ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 12/01/2013 Issue 14716 14716 السبت 30 صفر 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده. المجتمع مثلاً يحتاج إلى الداعية الصالح المنطلق من أهداف ومقاصد نبيلة لإصلاح مجتمعه والمساعدة في حل مشكلاته وطرح الحلول العملية لإنقاذ الشباب من براثن المخدرات، وتيسير السبل كي تعيش المرأة حرة كريمة في مجتمعها، وتوجيه الناس لكل أمر يصلح دنياهم وأخراهم. لكن الداعية القادر على طرح الحلول وتيسير السبل وتوجيه الناس له مواصفات لا يمتلكها أكثر ممن نشاهدهم اليوم، ومنها العلم الغزير المتجدد والمواكب للعصر الحاضر، والإلمام الواسع بمشكلات المجتمع، والتواضع والأخلاق والأسلوب العملي في الطرح بعيداً عن التنميق والإنشاء والخطاب الرنان الذي ينتهي أثره سريعاً.

المتابع لما يجري في الساحة الدعوية لابد أنه يلحظ الغزارة في الإنتاج والسوء في التوزيع، وبمعنى آخر فإن الغث قد غلب على السمين، لذلك فإن هذه الزيادة والوفرة قد انقلبت إلى الضد فتحول عدد كبير من الدعاة ممن لا يمتلكون المؤهلات التي ذكرت إلى محرضين على فئات معينة من أبناء وبنات هذا المجتمع، وإلى نافخين في نار الطائفية البغيضة لتفتيت اللحمة الوطنية بين أبناء البلد الواحد، وإلى مشجعين للشباب كي يرموا بأنفسهم في طريق الهلاك عندما يدعونهم بصراحة إلى الجهاد والتوجه إلى سوريا للقتال جنباً إلى جنب مع إخوانهم في العقيدة، وهم بهذا الفعل غير المتسق مع الواقع يكررون أحداث الماضي يوم خرج شبابنا إلى الشيشان وأفغانستان والعراق لا يدرون تحت أي راية يقاتلون وإلى أي هدف سيصلون، فهلك بعضهم ومن بقي منهم أدخل السجون ورزح تحت النكال والتعذيب، وبيع آخرون في أسواق النخاسة ولم يعرف حتى اليوم مصير شباب فقدتهم أسرهم المكلومة التي لا تملك اليوم سوى اجترار الحسرات وسكب العبرات، مع العلم بأن المقاتلين للنظام الفاسد في سوريا بحاجة إلى الدعاء والمال أكثر من حاجتهم لأي شيء آخر. أشغل أغلب الدعاة أنفسهم في أمور مظهرية وهامشية وموضوعات مكررة حفظها الناس على مر السنين وأهملوا قضايا اجتماعية هامة مثل البطالة والفقر وعضل النساء والطلاق وتزويج القاصرات.

أعجبتني كلمة مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ في جامعة الدمام، إذ نوه سماحته إلى دور الدعاة فقال “نحن في زمن التبس الحق فيه بالباطل وكثر المرشدون والوعاظ والدعاة ولكن الغاية أن تكون الدعوة منطلقة من أساس سليم وأن يكون التوجيه صادراً من علم وبصيرة، ويكون هدفه الإصلاح وجمع الكلمة”.

في هذه الكلمة كأنما فتح سماحته ملف الدعاة والوعاظ، أو كأنما أشار إلى الإشكاليات التي يعانيها هذا المجال الهام وبخاصة إذا ما أدركنا خطورة التوجيهات الضالة غير المستندة إلى أساس الدين وجوهره، فمجال الدعوة يستهدف شرائح متنوعة منهم المدرك والعارف ببواطن الأمور ومجريات الأحداث ومثل هذا لا خوف عليه، ومنهم العامي البسيط الذي ينجرف بسهولة وتسهل برمجته، ومنهم الشاب الغر الذي يخدع بسهولة فتسهل قيادته إلى مواطن تضر به. وسماحته شخَّص المشكلة بوضوح وكيف تحوَّل ميدان الدعوة إلى ساحة لا يستبين الإنسان فيها سبل النجاة، وهو ما يدعو إلى تخليصها من المسيئين لها.

أعرف أن من مهام وزارة الشئون الإسلامية الدعوة والإرشاد، لكني لا ألمس أثراً لجهود تصحح المسار بما يخدم الناس.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
كثرة وقلة بركة!
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة