ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 24/12/2012 Issue 14697 14697 الأثنين 11 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

محمد - صلى الله عليه وسلم - قدوتنا في الحياة، قولا، وعملا، ومنهجا، وسلوكا. لحكمة ربانية، وتحت ظروف متعددة. في حياة متقلبة امتهن سيد البشر حِرَفا عديدة، وأسهم في أطوار حياته الممتدة، ومع محيطه الاجتماعي في الكثير من الأعمال. لم يلتفت إلى ذات اليمين، وذات الشمال، ما كان عليه علية القوم، أو من سائر الناس، لينشد ما بلغوه،

أو أصابوه من متع الحياة، ليقارن نفسه بهم. عاش شظف الحياة، وألوان مآسيها، ومع ذلك لم تنل من عزيمته، أو تهد من أركان صبره على البلوى مهما عظمت، لذلك خلده القرآن الكريم بقوله {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} وستظل صورته التي رسمها سلوكه ماضيا، في حاضرنا، ومستقبلنا، ماثلة يسترشد بها أولوا النهى من البشر.

ليس المقصود هنا تعداد تلك المهن، أو الأعمال التي مارسها نبي الأمة بقدر الإشارة والمقارنة بين ما كان عليه، وهو مستجاب الدعوة، وما نحن عليه الآن، ونحن نعيش حياتنا القصيرة، المملوءة بالتناقضات.

أن تكون جميع فئات المجتمع على مستوى واحد فهذا مناقض لطبيعة الحياة، وسننها الكونية، ومقتضى التاريخ، والقرآن الكريم، وهو دستورنا أشار إلى ذلك في أكثر من موقع، وفي أكثر من موضع من مواضع قصص الأنبياء والرسل.

من غير المقبول على الإطلاق ازدراء مهن بذاتها، وبخاصة تلك التي أطقتها (وزارة العمل) للعاطلين عن العمل، لكلا الجنسين، ذكوراً وإناثا في برنامجه الآفل (حافز). مهما كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها، أو النعيم الذي نتقلّب في أعطافه، ومهما كانت آمالنا وطموحاتنا، وهواجسنا وأفكارنا فلابد من التعايش مع الواقع، وما تضمره الأيام. نحن مع الجيل المخترع، والجيل المبتكر، والجيل المنتج للتقنية، لكن هل في مقدور (وزارة العمل) أن تصنع هذه العقول، أو تدفع بها إلى المشهد العالمي المتنافس؟ وهل ذلك من مهماتها وحدها؟ وسنفترض أن جميع الفئات لديهم القدرة؟ إذن إذا كان هو واقعنا فبشكل أو بآخر فإن ازدراء المهن التي تطلق، أو التي تتاح هي في الحقيقة أولاً، وقبل كل شيء ازدراء للذات البشرية التي تبحث عن الكفاف والعفاف والستر، هذا الازدراء هو ما نهانا عنه الإسلام، وحذرنا منه، في (القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة) وكان بتعاليمه النّيرة مهذبا لسلوكنا، حافظا لنا التوازن، ونحن نقيم جسوراً من العلاقات الاجتماعية والإنسانية مع الآخرين، من جميع فئات مجتمعنا، صغيرها وكبيرها، فقيرها، وغنيها.

لم يصب من يعتقد، أو يجزم أن الحياة ستظل على هذه الوتيرة المترفة، أو أننا إلى الأبد سنظل منغمسين في هذه الحياة المترفة، الهانئة، هذا النسق من الحياة لم يدم لغيرنا حتى يدوم لنا، ولا ندري في الحقيقة، كيف نستطيع أن نتكيّف، أو نهيئ أنفسنا، وأجيال المستقبل لمثل تلك التقلبات، والراشدين منا، الذي نعتقد أنهم الفئات المتنوّرة، أو قادة الفكر هم للأسف من يؤجج ذلك الشعور السلبي تجاه تلك المهن أحيانا؟ ولو قدّر لأحدهم أن يوضع في موقع قيادي، او صانع لبرامج للتوظيف والعمل لم يجد مناصا من ترسم تلك الخطى التي ينتقدها.

هناك من يقول ان الحياة ستكيفنا وتكيّفهم، وستصنعهم من تلقاء ذاتها، لكن ذلك لا يعني أن نعفي أنفسنا من توطينهم، وتربيتهم حتى نتجاوز، أو نختصر نحن وإياهم ضريبة تقلبات الحياة وصدماتها.

لغة التذمر، والشكوى، وإساءة الظن، والاتهام هي للأسف أمست طاغية، وأصبحت احد قواميسنا في اللفظ الذي تحوّل إلى سلوك سلبي، بل تجاوزنا ذلك حينما عددنا أي مبادرة من المبادرات التي ترسم لبعض فئات المجتمع طريق حياتها صورا من صور فساد ذلك المسؤول، أو تلك الجهة التي تبنت مثل تلك البرامج، والخطط الوظيفية، بل واستعدينا من حيث نشعر أو لا نشعر الآخرين عليهم في مقولاتنا، المسؤولة، وغير المسؤولة. والحقيقة فإنه لن يغير من واقع هذا السلوك، أو تلك النظرة الدونية غير الصائبة، أو يخفف منها سوى المؤسسات التعليمية والتثقيفية، والمنابر التوعوية والدينية، فهل ستأخذ بزمام المبادرة؟ ذلك هو المأمول.

dr_alawees@hotmail.com
 

أوتار
ازدراء المهن.. ولغة التذمر
د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة