ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 26/12/2012 Issue 14699 14699 الاربعاء 13 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

في كل دولة تتكامل ثلاث سلطات، مهما اختلفت تسميات الدول ومصادر قوانينها، عقائدية كانت أو دستورية وضعية. هناك السلطة التشريعية المعنية باشتقاق القوانين من مصدر أو مصادر التشريع، وهناك السلطة القضائية المعنية بالنظر في القضايا وإصدار الأحكام فيها، وهناك السلطة التنفيذية ذات الأجهزة الكثيرة المعنية بضمان التنفيذ والتطبيق والمراقبة والمتابعة للأحكام والتوجيهات والأنظمة.

من الواضح في المملكة العربية السعودية رسوخ السلطة التشريعية المستندة على القرآن والسنة والإجماع، وحضور السلطة القضائية في محاولاتها اللحاق بالزمن المتسارع لتحسين أدائها وتنويع محاكمها والارتفاع بمستوى منسوبيها. وحيث إنه لا غضاضة في الاعتراف المبني على حسن النية، فلا بد من إبداء الرأي حول ضعف الأداء عند السلطة والجهات التنفيذية فيما يتعلق بتطبيق وتنفيذ الأحكام الصادرة من السلطة القضائية. أعتقد أنه يجب أن يعرف المسؤولون الكبار في السلطة التنفيذية أن المواطنين عندنا يتبادلون النصح عند نية الإبلاغ عن شبهة جنائية باستثارة شبهة الإرهاب، لأنهم يتوقعون حينئذ تفاعلا أسرع وأكثر كفاءة عند احتمال شبهة الإرهاب، بينما يخبو التفاعل ويتثاقل وربما لا يتم في القضايا الجنائية الأخرى.

توجد دلالات كبرى وأخرى أصغر على التقصير المحسوب على جهات السلطة التنفيذية. من الدلالات الكبرى تواجد ما يقرب من خمسة ملايين مقيم غير شرعي في البلد، وكذلك تواجد كميات كبيرة من المخدرات في الداخل غير التي يتم ضبطها، وأيضا تحميل الكفيل السعودي مسؤولية احتجاز جواز المكفول المقيم لإحضاره عند الحاجة، وضعف وأحيانا انعدام القدرة لدى الجهات التنفيذية على إحضار المدان في الكثير من القضايا المتوسطة والصغيرة. ظاهرة تواجد الملايين من المقيمين غير الشرعيين تحمل دلالات واضحة على ثغرات واسعة لاختراق الحدود والتسلل إلى الداخل، ثم الشعور بالأمن والأمان لدرجة المشاركة في التكسب والحركة، إما بممارسة العمل والبيع والشراء، أو بالمتاجرة بالمحرمات، أو بالتسول في أقل الأحوال خطورة. سلطات مراقبة الحدود والمنافذ، والدوريات الأمنية في الطرق وداخل المدن، ماهي أدوار كل واحدة منها في استمرار هذه الثغرات الأمنية والاقتصادية والأخلاقية؟ بالمناسبة هل توجد عندنا مثل الدول الأخرى أقسام وحصر وتسجيل لكامل السكان بالاسم والرقم والعنوان الثابت؟

مسألة تحميل الكفيل مسؤولية احتجاز جواز المكفول المقيم تقدم مؤشر واضح على عدم استعداد أو تقاعس السلطات التنفيذية في تحديد مكان وإحضار المقيم المكفول عند الحاجة. عندما تتم زحلقة أو دحرجة هذه المسؤولية على الكفيل السعودي فإنما يعني ذلك قدرا كبيرا من التعجيز وتحميل المواطن المسكين ما تعجز الجهات التنفيذية بكل إمكانياتها عن القيام به.

مصيبة المعاناة من المخدرات أصبحت قضية اجتماعية خطيرة، والبت في القضاء عليها من جذورها لا يحتاج إلى المزيد من التأكيد ولا ينفع تجاهها ادعاءات المسؤولين بأننا بلد مستهدف في عقيدته واستقراره. المواطن المسكون بالرعب على أولاده وبناته وبلده شبع من هذا الكلام التبريري المكرر ويريد حلا ولو على أسنة الرماح. لا بد من استكشاف واكتشاف كل الثغرات في هذه المصيبة التي كما يبدو ثغرات كثيرة ومتعرجة ولولبية فيها من الفساد المالي والإداري والأخلاقي ما لا يستطيع الخيال الإحاطة به.

أما مسألة تقاعس أو ضعف أو انعدام قدرة الجهات التنفيذية على العثور وإحضار المدان بحكم قضائي، على سبيل المثال عند المماطلة في القيام بحقوق النفقات على المطلقات والأطفال، أو التهرب من الوفاء بالديون، أو من دفع إيجارات المساكن مع رفض مغادرة السكن، أو من المماطلة في الحضور إلى المحكمة عند الاستدعاء، فقد أصبحت مثل الوجبات الغذائية اليومية.

الدلالات الصغرى على ضعف أداء السلطات التنفيذية لا حصر لها، وأكثرها تكرارا ما يحدث من سرقات السيارات والمنازل والاستراحات، أو الهروب بعد حوادث المرور، وكونها تتكرر يوميا وبكثافة يجعلها تسبب صداعا ووجعا مستمرا للمواطنين.

باختصار، هناك ضعف واضح وربما تهاون تنفيذي وتطبيقي في عمليات الضبط والربط والوقاية، وكلها محسوبة على السلطات التنفيذية ويجب ألا تستمر. استمرارها، مع التسارع الزمني في المهارات الإجرامية وتكاثر أعدادها يشكل خطورة بالغة على المجتمع وعلى الاستقرار الوطني والسياسي بكل مكوناته.

- الرياض
 

إلى الأمام
الأداء الضعيف لأجهزة السلطة التنفيذية
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة