ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 16/01/2013 Issue 14720 14720 الاربعاء 04 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

مسافة كبيرة، كالعادة، تفصل ما بين الجلوس في مقاعد المتفرجين والوقوف على المنصة.

هي نفس المسافة التي تفصل ما بين الذين يطلقون الشعارات التبسيطية عندما يكونون في صفوف المعارضة وأولئك الذين يجدون أنفسهم يخوضون في مستنقع عميق من المشكلات المتراكمة عندما يتسلمون زمام الحكم.

يعترف رئيس وزراء تونس السيد حمادي الجبالي في حوار أجرته معه جريدة «الشرق الوسط» مؤخراً أن تقييمه للأمور قبل استلامه السلطة كان غير صحيح فيقول: «كان هناك خطأ في التقييم قبل الدخول إلى الحكم وأن الأمر أسهل من هذا؛ لكن الأمر صعبٌ جداً ومعقد». ويعترف، مرة أخرى، فيقول: «لقد انجررنا إلى خطب أيديولوجية وربما إلى مجاملات لتلبية رغبات».

لقد وجد السيد الجبالي أن تلبية احتياجات المواطنين لا تتحقق عن طريق الشعارات. فالشعارات لا توفر وظائف للعاطلين عن العمل، ولا توفر الرغيف للجائع، ولا السكن لمن لا يجد سقفاً يأويه.

حتى الآن لا يبدو أن أياً من الدول العربية التي يُطلق عليها دول «الربيع العربي» قد حققت أبسط الآمال التي كانت تدغدغ خيالات الشعب الذي خرج إلى الشوارع والميادين صائحاً: «الشعب يريد إسقاط النظام». بل إن الأوضاع الاقتصادية والأمنية لتلك الدول باتت حالياً أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل انهيار الأنظمة السابقة.

بطبيعة الحال، ما من عاقل يتوقع أن تتغير أوضاع هذه الدول إلى الأحسن خلال فترة قصيرة من الزمن. كل الثورات التي سجلتها كتب التاريخ في العالم لم تحقق الثمار التي كان يحلم بها البسطاء وغير البسطاء ممن غامروا بحياتهم وواجهوا أجهزة الأنظمة الحاكمة إلا بعد زمن طويل من قيام تلك الثورات.

الثورات لا تحقق ثمارها المأمولة إلا في المدى الأبعد، ودروس التاريخ تقول إن الذين يتقدمون الصفوف ويضحون بحياتهم -وغالبيتهم من البسطاء- هم آخر المستفيدين من الثورات. فكل ثورة تأتي بطبقتها الحاكمة، وتأتي بصراعاتها ومآزقها، ثم تكتشف في النهاية، مثلما اكتشف السيد حمادي الجبالي، أن تقييم الأمور لم يكن دقيقاً قبل الوصول إلى الحكم وأن على الشعب أن يصبر ولا يتعجل الوصول إلى حلول لمشكلاته المعيشية!

مشكلات العالم العربي لا تحلها الشعارات أو الأيديولوجيات فهي مشكلات متجذرة في أعماق البنية الاجتماعية والثقافية لهذه المجتمعات. حتى لو قامت أعتى الثورات لن تستطيع أن تغير المفاهيم والقيم المعطلة للتقدم، وسيأتي في كل مرة من يقول: لقد أخطأنا التقييم!

ما الفائدة، إذن، من كل التضحيات والدماء والدموع؟!

alhumaidak@gmail.com
ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض

على وجه التحديد
خطأ في التقييم..؟!
عبدالواحد الحميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة