ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 16/01/2013 Issue 14720 14720 الاربعاء 04 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

خلال اللقاء مع معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم تحت قبة الجزيرة، بين معاليه أن استراتيجية وزارة الزراعة في المملكة لازالت في طور الإعداد، وحيث تمثل الزراعة والنشاطات المتعلقة بها كتنمية الثروة الحيوانية والسمكية أحد النشاطات الرئيسة في أي مجتمع نامٍ وأحد روافد التنمية الاجتماعية، والأمن الغذائي. فاستراتيجيتها هي حجر زاوية في تكوين الإستراتيجية الوطنية للاقتصاد الوطني. معالي الوزير لم يذكر أن تلك الإستراتيجية تنسجم أو تتجانس أو تدعم الإستراتيجية الوطنية لتنمية الاقتصاد الوطني، وهو ما يقود للاعتقاد بعدم وضوح أو أهمية تلك الإستراتيجية الوطنية، ومع ذلك تعلن وزارة الاقتصاد والتخطيط رؤية للاقتصاد الوطني تمت صياغتها في العام 2002م وتنص عبارتها على «سيكون الاقتصاد السعودي، إن شاء الله، بحلول عام 1444-1445هـ 2024م, اقتصادا متطوراً منتعشاً ومزدهراً، قائماً على قواعد مستدامة، موفراً فرص عمل مجزية لجميع المواطنين القادرين على العمل، متسماً بنظام تعليم وتدريب عالي الجودة والكفاءة، وعناية صحية متميزة متاحة للجميع، إضافة إلى جميع الخدمات الأخرى اللازمة لتوفير الرفاهية لجميع المواطنين، وحماية القيم الاجتماعية والدينية والحفاظ على التراث «هذه الرؤيا في واد ونحن في واد آخر».

عندما أردت كتابة هذا المقال، اطلعت على ما نشر من إستراتيجيات تحكم خطط التنمية الوطنية السابقة والحالية والتي أعدتها جهات حكومية من خلال أجهزة التخطيط لديها أو من خلال شركات استشارية وظفت لهذا الغرض، ولم يفاجئني عدم التجانس والتوافق بين تلك الإستراتيجيات، بل إنه لم يفاجئني عدم وجود إستراتيجية لبعض القطاعات المؤثرة في تنمية المواطن والوطن. فهذا القصور في التخطيط الإستراتيجي كان متوقعا ومشاهدا لمن يطلع على ملخصات الخطط الخمسية وما تحقق على أرض الواقع، فالبون شاسع بين ما يخطط وما ينجز وكأن التخطيط لبلد آخر غير بلادنا، وليس هناك سبب لهذا القصور أكثر من غياب المنظور الإستراتيجي التنموي لدى قطاع كبير من متخذي القرار في الجهاز الحكومي وضعف القدرة على التفكير بتجانس مع التحديات والفرص.

أن غياب المنظور الإستراتيجي المتجانس وربما المركزي في العمل الحكومي التنموي وخصوصا في بلد تسير الحكومة تنميتها بصورة منفردة، أمر سيقودنا للتخبط وتبديد ثروتنا في نشاطات غير منتجة وربما يحدث أثر مناقض للتنمية بصورة عامة ناهيك عن تحقيق تنمية متوازنة، ولم يعد من المناسب بقاء هذه الوضع على ما هو عليه، فلابد من وجود إستراتيجية تنموية واضحة المعالم جريئة الطرح، تأخذ في حسابها المعوقات التنموية الحقيقة الاجتماعية والتنظيمية والتركيبية للواقع السعودي، وتوضح بجلاء الفرص التي علينا كمجتمع وكدولة اغتنامها لنضع بصمة في صفحة التنمية العالمية والحضارة الإنسانية، هذه الإستراتيجية لابد أن تكون متوازنة في تجانسها مع محركات الاقتصاد السعودي وأن تكون واقعية في تكوين المنظور المستقبلي لبلادنا.

إن واقع وكفاءة الاجهزة التخطيطية في الجهاز الحكومي بصورة عامة لا ترقى للقدرة التي يحتاجها وضع إستراتيجية متكاملة للمستقبل السعودي، فوزارة الاقتصاد والتخطيط وهي المسؤولة بوضوح عن وضع هذه الإستراتيجية لم تثبت بعد قدرتها على وضع آلية تخطيط حكومية شاملة، فخططها الخمسية لم تكن أكثر من خطط إرشادية، معظمها يفتقر للبرامج ويفتقر للمخرجات ومعايير الإنجاز، ولا تعدو من كلام أدبي منمق وطموحات غير واقعية، ولازالت الوزارة الموقرة تحتاج الكثير من الدعم والصلاحيات لتصبح قادرة على بناء إستراتيجية مركزية.

نحن اليوم نرى بوضوح دولا كانت أقل حظا منا في الموارد والإمكانات تخطتنا حضاريا وتنمويا، والسبب يعود لتبني تلك الدول إستراتيجيات واقعية والتزام بتحقيق تلك الإستراتيجيات، هذه الدول لم تقم بعمل سحري، فقط قرر أهلها أن يتغيروا، فباتت التنمية هي وسيلتهم والحضارة والتقدم هدفهم، لم ينظروا لمعيقات تطورهم وجعلوا جهدهم في تحقيق قفزات مرحلية متجانسة ومتظافرة، ونحن اليوم أمام مسؤولية تاريخية وربما مفصلية في عملية البناء الحضاري لبلادنا، لذا لابد أن نعتمد العمل التخطيطي الحقيقي وأن نجعل هذا العمل مركزي وله سيادة على كل عمل آخر, فوزارة الاقتصاد والتخطيط مطالبة اليوم بنفض غبار الماضي وتقمص دور مركزي في تخطيط التنمية وبدأ عملية التغيير الحقيقية بتغيير دورها ليكون دورا ريادياً وأن تتولى مجمل العملية التخطيطية في جميع الأجهزة الحكومية، وتتولى وضع الخطط والإستراتيجيات القطاعية، لا أن تنتظر من كل قطاع وضع إستراتيجيته ثم تقوم بعملية القص واللصق حتى توائم تلك الإستراتيجيات مع بعضها، فالتخطيط الإستراتيجي يبدأ من الخطة الإستراتيجية المركزية ثم يتفرع في صورة إستراتيجيات قطاعية.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail

نبض الخاطر
أين هي إستراتيجيتنا الوطنية؟!
محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة