ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 23/12/2012 Issue 14696 14696 الأحد 10 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

ورحل الأستاذ الفاضل ناصر بن إبراهيم الجريبة
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف

 

 

 

 

 

 

 

 

رجوع

 

فلو أنني خيرت من دهري الْمُنَى

لاخترت طول بقائه وخلوده

بينما كنت جالسا في مناسبة زواج ليلة الخميس 29 - 1 - 1434هـ في قصر الجماعة بحريملاء

مغتبطا، إذا برنين الهاتف يحمل نبأ رحيل الأستاذ الكريم ناصر بن إبراهيم الجريبة - أبو محمد - إلى جوار ربه، وغربت شمسه متزامنة مع غروب وعبور شمس نهار يوم الأربعاء 28 - 1 - 1434هـ فتكدر خاطري فجأة، وكان لذاك النبأ وقع محزن جداً في نفسي، وما لبثتُ أن حلق بي الخيال متذكرا سيرته العطرة منذ طفولته وريعان شبابه حيث أودع في باطن الأرض بمقبرة (صفية) بمحافظة حريملاء بعد صلاة ظهر يوم الخميس 29 - 1 - 1434هـ، وكان - رحمه الله - في طليعة الشباب النجباء خلقا وأدبا وذكاء منذ المرحلة الابتدائية، ومرحلة الدراسة بمعهد المعلمين، حيث صدر قرار تعييني مديرا لمعهد المعلمين مع الإشراف على المرحلة الابتدائي بحريملاء، اعتبارا من تاريخ 23 - 4 - 1379هـ وكان مثالا في الأدب والمواظبة، وحسن السلوك مع زملائه ومعلميه، ولم أذكر أنه قد بعث إلى الإدارة طيلة دراسته في المرحلتين، وهذا يدل دلالة قاطعة على أنه طالب مثالي جمع الجد والصفات الحميدة:

وأحسن الحالات حال امرئ

تطيب بعد الموت أخباره

يفنى ويبقى ذكره بعده

إذا خلت من شخصه داره

وبعد حصوله على كفاءة المعهد لدينا..، وعلى الدراسة بالمعاهد التكميلية بالرياض..، تم تعيينه بمدرسة المأمون بحي الشميسي بالرياض، وعمل وكيلا مع الأستاذ الفاضل محمد بن عمر بن عقيل مدير المدرسة - آنذاك - وهو يعتبر من رواد التعليم - معطر السمعة - رحمهما الله - وبعدما تقاعد الأستاذ محمد حلّ محله الأستاذ ناصر مديرا ناجحا عبر السنوات الطويلة حتى بلغ سن التقاعد حميدة أيامه ولياليه، وكان محبوبا لدى زملائه المعلمين، وأفواج أبنائه الطلبة المتتابعين، في الدراسة بتلك المدرسة..، ومحترما لدى أولياء أمورهم لما يلقونه من حسن استقبال وتفهم لمطالبهم وحرصه على رعاية أبنائهم، وقد انعكس حسن أسلوبه وتعامله على سلوك الطلاب والمعلمين، فهو يعتبر من أنجح مديري المدارس إدارة وخلقا وحنكة، وأطول مكثا في إدارة مدرسة تقع في قلب مدينة الرياض، وتضم أجيالا متعاقبة من مختلف جنسيات الطلاب مع تفاوت في طبائعهم وسلوكياتهم ومستوياتهم الاجتماعية والتحصيلية، ومع ذلك كله قاد تلك السفينة التي لا تخلو من تلاطم الأمواج وهبوب الرياح العاتية - فقد سارت بأمان طيلة عمله - بتوفيق من الله جل ذكره - ثم بحسن سياسته وأخلاقه في تعامله مع الجميع، علما أن أجواء المدارس بصفة عامة لا تخلو من بعض المشكلات، والخلافات بين المنتسبين إليها طلابا ومعلمين..، بل ومع بعض أولياء أمور الطلبة، ولكنه بحذقه ودرايته بأحوال وطبائع من يتعامل معه كان سببا من أسباب نجاحه في تذليل العقبات والتوفيق بين الأطراف التي قد يحصل بينها بعض المشكلات والخلافات - غفر الله له - .

كما لا أنسى تواصله معي هو وابن عمه الأستاذ الفاضل عبد الله بن عبد العزيز الجريبة ودعواتهما الصادقة لي ولوالدي وعقبي، فالأستاذ ناصر رجل كريم يتمتع بطيب القلب ودماثة الخلق معي ومع غيري، فأنا الآن لا أملك سوى الدعاء الصادق له بالرحمة والمغفرة وصلاح الذرية :

ما ودني أحد إلا بذلت له

صفو المودة مني آخر الأبد

وقبل أيام قلائل زرته في منزله للاطمئنان على صحته وتطرقت لذكر أيام دراسته لدينا في حريملاء، فما أجملها من ذكريات، ذكريات الصبا والنشاط، وعندما حاولت سرد بعض نشاطاتهم في النادي المدرسي، وعن رحلات الربيع اغرورقت عيناه بالدموع، ولسان حاله يردد قول الشاعر:

لك الله لا توقظ الذكريات

وخل الأسى في الحنايا دفينا!

رحمك الله - أبا محمد - وعلى أي حال فذكرياتنا معه ومع أمثاله من الأخيار باقية في خواطرنا مدى العمر، وكان - رحمه الله - محبوبا لدى زملائه وطلابه وجيرانه، فمجلسه لا يمل كثير الزوار لما يتحلى به من رحابة صدر وطيب معشر وتواضع جم، ولم يعهد عنه أي إساءة لأحد، بل إنه يتحبب إلى أقاربه وأصحابه، ويتغاضى عن الهفوات لو صدرت من أحد، ويحث على التسامح وقوة الترابط بين الأسر والجماعات، ولسان حاله يتمثل بهذا البيت:

تحلّم عن الأدنين واستبقي ودهم

فلن تستطيع الودَّ حتى تحلما

ولذا كثر أحبابه ورفاقه..، ومن وفائه أن اتصل علي قُبيل رحيله عن الدنيا بحوالي عشرة أيام، فاستبشرت في بادئ الأمر متفائلا بتماثل صحته وشفائه، وكأنه قد أحس بدنو أجله، وعزَّ عليه أن يرحل إلى الدار الباقية ولم يودعنا لعلمه بعلو مكانته في قلبي فأخذ يمطرني بوابل من الدعوات الصادقة والترحم على والدي بصوته الهادي الحزين الذي ظل مدويا في أعماق نفسي حزنا وتأسفا على غيابه وبعده عنا وعن أسرته ومحبيه، وهو يقول: سامحني إن كان قد صدر مني ما يكدر خاطرك، فبادرته: حاشا أبا محمد أنت من اقرب الطلاب إلى قلبي، ثم استمر والعبرات تكاد تخنق صوته، لا تنساني من صالح دعواتك، لا تنساني من صالح دعواتك يا أبا محمد، فلم أتمالك دمع عيني في تلك اللحظة الحاسمة المفعمة بالحزن العميق، فعلمت أنها لحظات وداع لا تتكرر معه..، فقد أثرت في نفسي تلك الكلمات الموجعة لقلبي، ولئن غاب عن نواظرنا فإن ذكره الحسن مقيم بين جوانحنا مدى الأيام، وقد ترك ذكرا حسنا، وخلف ذرية صالحة تدعو له، وتخلد ذكره، ستة أنجال كلهم يحملون مؤهلات عالية، ودرجة الدكتوراه لابنه فهد الطبيب المخلص، وأربع بنات صالحات متعلمات ومثقفات، جبر الله مصيبتهم ومصيبة عقيلته - أم محمد - وجميع أسرته ومحبيه - تغمده الله بواسع مغفرته ورحمته - .

- حريملاء

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة