلفة إنشاء محطة تحلية لمياه البحر؟.. لو افترضنا أن مستثمر معين رغب في تصميم مشروع لمحطة تقنية مياه مالحة بطاقة تصميمية 10 ملايين متر مكعب على سبيل المثال، فإنه لإنشاء مشروعه سيكون عليه حفر وتأسيس ما يناهز (50) بئراً، بتكلفة تقديرية تصل إلى نحو 5 ملايين ريال، وسيحتاج خامات من كوريدات ومذيبات ومرسبات بما يعادل 2 مليون ريال سنوياً.. وأعلى تكلفة ستكون هي تكلفة الآلات والمعدات، والتي قد تصل تكلفتها إلى حوالي 30-40 مليون ريال، وهذه العناصر الثلاث تمثل عناصر التكلفة الاستثمارية الرئيسية للمشروع، أي أنه يمكن توقع أن تصل التكلفة الاستثمارية للمشروع إلى حوالي 50 مليون ريال تقريباً. ولعل هذه التقديرات استنبطت عن دراسات رسمية لدول تمتلك أنهاراً، ومياه عذبة شبة مجانية، واعتبرت هذه المشروعات ذات جدوى اقتصادية بها.. كيف يمكن أن تكون جدواها في دول مثل المملكة تندر بها المياه، وتقيدها على استخدامات معينة فقط.. أن حجم الفجوة السوقية الحالية والمتوقعة في تقنية وتحلية المياه بالمملكة كبير للغاية، ويتطلب توجه وتخصيص المزيد من رؤوس الأموال، ومن قبلها يتطلب الدراسة والوعي بمدى احتياج السوق المحلي ليس لمياه عذبة عالية التكلفة، ولكن لمياه عذبة تجارية وذات تكاليف تجعل استخدامها زراعياً أو صناعياً ذا جدوى اقتصادية.. هذا ويؤخذ على سوق الأسهم حتى الآن عدم توجه الاستثمارات إلى مثل هذه المشروعات الهامة والحيوية وذات الجدوى الاقتصادية والإستراتيجية.. رغم أن طريق التمويل بسوق الأسهم لمثل هذه المشروعات يعتبر هو الطريق الأنسب: فكيف ولماذا انكبت الأموال على قطاعات غير إستراتيجية مثل التأمين، وأهملت قطاعات حيوية مثل المياه والطاقة؟ بل من هو المسؤول عن إعادة تصحيح مسار هذه الاستثمارات في الطريق الأمثل؟.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة