ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 25/12/2012 Issue 14698 14698 الثلاثاء 12 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

ممارسة الفساد هي قضية سوء اختيار شخص قبل أن تكون أزمة مجتمع وجريمة في حقه سواء جاء الفساد في الأسرة أو المؤسسات أو مسؤولي الدولة.

ممارسة الفساد جريمة يستحق من يقوم بها التشهير والعقاب.

أما الأزمات فهي صعوبات عارضة يمر بها الفرد أو المجتمع العام، ويمكن أن توجد لها حلول, ويمكن أن نراها قادمة عن بعد كعاصفة أتربة أو سيول معتادة فنستعد لها مسبقا لتقليل أضرارها في حال وقوعها.

والمسؤول الذي لا يرى الأزمات المتوقعة قادمة عن بعد, أولا يرى ضمن مسؤوليته الاستعداد لها, لا يستحق موقع المسؤولية.

ما يهمني في الموضوع هو دور التخطيط المسبق والاستعداد قبل أن تقع الفأس في الرأس إن كان سيئا أننا ما زلنا نتفاعل بأسلوب ردود الفعل لحل الأزمات بعد وقوعها,أو على الأقل احتوائها مظهريا ؛ وليس بمنطلق التأهب والمبادرة والتخطيط أي توقعها مسبقا وإيقافها قبل حدوثها، فالأسوأ والأشد خطرا أن المجتمع العام لا يستطيع تمييز متطلبات الحلول الجذرية من الحلول الآنية السريعة. ولذلك يركز نقده على الزمن الذي يستغرقه تنفيذ المقترحات أكثر مما يركز على صحة المنطلق في اختيار الحلول ذاتها, في ذات الوقت الذي لا يراجع صحة منطلقاته ورؤيته الذاتية لتفضيلاته بين الحلول. والتسيب والفساد واستغلال الفرص من المعتادات المتجذرة.. ولذلك لم نتعد مرحلة النقد متفرجين والتهكم كمن يتنبأ بالفشل دون أي شعور بالمسؤولية الفردية عن المشاركة في صنع النهايات المطلوبة وتغيير ما أثبت فشله.. ومازلنا نميل للإرضاء السريع ولو لإيقاف مسلسل النقد السلبي ومستمرين في أسلوب معالجة المشاكل بعد تفاقمها بحلول تجميلية وتسكينية تتوجه للشكليات وليس أصل المشكلة:

أشد خطأ استراتيجي ما زلنا نرتكبه أسريا ومجتمعيا ومؤسساتيا ونتعايش مع نتائجه السلبية من زمان أننا لا نعالج المشاكل باستئصال أسبابها وجذورها بل نركز على تشذيبها لتصبح أقل إزعاجا أو إيلاما. وما بقيت علاجاتنا موجهة لتسكين الأعراض وليس التشخيص لاجتثاث مسببات العلة فستستمر العلل تحت السواتر الآنية.

وهذا التوجه المعيب فينا هو ما جعل عمل المواطن في أي وظيفة متوفرة, أو مشاركة المرأة في سوق العمل بكل مستوياته من الوظيفة إلى الاستثمار والإدارة موضوعا مطروحا للمناقشات الهامشية وليس فرضية متقبلة بدهيا.

كدارسة للقرارات التنموية أرى ضروريا للخروج من هذه الحلقة المتأزمة التي ندور فيها اليوم أن نغير إستراتيجية التغيير في ما يتعلق بالتمكين. بأن نخرج من منطلق الإقناع قبل البدء, إلى أولوية الفعل وتغيير أرض الواقع.. أي بتجنب استثارة الجدل المعتاد. فيفتح دون تأجيل, وبتزامن عاجل بابي التوظيف والتدريب للراغبين والراغبات في شتى المجالات باقتناع ودعم من صاحب القرار, وأن نحدث في جدول زمني مدروس التغييرات المطلوبة. وتكون إستراتيجيتنا هي تحفيز التطور الفكري العام كمحرك للتنمية, فنعمل بهدوء لتوجيه رؤية المجتمع لتركز على المستقبل. وأن يتزامن التغير المطلوب في كل المؤسسات المعنية؛ أي مع إعادة توازن محتوى مناهج التعليم بكل مستوياته, ومع إعادة تشكيل وهيكلة المؤسسات الرسمية المعنية, وتنسيق تعاونها, واستنفار المؤسسات غير الرسمية للمشاركة الداعمة، وترسيم أنظمة وإجراءات رسمية داعمة لتفعيل الشباب السعودي رجالا ونساء، رادعة للتجاوزات, معاقبة للمتجاوز ومكافئة للمتميز، قابلة للتطبيق والمتابعة والتحسين, بالإضافة إلى سن العقوبات للممارسات التي نقف عائقا دون ذلك. ولاشك أن استقطاب قادة الرأي من كل التيارات الفكرية لدعم التوعية والمشاركة فيها سيسرع في إحداث التغير العام.

ضروري أن نتحرر من الارتهان لما اعتدنا عليه من التفضيلات الفئوية غير المناسبة لمتطلبات التنمية اليوم، وأن نركز على ما يفيد المجموع وبمعايير يمكن قياسها على ارض الواقع ومؤشرات واضحة في مستوى معيشة المواطنين. والأولية التي لا يجب أن نختلف عليها هي أن يكون توجهنا وتركيزنا على تخطيط المستقبل القادم وليس على بكائيات أمجاد الماضي أو شكوى عجز الحاضر.

 

حوار حضاري
تأملات في التنمية الوطنية
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة