ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 14/01/2013 Issue 14718 14718 الأثنين 02 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

وصلني عتاب من زميل عن مقال “ رهبانية بين ظهرانينا”، وقد عرفته منذ سنوات طويلة مثالياً في سلوكه، ويعبر عن التدين المحمود من خلال خُلق رفيع وابتسامة لا تُفارق محياه، وكان عتابه أنني قسوت في نقدي على المتدينين في ذلك المقال، وقد بينت له أنني أحاول من خلال زاويتي رصد بعض الظواهر في المجتمع، وأسلط النورعلى بعض القضايا التي تمس حرية الجميع وحقوقهم من دون تحيز، ولا يعني ذلك أنني ضد ظاهرة التدين في المجتمع، وقد سبق وأن اتهمت بأنني إخواني عندما كتبت عن نجاح الإخوان في الانتخابات ما بعد الثورة في مصر في مقال (الإخوان في موسم الحصاد)، وأثنيت فيه على قبولهم لمنتجات الحداثة ومنها الديموقراطية والمجتمع المدني، وفي نفس الوقت طالبت بحل الجماعة لأنها تمثل فئوية وأدلجة للدين الحنيف في قضايا السياسة، كما أنني سبق و نقدت الظواهر الليبرالية في المجتمع.

باختصار لست ضد التدين كما عرفته من خلال الزميل، وأؤمن أن الدين المعاملة، وأن التسلط باسم الدين الحنيف خطأ جسيم لا يُغتفر، لأنه ينفر من الدين، ويجعل المجتمع في حالة الخوف من الإنسان المتدين الذي يستخدم مبادئ الدين الحنيف للتسلط على الآخرين، لأنه قد يؤذيهم إما بالتدخل في شؤونهم الخاصة، أو التشهير بهم، وذلك مناف لأبسط مقاصد الدين الحنيف، كما أنني أقف بشدة ضد أي تسلط من أي فرد كان، سواء كان ذلك نابعا من مرجعية النفوذ أو الفكر الديني أو اللاديني، وحسب فهمي المتواضع لا يختلف هؤلاء في جرمهم إذا هم مارسوا التسلط ضد الآخرين، وعادة ينتشر التسلط في المجتمعات التي لا تحكمها قوانين واضحة، تدين وتعاقب الذين يتسلطون على المستضعفين في المجتمع.

يعد التسلط ظاهرة منتشرة في المجتمع السعودي، ويظهر بعض المتدينين في قائمة التسلط، من خلال عملهم الميداني، و يُظهر أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أول القائمة، وكان لصولاتهم في الأسواق ومعارض الكتاب وعنفهم اللامبرر الدور الأهم في اعتلائهم للقائمة، لكن مع ذلك يتضح لي شخصياً في الوقت الحاضر أن هناك تطوراً ملحوظاً في تعاملهم مع الناس منذ بدأ الدكتورعبداللطيف آل الشيخ عمله كرئيس للهيئة.

ولا يقتصر التسلط في سلوك بعض أعضاء الهيئة فقط، ويظهر في عدة أوجه في المجتمع، وأحياناً يبرز في صور متوحشة، فهناك من يعتقد أنه فوق القانون، إما لمكانته الاجتماعية، أو لعلاقاته مع أصحاب النفوذ، وهو ما يجعل منهم أدوات في غاية التسلط ضد أفراد المجتمع، كما لا تخلو المؤسسات والشركات من آفة التسلط الإداري، والتي يظهر فيها فقر التأثير القانوني بين السعوديين، حيث لا يوجد حد أدنى لسلوك التسلط، و لا توجد مواقف محددة من السلوك المتسلط، لهذا السبب لا يكترث المتسلط من قانون المؤسسة أو شريعة البلد، لأنه يعتقد أن القانون في السعودية مجرد ديكورعلى الشاشة الخارجية، وليس للتطبيق في المجتمع السعودي، وهناك أمثلة على ذلك وتحتاج لوقفات من قبل المسؤولين في الهيئات التشريعية في المملكة.

تعد النساء والأطفال أكبر ضحايا التسلط في المجتمع، فالضرب والتحرش الجنسي بالأطفال والنساء يصل إلى نسب مرتفعة في المجتمع السعودي، و تغيب القوانين التي تضع حداً لمثل هذه الجرائم،كذلك تنتشر ظواهر التسلط على الأطفال في البيوت والمدارس، وأشدد في المدارس إذ يتداول بعض المعلمين أن التحرش الجنسي بالأطفال والمراهقين يحدث في المدارس، و يحتاج إلى وضع منهج يرصد مثل هذه الحالات، ويسهل من التبليغ عنها، ويعاقب بأشد العقاب الذين يمارسون تسلطهم وتحرشهم الجنسي بفلذات الأكباد في المدارس....

في نهاية الأمر أتمنى أن نجحت في إيضاح موقفي تجاه عتاب الزميل، وفي نفس الوقت كم أود أن تبدأ حملة تنويرية ضد ثقافة التسلط في المجتمع، وأن يكون هناك مناهج تدرس في المدارس وتبين حقوق الإنسان، وتوضح كيف ينال المرء حقوقه إن تسلط عليهم أحدهم، وفي الختام أدعوالمتدينين وغير المتدينين أن نقف سوياً ضد التسلط مهما كان مصدره، والله على ما أقول شهيد

بين الكلمات
معاً ضد التسلط..
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة