ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 07/12/2012 Issue 14680 14680 الجمعة 23 محرم 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

حلمٌ وطنيّ
سارة محمد البريدي

رجوع

 

في مساء خميس الأسبوع الماضي، دلفتُ إلى غرفة أبي المكتبية العتيقة، التي تحوي رفوفاً خشبية، وجداراً برع والديّ في تصميمه، رُسم عليه الملكُ عبدالعزيز وبجواره أبناؤه الملوك الخمسة، أعلاهم علم أخضر تتوسطه كلمة التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، ورُسم تحتها بدقة باهرة «سيف باللون الأبيض» ذلك الذي وحَّد بلادي وجمع الشمل!

جلتُ ببصري بين الرفوف باحثة عن كتاب أقرؤه، لعلي أشغل فيه وقت فراغي!

وبين الكم الهائل من تلك الكتب، شدّني كتابُ غلافه يدل على محتواه الوطني، وضع في مكان مميز وبجواره مجسم لقصر «المصمك»، وآخر لبرج «المملكة»!

تمتمت بابتسامة، ما أطهر وما أجمل العشق الذي يسكن يسار صدرك يا والدي!

اتخذت من مكتب والدي مكاناً لي حتى أقرأ ذلك الكتاب، شرعت في تصفحه، ولكن دون سابق إنذار، باغتني النعاس، فسقط رأسي على سطح المكتب نائمة، ثم زارني حلمٌ عجيب!

رأيتُ في ذلك المنام رجلاً حنطياً، يعتلي شفتيه شاربان طويلان، ويرتدي ثوباً فاخراً، مُزيّناً رأسه بغترة بيضاء، رأيت في تجاعيد وجهه تراثاً وطنياً، عيناه كانتا قصة تحكي حباً وإجلالاً لهذا الوطن!

رويداً رويداً. أصبح قريباً مني نظر إلي بلطف ثم ارتسمت على ملامحه ابتسامة عفوية وقال: ابنتي، أدعوكِ لاحتساء قهوة عربية، بجوار نار الحطب وعلى أطراف «بيت الشعر»، هززتُ رأسي موافقة ومضيتُ معه!

سكبَ لي فنجاناً وقدَّم لي رُطباً وأعطاني وشاحاً حتى أشعر بالدفء.

شكرته ثم أردفت: حدثني عن الوطن يا عمي.

وضعَ فنجانه جانباً وقال: الوطنُ أنفاس الصباح، معزوفة راقيّة، رئة ثالثة، وكلّ الأشياء الباذخة.

- ياه يا عمّاه، أخبرني أيضاً عن العُمران فيها، عن الآباء، وعن الأجداد؟!

- كنا يا ابنتي قلباً واحداً، نسكنُ بيوتاً من طين، نعيشُ فيها على ضوء السراج، نأكلُ ونتعلّمُ ونتسامر، كنا نعيش على البساطة، غداؤنا كان «مرقوقاً» وعشاؤنا «خبز» نشتريه من دُكان يقبع في أقصى الحارةِ بُربع ريّال!

جميلُ هو عصر أجدادك يا ابنتي، وجميلةٌ هي قلوبهم!

انظري من حولك الآن! عُبّدت الطرق، وأصبحت بيوتنا من أسمنت وحديد، وصارت باردة تقي من ذلك اللهيب، اللهيبُ الذي أحرقَ كل من تعلّمَ من أجدادِك حتى يصل العلمُ إليكم، بفضل من الله أولاً، ثم بفضل وطنك المعطاء!

- انقطع ذلك الحلم على صوتِ والدي وهو يوقظني بابتسامة، أفقتُ ثم نظرتُ إليه وقلتُ: أُحبكَ يا أبي وأحبَ وطنَ أجدادي وطنُ التراثِ العتيق وطنُ أعيشُ أنا وأنت تحت سمائه!

- خرجتُ من مكتبه وأنا أرى علاماتِ الاستفهام مرتسمة على تقاسيم وجه.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة