ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 30/12/2012 Issue 14703 14703 الأحد 17 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

مصر الحضارة والثقافة والتاريخ والكتاب والقلم، مصر أقدم دولة عرفها التاريخ الإنساني بنهرها الدفاق وأرضها الخضراء الساحرة، مصر التي فتحت صدرها لرسالة الإسلام الخالدة محتفية بدخول عمر بن العاص قال عنها الله جلّت قدرته (اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ) البقرة 61، هذا البلد الجميل يحتضن جمال الطبيعة، وقوة الإرادة على مر العصور والأزمان.

والمتتبع لتطورات الدساتير المصرية يدرك أن مصر عرفت دساتير منها دستور 1923 الذي صيغت مواده والاحتلال آنذاك كان جاثما على صدور المصريين، ثم صدر الدستور المؤقت عام 1952- تلاه دستور 1956، ثم دستور 1971، الذي نصت مادته الـ152 على أنه لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في المسائل الهامة التي تتصل بمصالح البلاد العليا، ونصت المادة الـ189 منه (لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور).

إذن مصر لها تاريخ طويل مع صياغة الدساتير، والدستور الأخير ما هو إلا واحد منها وهو قابل للتعديل والحذف والإضافة، لأن أي دستور ليس إلا تقنيناً لصورة الدولة التي تحرص على تحقيق الخير لجموع المواطنين الذين ينتسبون إليها، والمحافظة على كيان الدولة ووجودها في مواجهة العدوان الخارجي من خلال جيش قوي، والحفاظ على النظام في داخل الدولة، يدعمه مرفق البوليس وسلطة قضائية مستقلة.. إلخ.

وإذا كانت المعارضة ترفض الدستور وتصر على إجراء تعديلات عليه لتقبله بعد إعلان نتيجة الاستفتاء عليه بنسبة 63.8 في المائة لتزيد هوة الانقسام في الشارع والرأي العام المصري والتجاذبات السياسية، لذا فإن كثيراً من المراقبين عرباً وأجانب يتخوفون على مستقبل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بل وحرية الرأي والفكر في بلاد واحة وارفة يعتبرها الناس مثلاً حياً للتوافق والتعايش بين أهله الذين غُرست بينهم بذور الإخاء والمحبة والتعاون والتعاضد على أرض بلاد المعز.

إن المصريين مسلمين ومسيحيين إن أرادوا أن يجتازوا هذه الأيام الصعبة التي يعيشونها فلا بد لهم من لملمة صفوفهم بالتضامن والمودة وصدق النية والمحبة، من خلال حوار جاد بناء ينقذ البلاد والعباد مما وصلوا إليه في هذه المرحلة من تاريخهم.

لا بد للعقلاء والحكماء وأهل الحل والعقد والعلماء والمفكرين والقادة والأحزاب جميعها أن يصنعوا الحلول، ويتصدوا لرياح التشتت والتشرذم والتفرق والانقسام، الذي ولّد من رحمه ظرفاً عصيباً عاشه ويعيشه المصريون الذين أحبوا الوطن، وأدركوا أن وجودهم من وجوده، يشد بعضهم بعضا معتصمين بحبل الله جميعا قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) آل عمران 103.

ولا خيار أمام كل المصريين سوى الحوار والاتفاق، ولا تقدم ولا تطور ولا تنمية ولا بناء وطن من دون وضع مصيره فوق كل خلاف وفوق كل رغبات شخصية وأطماع سياسية، والكل يدرك أن الأشهر الماضية كانت حبلى بالمشاحنات والتشنجات والظروف العصيبة التي قد تخرج من رحمها كوارث تضع مصير البلاد في مهب الريح.

فطريق السلامة والأمان والنجاة بالسفينة من الغرق وحفظ سيادة وتاريخ وتراث مصر وحضارتها العظيمة وتاريخها الناصع وثرواتها العديدة، طريق واحد هو الوحدة والتضامن والتعاضد ونبذ الفرقة والتشتت ونسيان جراح الماضي وآلامه لإنقاذ الوطن، وهذا لا يتم إلا بحوار الشجعان الذي أصبح ضرورة وليس ترفا.

يجب أن يعرف المصريون وكل حادب على مصلحة مصر أنه لا بد من حل يقطع رأس الفتنة ويؤمن المستقبل المشرق ويتغلب على الأعداء المتربصين بأمن واستقرار وسيادة مصر وإشعال الفتنة بين أهلنا أهل مصر الطيبين المسالمين، والحل يكمن في الحوار، الحوار ثم الحوار، يجب أن يقدم الجميع مصلحة مصر والمصريين على كل شيء بحيث تكون مصلحة مصر أولاً وأخيراً.

مصر التي حطم جيشها (البطل) خط بارليف ومعه العناد والصلف والإرادة الإسرائيلية واستعاد أرضه، عندما صنع الملك فيصل والرئيس السادات رحمهما الله قرار الحرب فصار لهما ما أرادا بإرادة الله، فمصر اليوم تحف بها المخاطر من كل حدب وصوب لتلحق الاقتصاد العمود الفقري للبلاد بناتجها القومي (1.3) ترليون جنيه فالديون تتعاظم والاحتياطي من العملات الصعبة يتآكل حتى تدنى إلى (14) مليار والجنيه المصري متدن أمام العملات الدولية، والميزانية تسجل عجزا مهولا والبورصة المصرية في أسوأ حالاتها، وسفينة السياحة تسير على عكاز والبطالة تزداد أرقامها وآفة الفقر التي حددها البنك الدولي بنسبة 30 في المائة والحقيقة أنها أكثر من تلك التقديرات ترفع رأسها وما خفي أعظم.

ولذا وبعد أن تعاقبت ثلاث حكومات خلال السنتين الماضيتين على إدارة شؤون البلاد حكومة السادة عصام شرف، كمال الجنزوري، هشام قنديل، وكل حكومة قدمت قصارى جهدها لبلادها ومواطنيها، فإن مصر بسكانها حوالي (90) مليون نسمة منهم أكثر من (8) ملايين في الخارج يدعمون اقتصاد بلدهم بتحويلاتهم من العملات الصعبة، إنها تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى خارطة طريق لمستقبل مصر السياسي والاقتصادي والتعليمي والصحي والتنموي والاستثماري والسياحي والحد من عاهات البطالة والفقر والفساد.

ولا شك أن كل محاولة للتقريب بين وجهات النظر في ظل هذا المشهد الخطير الذي خرج من رحمه استقالة نائب رئيس الجمهورية وقبله مساعد رئيس الجمهورية ومسؤولين آخرين، لنزع فتيل الأزمة والتوصل إلى وثيقة للوفاق، تعد خطوة مهمة على طريق التوصل إلى حل لا غالب ولا مغلوب وكل المصريين هم الكاسبون والأعداء هم الخاسرون.

dreidaljhani@hotmail.com
رئيس مركز الخليج العربي للطاقة والدراسات الاستراتيجية
 

المصريون .. الحوار قبل فوات الأوان!!
د.عيد بن مسعود الجهني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة