ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 31/12/2012 Issue 14704 14704 الأثنين 18 صفر 1434 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يعتبر الشعب الآيسلندي أكثر الشعوب قراءة، حسب إحصائيات موثوقة. ولم لا وهي الدولة القابعة كجزيرة في أحضان بحر النرويج في أعالي شمال أوروبا، يحتضنها هذا البحر الذي يفصلها عن الدول الاسكندنافية شرقا وهي النرويج والسويد والدنمرك وهي الدول المعروفة بالاستقرار السياسي والاجتماعي والرخاء الاقتصادي. آيسلندا، هذه الدولة الصغيرة الهادئة والذي شجع هدوءها وصفاء أجوائها

على أن يحتضن الآيسلنديون الكتاب في ليالي شتائهم الطويلة والباردة، حيث يصعب الخروج وأراضيهم تتدثر بالرداء الشتوي الأبيض حيث الثلوج تكسوها بكثافة، فكان أن استبدلوا نشاطاتهم المعتادة بالقراءة، وما أجمله من سلوك حضاري وعادة هي أرقى العادات، فليت لنا من هذا الهدوء نسترد به شيئا من الشعور بإيقاع الحياة. وليت لنا من هذا النهم بالمعرفة وصقل الفكر ومتعة القراءة. لعل القراء الذين هم من جيلي أدركوا إيقاع الحياة الهادئ قبل الطفرة والتي تحدد انطلاقتها بداية السبعينات الميلادية. فقد كان الناس في المجتمع السعودي يشعرون بالوقت وبالطبع لم تكن هناك وسائل تسلية وترفيه كما هي الآن من قنوات فضائية أو وسائط اتصال وغيرها، لذا كانت الحياة أهدأ. الطفرة كأنما اختطفت الناس اختطافا من نمط حياتهم دون مقدمات، كلاعب القوى الذي يركض ليقفز الحواجز دون لياقة فيسقط ويتعثر بالحواجز ويمزق أربطة قدميه أو يكسر أحد أطرافه. لكل شيء ثمن وضريبة دون شك، وكل عاقل يدرك أن التنمية في المملكة انطلقت منذ بداية السبعينيات الميلادية ولا تزال، ثم أن الطفرة الثانية انطلقت كذلك بداية 2000 وهي أضخم وأعظم قياسا لحجم المشاريع وتكاليفها الاقتصادية والبيئية، ونعلم أن كل ذلك له تأثيره اجتماعيا ونفسيا. ولا يجهل كل متعقل أهمية التوازن بين مشاريع التطوير والبنى التحتية ومراعاة البيئة المحلية وكل ما يؤثر على الصحة العامة من تشجير ونوافير وحدائق وتلوين للجسور والأنفاق بدل اللون الرمادي المؤذي للعين والنفس، وتقنين لمساحات الأسفلت، والذي لا يخفى أثره البيئي والصحي وحفظه لحرارة الشمس صيفا مما يسهم في ارتفاع درجات الحرارة على مستوى الأرض وما يبعثه من غازات بفعل احتكاك عجلات السيارات. من ناحية أخرى عندما تتأمل وضع الأحياء السكنية في مدننا تجدها عبارة عن منازل على شكل شبكة تتقاطعها الطرقات الأسفلتية، فالأولوية للسيارات، أما البشر والسكان فعليهم الحذر بمجرد الخروج من عتبة المنزل، أي أن الحميمية الاجتماعية والهدوء والأمان النفسي الذي كان الناس يستشعرونه في الأحياء القديمة انعدم، على أن تخطيط الأحياء القديمة على بساطته إلا أنه راعى العوامل البيئية والاجتماعية، فكانت الأحياء لها مداخل ومخارج وشوارع داخلية للمارة فقط، مما أشاع الشعور بالأمان الاجتماعي، فأين التخطيط للأحياء في أمانات المناطق من كل ذلك؟. والسؤال الذي يفرض نفسه هل أحياؤنا هيفعلا أحياء أم مجرد منازل متجاورة وسط بحار هائلة من الأسفلت الأسود؟. هذه خواطر فرضت نفسها حين نظرت في حال سكان آيسلندا وما ينعمون فيه من هدوء جعلهم يحتضنون الكتب في ليالي ريكيافيك الطويلة، والله يرعاكم.

omar800@hotmail.com
 

وقفة
ليت آيسلندا تعطينا من هدوئها وثقافتها
عمر إبراهيم الرشيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة