ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 20/12/2012 Issue 14693 14693 الخميس 07 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يبدو أننا لم نظلم البشر فحسب؛ بل ظلمنا المصطلحات وألبسناها أردية غير مناسبة، وشبهناها بما قد لا يلائمها، ومنها مصطلح القناعة التي أطلقنا عليها الكنز!

فهل بالفعل القناعة -فقط- كنز؟

لا.. هي أكبر من ذلك.. هي نظام حياة (حاضرها وماضيها ومستقبلها)!!

هي الاستقرار والدعة وراحة البال..

وحينما يستقر اليقين في عقل امرئ فهو يدرك أن جمال الحياة في بساطتها، وأنها حتماً ستكون ممتعة عندما يتوافر فيها الرضا والقناعة ومحبة الناس دون الطمع بهم مع الاستغناء عما في أيديهم، فهو ينظر لهم بحسب خصالهم وأعمالهم لا ممتلكاتهم ونفقاتهم.

يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (من قنع بالرزق؛ استغنى عن الخلق).

وطالما رزق الله القناعة شخصا وانتفت لديه نوازع المقارنة بين ما يملكه وما لدى الآخرين من رفاهية ورغد العيش؛ فهو بلا ريب يحيا سعيداً؛ حينما يوقن بأن الفوارق ستظل حاضرة بين البشر مهما سعى بعضهم لسدها، ومن يركض لإغلاق فجوات التباين يمضي العمر به دون تحصيل مراده، وعندئذ لا مال يكفي ولا صحةٍ ولا حتى وقت.

ولم أجد أشد وطأة على نفس التواق من سطوة المنافسة وفوز الأنداد! ولكن.. عندما تسكن القناعة النفس؛ تبدد قسوة الإخفاق استنادا إلى غيبية الخيرة، وتتلاشى مشاعر رفض الآخر وتتحول للقبول به والاعتراف له بالتفوق، فيبدو المرء قويا بإيمانه، متماسكا برباطة جأشه، شامخا بقناعته وروحه الرياضية. ولا خير في المرء إذا لم يكن قنوعا راضيا.

ولم أرَ كالامتنان مؤشرا على رسوخ جذور القناعة في النفس. فالمتذمر -أبدا- غير هانئ في متعة مهما انبسطت، غير منشرح في لذة مهما استفاضت، فهو دوما من كدر إلى نكد..

إن شعور الإنسان بالاكتفاء والسعادة بما منحه الله من نعم، وتقديره لطاقته وجهده يخلق لديه ثقة بنفسه وفرحا بمكتسباته، وزوال مشاعر الحاجة والافتقار والشكوى والتذمر، وهو ما قد يحول المرء تلقائيا من الطمع إلى القناعة والرضا.

والنفس راغبة إذا رغبتها

وإذا ترد إلى قليل تقنع

وكلما تخفف الشخص من المطالب الدنيوية كلما كان قريبا من الرضا والإحساس بالإشباع، وقلّت لديه مشاعر الرغبة بالتملك والخوف من الفقد والخسارة. فوجع المفقود عادة على قدر المملوك!

والقناعة سلوك أكثر منها وراثة، وتنشأ بالقدوة وتكبر بالمحاكاة وتعويد النفس على ممارسة الحرمان بين آن وآخر فهو السبيل للفرح والسرور بكل مكسب مهما صغر ومغنم مهما تضاءل!

ولنسأل الله أن تكون الدنيا في أيدينا وليست في قلوبنا، لنهنأ في حياتنا ويطيب عيشنا.

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny
 

المنشود
هل القناعة مظلومة؟!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة