ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 02/01/2013 Issue 14706 14706 الاربعاء 20 صفر 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

من أعظم الغلط الثقة بالناس والاسترسال إلى الأصدقاء، فإن أشد الأعداء وأكثرهم أذى الصديق المنقلب عدواً، لأنه قد اطلع على خفي السر.

قال الشاعر:

احذر عدوك مرة

واحذر صديقك ألف مرة

فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة

واعلم أن من الأمر الموضوع في النفوس الحسد على النعم، أو الغبطة وحب الرفعة، فإذا رآك من يعتقدك مثلاً له وقد ارتقيت عليه فلا بد أن يتأثر وربما حسد.

فإن أخوة يوسف عليهم السلام من هذا الجنس جرى لهم ماشأنهم.

هذا الكلام لأحد علماء الإسلام وهو الإمام جمال الدين أبي الفرج عبدالرحمن ابن الجوزي البغدادي المتوفى عام 597هـ في كتابه الشهير صيد الخاطر الملئ بالحكايات والمواعظ والحكم، وكلام ابن الجوزي يردده الكثير بأن الصديق قد ينقلب إلى عدو شديد العداوة، وبالتالي يجب أن نحذر من أصدقائنا وأن نتردد في تكوين الصداقات ولكن دون شك أن هذا الكلام لايحمل على مجمله فالصديق الحقيقي لايمكن تحت أي ظرف من الظروف أن ينقم على صديقه أو يحسده أو يتمنى له الشر لأن الصداقة الحقيقية تكون مبنية على احترام وعلى محبة لايمكن أن يفسدها أي عمل قد يتصور منه أن يخدش هذه الصداقة، كما أن الصديق الحقيقي سيظل يغبط صديقه على كل خير يأتيه بل ويتمنى له أن يزداد مايأتيه من هذا الخير ولايتمنى بحال من الأحوال أن يزول عنه هذا الخير.

أما الفئة التي صورها ابن الجوزي وغيرها والذي قال عنها الشاعر:

احذر عدوك مرة

واحذر صديقك ألف مرة

فهذه فئة قامت صداقتها على بنيان هش وأساس ركيك لايصمد أمام الزمن، فهم من الأصل تقربوا إلى الشخص وادعوا صداقته للحصول على منفعة دنيوية أو للتقرب منه وجاهة فإن زال عنه ذلك تركوه، وفئة أخرى تدخل في إطار الأصدقاء والذين ينقلبون إلى أعداء من يدعي الصداقة وهو حسود من الأصل، يفجر بغضه وكراهيته في لحظة من اللحظات ليظهر على حقيقته حاسداً ناقماً كل ذلك لأن من كان يعده صديقاً فاقه منزلة لعمل رفع مكانته واجتهد في الوصول إليه في حين أن الصديق الحاسد لم يتمكن من تطوير قدراته فبقي أسير مكانته التي تخطاها بها الصديق المحسود، وهنا تكون الغفلة من الصديق المحسود لأنه بحكم خلوه من العقد والبغض والكراهية يركن إلى من يعتقد أنه صديقه فيمكنه من أمور كثيرة عن حياته الشخصية ليستغلها الآخر ويكرس من خلالها كراهيته وهذا في ظني من يعنيهم الإمام الجوزي والشاعر وغيرهما..

البوارح
الصديق العدو
د.دلال بنت مخلد الحربي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة