ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 28/12/2012 Issue 14701 14701 الجمعة 15 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

الاقتصاد عصب الحياة، وهو عامل أساس في الاستقرار الداخلي لكثير من الدول، كما أن له دوراً كبيراً في الاستقرار العالمي، وكثير من الحروب التي جرت على مر الدهور، كان دافعها في الأساس اقتصادياً، والحروب التي كانت تنشأ بين القبائل كان مبعث جلها اقتصادياً، لهذا يحرص القادة في دول العالم أجمع على أن يدفعوا باقتصاديات بلدانهم بشتى الطرق، ويولون النظريات الاقتصادية اهتمامهم، لكن تبقى تلك النظريات خالية من المضمون إذا لم تطبق بشكل دقيق وفاعل.

وموازنات الدول ليس بالضرورة مرآة لإنتاج أبنائها، فالثروات الطبيعية تلعب دوراً رئيسياً في دول بعينها، ولهذا فعلينا أن نفرق بين إجمالي الإنتاج الوطني الناتج من آلاف السلع والخدمات وبنسب متقاربة، وبين دول أخرى تعتمد على عدد محدود من الموارد الطبيعية لتشكل نسبة مطلقة من إجمالي إنتاجها الوطني، ومهما يكن الأمر فإن الإنتاج الوطني في حد ذاته رغم أهميته ليس المؤشر الوحيد لمتانة اقتصاد الدول، فهناك نسبة البطالة ونسبة توزيع الثروة، ومجال الاستثمار، والبنى التحتية، والنظرة المستقبلية وتنويع الاستثمار، وعوامل كثيرة لا حصر لها.

الميزانية ليس بالضرورة عاكسة لمتانة الاقتصاد، لأن هناك دولاً اقترضت ديونا تراكمت مع مر السنين، حتى وصلت إلى حد قد تعجز معه عن تسديد ديونها، وعندما تصل إلى هذا الحد، فإن أمراً ما سيحدث، وكأن الساسة في تلك الدول يؤجلون الأخطاء المتراكمة، ليتحملها جيل أو أجيال في فترة معينة، أو فترات قادمة، ولكن لا بد من الرجوع إلى القاعدة الذهبية، وهي الإنفاق على قدر الإيراد، إلاّ إذا كانت الاستدانة مقرونة بمشاريع تساهم في إنتاج يضيف إيراداً يفوق التضخم المحلي أو المستورد.

الميزانية تمثل تقديرات في سنة قادمة، لكنها لا تمثل الحقيقة الفعلية للإيرادات والمصروفات، ففي الغالب تكون هناك زيادة أو نقص في الإيرادات، كما أن المصروفات ربما تزيد وتنقص طبقاً لحاجة التنمية، التي تقدر في الغالب من قبل متخذ القرار، ولهذا فنادراً ما يكون هناك تطابق بين الإيرادات الفعلية، والمصروفات الفعلية، وعليه فإنها لا تعدو كونها مؤشراً ودالة يمشي بموجبها المنفذ الذي قد يستوجب ظرف طارئ إلى طلب المزيد، أو أن يحدث عائقا يمكن من الصرف حتى وإن توفر المال اللازم.

وتقدير الميزانيات ينتج في الأساس من تقديرات ترفعها الجهات الحكومية وتناقشها مع الجهات المسؤولة، التي تقوم بدورها بإخراجها إلى حيز الوجود طبقاً للأولويات التي تحددها مع متخذ القرار، وطبقاً لتوقعاتها للإيرادات، وإمكانية الإنجاز لكل عام، ولا شك أن التضخم يلعب دوراً كبيراً في زيادة حجم الميزانية، كما أن حجم الميزانية له دور في النقود المعروضة وبالتالي يكون له دور في نقطة التوازن بين المطلوب والمعروض من النقود وعلى أساسه يمكن للتضخم المحلي أن يزيد أو ينقص طبقاً لذلك.

إن قطاع الرواتب وقطاع الخدمات يمثل نسبة عالية من ميزانيات كثير من الدول وله مردود غير مباشر على الإنتاج الوطني ليبقى عنصر إنتاج السلع أكثر القطاعات مردوداً، وأطولها أمداً، وأكثرها اتساعاً، إلاّ أن دولا تعتمد في اقتصادها وجلب العملة الصعبة لمصارفها من قطاع خدمي مثل السياحة، ولذا فإن كل دولة تحرص على تنمية ما لديها من ثروات طبيعية أو بشرية أو آثار خلفها لها الأجداد.

ولكن كل ذلك لا يمكنه أن يتحقق إذا لم يصاحبه أمن واستقرار، فدون الأمن لا يمكن أن تكون تنمية، ودون تنمية لا يتحقق أمن، لكن الأمن يكون أولا حتى تتم التنمية في بيئة مطمئنة تسير على خطى ثابتة، ونظرية مستقبلية مضمونة، إضافة إلى أن الأمن يدفع بالمستثمرين إلى الاستثمار طويل المدى، وهو ما يحقق فوائد جيدة ودائمة، كما أنه يوظف الكثير من شعوب الأرض.

الاقتصاد عصب الحياة، والناس أدواته، وعليهم أن يحسنوا تدبيره، حتى يعيشوا في سلام.

 

نوازع
الاقتصاد عصب الحياة
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة