ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 04/01/2013 Issue 14708 14708 الجمعة 22 صفر 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

تداول موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” صورة بلباس قصير لسيدة سعودية، وزعم مسرب الصورة أنها التُقطت للسيدة خارج المملكة، وفي مكان عام ضم مجموعة مختلطة من الرجال والنساء، ونظر بعض المغردين لها بأنها تمثل حالة فردية، وآخرون رأوا أن هذا السلوك مجون وفجور يجب معاقبتها عليه، في حين أصرت مجموعة على أنها تمارس سلوكيات تمثلها؛ وبالتالي فهي حرة في مجتمع مختلف، منحها الحرية كاملة؛ لذا فهي محاسَبة على تصرفاتها وفقاً لقوانين المجتمع الذي تقيم فيه، وليس لأحد الوصاية عليها أو محاسبتها. وطرح بعض المعلقين على الصورة سؤالاً وجيهاً، يدور حول السبب في تناقض هذه السيدة التي تظهر في المناسبات واللقاءات داخل السعودية بلباسها المحتشم، بينما تتبدل صورتها في الخارج، وما تخشى الإقدام عليه هنا تقتحمه بجرأة تصل لتحطيم كل الضوابط، وكأنها ترغب في الشبع والارتواء من كل شيء حُرمت منه؟

بداية أرى أن الصورة تخص صاحبتها، هذا إن كانت صحيحة ولم تخضع لعمليات الفوتوشوب. والأهم أن هذه صورة واحدة فقط من آلاف صور التناقض الصارخة في سلوكياتنا، وهو تناقض يحدث في الداخل أيضاً؛ فما يمارسه شخص من سلوك أمام مجموعة لا يمكن أن يمارسه أمام مجموعة أخرى؛ فالمدخن أمام زملائه في الاستراحة يقلع عنه عندما يجالس مجموعة أخرى ترفض هذا السلوك، بل إنه يعمد لتغيير ملابسه والتطيب كي لا تنبعث منه أي رائحة تدل على أنه مدخن، وهو بهذا السلوك يحاول كسب جميع الأطراف، ولم يتركه أمام المجموعة الثانية إلا خوفاً أو ليثبت أنه يسير على الصراط المستقيم ولم يقلع عنه مؤقتاً تقديراً كما يرى البعض.

التناقض بين الداخل والخارج صارخ؛ ما إن يخلو الفرد بنفسه حتى يمارس كل ما يحلو له، والاختلاف ليس فقط في نوعية الأزياء أو الأكل والشرب بل يتعدى ذلك إلى نسف قناعات الداخل المزيفة تماماً، فمئات يرفضون قيادة المرأة للسيارة، ويسايرون من يناهضونها علانية، لكن أحدهم قد يركب مع امرأة تقود السيارة في الخارج، وبعض المقيمين السعوديين لظروف العمل أو الدراسة لا يمانعون في قيادة بناتهم للسيارة في الخارج، بينما ينكرون على من يطالب بقيادة المرأة للسيارة في الداخل، وهذا الأمر ينسحب على السينما والاختلاط المسموح به خارجياً، والمرفوض داخلياً، وعلى ذلك فقس.

من أهم أسباب التناقض في نظري، الذي تتفرع منه كل الأسباب الأخرى تقريباً، الخوف من سطوة فئات تقسر الفرد على ارتداء اللباس الذي ترغبه دون نقاش أو جدال، ولأن هذا الفرد ارتدى هذه الثياب دون قناعة منه، وإنما خوف أدى إلى انصياع ومجاملة، فإنه ما يلبث أن ينزعها في أقرب فرصة يتوارى فيها عن مشهد الراصدين لحركاته وسكناته، ومن يعفي اللحية دون قناعة يحلقها بمجرد ركوبه للطائرة لزوال عقدة الخوف، وهي العقدة الأزلية التي خلقت مجتمعاً مترعاً بالنفاق والمجاملة والمداهنة، فحتى من يصلي تحت سطوة الخوف يتركها بمجرد زوال هذا الكابوس، أما من يصلي بقناعة فإنه يؤدي هذه العبادة في أي بقعة حتى ولو كان تحت وابل الرصاص؛ لأن خوفه من الله لا من الناس، وهو الخوف الفطري الذي لم تفلح مناهج الدين ولا المواعظ في غرسه بدلاً من الخوف من الناس.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
سلوكيات السعوديين المتناقض!
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة