ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Thursday 05/04/2012/2012 Issue 14434

 14434 الخميس 13 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في قاموسي الشخصي أرى أن مسمى مرحلة “المراهقة” بهذا الاسم، لأن الولد يُرهق والديه، هذه دعابة دائماً ما أمازح بها المراهقين في أسرتي، إلا أن الواقع الاجتماعي يفرض هذه الحالة المرهقة على الوالدين حينما يصل “الولد” إلى سن التغيرات البيولوجية والعاطفية والنفسية، بعد القفزة المفاجأة من الطفولة وما تحتويه من اهتمامات. هذه المرحلة الخطيرة هي عامة لكل البشر، بل وحتى الحيوانات التي تمر بهذه التغيرات الحرجة وأستشهد هنا بـ”القطط” بحكم قربي منها وتربيتي لها منذ أن كنت طفلة وإلى اليوم. ما أردت قوله من هذا أن مرحلة الانتقال هي عبارة عن فجيعة جسدية ونفسية تتطلب دراية ودقة في التعامل مع المراهق، ليخرج منها بأقل الخسائر الممكنة منطلقاً إلى مرحلة النضج والتوازن.

هذه المرحلة الخطيرة تحتاج إلى أنشطة لتساعد في ضبط فورة الهرمونات التي تجعل من المراهق “المُرهق” يقوم بتصرفات لا مسؤولة، وسلوكيات قد تأتي بعواقب وخيمة تبقى آثارها معه طوال حياته، لذا فإن (الاحتواء) هو الأسلوب التربوي الذي يدخل ضمنه كل الفرعيات الأخرى. مع ذلك، وحتى مع دراية الوالدين بهذه الأمور وتوفر الوعي الكامل لديهما، نعيش في ثقافة مجتمعية تفرض علينا “التفكك” لأن الولد منذ أن تبدأ تغيراته الجسدية يواجه جملة “ممنوع من الدخول” فهو لم يعد ذلك الطفل الذي يرافق أمه، ولا ذاك الذي يفرح حينما يصحبه والده معه إلى -البقالة- والقيود الاجتماعية التي تنسدل عنها قائمة طويلة من المحظورات الاجتماعية والعادات والتقاليد، ستجعله يقف عند الباب حينما تكون أمه في زيارة، فليس هو بالطفل الذي يدخل إلى وسط البيوت أو الاستراحات في التجمعات النسائية، وفي مجتمعنا يتم تأهيل الطفل لهذا حتى قبل أن يصل إلى سن “البلوغ” لأنه حينما يذهب مع والدته إلى منتزه -رغم قلة المنتزهات وسوء خدماتها- إلا أنه سيجد المسطرة التي تقيس طوله عند البوابة، فإن تعدى 120 سم لن يدخل! وسيواجه أيضا نساء -قريبات- أو -صديقات- يبدأن بسؤاله عند رؤيته: “نتغطى عنك ولا توك؟”، بصراحة، مع كل هذه الظروف المحيطة بـ”الولد” والعزل الإجباري الذي يتناقض مع رغبة الوالدين بالاحتواء، أو وعيهما به، فإن البيئة لن تسمح، والعادات والتقاليد لن تسمح، والظروف لن تسمح، و”الولد” بطبيعة الحال سيقضي معظم وقته مع الأصدقاء، فليس لديه سواهم، ولأن الأوقات الأخرى التي يفترض أن تكون موزعة على أنشطة أخرى ستكون أيضا وسط الأصدقاء، لأن لا أنشطة متوفرة، ولا أماكن، ولا حياة!

ماذا بقي؟ (الأسواق!) وهل لدينا سوى الأسواق؟ وهل من أنشطة للمراهقين وغير المراهقين لدينا غير الأسواق؟ هذه أيضاً كانت إلى وقت قريب محرمة على المراهقين وغير المراهقين من العزاب، لتكتمل المنظومة الاجتماعية في العزل والتفكك، الذي خلق حالة من “التوحش” صار يوصم بها الرجل السعودي في كل العالم، لنعود إلى السؤال المعتاد، هل رأى نساء في حياته سوى أمه وأخواته؟ قد يقول البعض لا، لكن بالتأكيد ليس كل واحد متاح له السفر والخروج لرؤية العالم وكسر الوحش الداخلي عند رؤية النساء، وهذا السلوك طبيعي حينما تعزل الجنسين بهذه الصورة غير الطبيعية!

قرار الأمير سطام بن عبدالعزيز، أمير منطقة الرياض، بالسماح للشباب بالدخول إلى المجمعات والأسواق التجارية، هو قرار صائب وإن أتى متأخراً فخير من أن لا يأتي، مع ذلك فإن أي قرار عند بداية نفاده يواجه بعض المشكلات، وبالتنظيم والقوانين حتى من لم يتربَ على الاحترام فسيتعلم الأدب، وهذا يعيدني إلى موقف شاهدته قبل سنوات في دولة عربية شقيقة لا تمنع دخول الشباب إلى الأسواق، إلا أنني فوجئت برجل الأمن يطرد مجموعة من المراهقين إلى الخارج، كانت تلك زيارتي الأولى لتلك الدولة فتوجهت فوراً أحمل “فضولي” لأسأل رجل الأمن إن كان لديهم نظام يمنع الشباب من الدخول، فأجابني: “احنا بنطرد أيا حدا مش مأدب صبي أو بنت”، إن هذه الجملة وحدها كفيلة بأن تضع قانوناً يلتزم به الجميع، أما حكاية المطالبات بجلد الشباب غير المؤدب أو من يصدر منه سلوكيات فيها تعدٍ على الآخرين، فهي بنظري استكمال لثقافة التوحش المجتمعي، والذي يتنافى كلياً مع الاحتواء، بعد هذا علينا أن لا نأتي ونتساءل.. ما الذي أوصل شبابنا إلى آفة المخدرات؟ أو ما الذي رمى بهم في غياهب الإرهاب؟

www.salmogren.net
 

مطر الكلمات
120 سم
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة