ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 17/01/2013 Issue 14721 14721 الخميس 05 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

كنتُ في الجزء الأول من هذا المقال أتَحدَّث عن أهَميَّة التواصل الفعَّال بين الأندية الأدبية وطلاب الدراسات العليا، وضرورة أن تقترب مثل هذه المؤسسات الثقافية من هذه النخبة المتميزة من طلابنا الذين تفتخر بِهم جامعاتُهم وتنتظر منهم إنتاجاً علمياً متميزاً، وبُحوثاً على مستوى عالٍ من الجودة والجِدَّة، بعيداً عن التكرار الممل والضعف المخل.

وفي هذا الجزء سأحاول أن أشير إلى بعض الآليات والوسائل التي يُمكن أن تفيد في تفعيل هذا التواصل، وتفتح آفاق الاتصال بين الطرفين، ليتمخَّض عن ذلك ارتقاءٌ في مستوى الفكر والثقافة على كافَّة الأصعدة.

وأرى أنَّ أول ما ينبغي الالتفات إليه في هذا السياق هو توثيق الصلة بين الأندية الأدبية من جهة ومديري الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام من جهةٍ أخرى، وعقد الشراكات العلمية والثقافية والفكرية بين هذين الطرفين، وتوقيع مذكرات التفاهم التي تركز على الإفادة من نشاطات النادي في دعم طلاب الدراسات العليا دعماً علمياً وثقافياً، وتوجيههم توجيهاً صحيحاً نَحو الطريقة المثلى في إبداع الموضوعات العلمية المتميزة، والصياغة السليمة لغوياً ونَحوياً وأسلوبياً وإملائياً، ومنحهم القدرة على التحليل الدقيق والتأمُّل العميق في دراساتِهم النظرية والتطبيقية، ومن ثَمَّ الخروج بنتائج وتوصيات تستحقُّ الالتفات إليها والعمل بِها.

ولأنَّ رؤساء الأقسام العلمية هم الأقرب إلى هُموم الطلاب فأرى - بالإضافة إلى ما سبق - ضرورة عقد الاجتماعات الدورية بين النادي والرؤساء، والنظر في هذه الهموم، واستجلاء المشكلات التي تواجههم، ومُحاولة الوصول إلى حلولٍ تتجاوز هذه العقبات، من خلال عقد البرامج والنشاطات التي من شأنِها تسهيل مهمتهم، وتوفير كلِّ السبل التي تفتح لَهم فضاءات البحث العلمي الرحبة.

ومن الآليات التي يُمكن من خلالِها تفعيل هذا التواصل إقامة الدورات العلمية والأدبية الفكرية والثقافية التي تتناسب مع برامج الدراسات العليا في كلِّ قسمٍ من هذه الأقسام، حيث يتمُّ الإعلان عنها بشكل مكثَّف في الأقسام، ويُدعى إليها هؤلاء الطلاب بوصفٍ خاص، ويقوم الأساتذة الذين يدرسون في هذه البرامج بِحَثِّ طلابِهم وترغيبهم في حضورها والإفادة منها، ومهمٌّ أن يكون من بين هذه الدورات ما يكون خاصَّاً بأسس البحث العلمي، والكيفية التي من خلالِها يستطيع الطالب تطبيق مهارات البحث النظري والتطبيق؛ لأنَّ الواقع يُؤكِّد أنَّ كثيراً من الطلاب يفتقد هذه المهارات، ومن ثَمَّ يَخرج ببحثٍ ضعيفٍ قد ينال به درجةً علمية، غير أنه يبقى ضعيفاً لا يليق بِجامعاتنا ولا بأقسامنا التي يُفترض أن تكون متميزةً على المستويات كافَّة.

كما يَجب أن يكون ضمن هذه الدورات ما يتصل بتحقيق المخطوطات، وهو مَجالٌ ينبغي التأكيد عليه، والتنبيه إلى أهَميته، وتنمية مهارات الطلاب فيه، وتشجيعهم على خوض غماره، فكثيرةٌ هي المخطوطات الثمينة التي ما زالت تقبع حبيسة المكتبات لأنها لَم تَجد من يعرف طريقة إظهارها إلى النور، أو أنَّها وجدت مَن لا يتقن فنَّ التحقيق، فأخرجها مُشوَّهةً لا تَمُتُّ إلى حقيقتها بأدنَى نسب.

ومن الدورات التي يُمكن أن يقيمها النادي لطلاب الدراسات العليا دورة تَهتمُّ بالكشف عن الأخطاء الشائعة في كتابة الرسائل العلمية، سواء أكانت على المستوى العلمي أو المنهجي أو الشكلي، فالمطلع على أغلب الرسائل العلمية سيلحظ كثيراً من الأخطاء التي طالَما نبَّه إليها المناقشون، ولا شك أن عقد هذه الدورات وحضور الطلاب إليها بالتنسيق مع أساتذة البحوث سيقضي على كثير من هذه الأخطاء، وينشر الوعي بينهم حول ضرورة تجاوز مثل هذه الإخفاقات، ومن ثم الخروج برسائل تتوافر فيها الشروط العلمية والمنهجية الصحيحة.

ومن الآليات التي يُمكن أن تفيد في تفعيل التواصل بين الأندية الأدبية وطلاب الدراسات العليا عقد بعض الندوات والمحاضرات حول مفردة من مفردات أحد المقررات التي يدرسها الطلاب في قسم من الأقسام، وذلك بعد التنسيق بين النادي والقسم، وبدلاً من أن يصغي الطالب إلى أستاذه في القاعة كما تعوَّد دائماً سيصغي هذه المرة إلى موضوع المحاضرة في النادي الأدبي، ومن أستاذ آخر متخصص في الموضوع نفسه، وأحسب أنَّ مثل هذه الآليات تُجدِّد الروح العلمية عند الطلاب، وتبتعد بِهم عن الملل الناتج عن النمطية في الطرح، وتشرع لَهم باباً للتواصل مع الأندية، وتتيح لَهم التعرف على نشاطاتِها، وتثري لَهم الموضوعات التي يدرسونَها، لأنَّهم سيستمعون حينها إلى مُداخلاتٍ وتساؤلاتٍ مِن غيرهم مِن الحاضرين من المثقفين والأدباء والمفكرين.

كما يُمكن التنسيق بين النادي الأدبي ورؤساء الأقسام لِحضور أمسيةٍ من الأمسيات الشعرية، وإتاحة الفرصة للطلاب للاستماع إلى النصوص الشعرية والنثرية التي تُلقى على منبر النادي، ويُكلف الطلاب بتقديم رؤاهم النقدية حول هذه النصوص، أو اختيار أحدها ومحاولة تقديم قراءة نقدية لَها وفق أحد المناهج النقدية المقررة في الدراسة، ولا شك أنَّ مثل هذه الأساليب تُخرج الطالب من الميدان النظري إلى الميدان التطبيقي الرحب، وتَجعله يتفاعل مع الواقع الثقافي المحيط حوله، وتَمنحه مزيداً من الجرأة العلمية المطلوبة، وتكشف له عن قيمة ما يتعلمه في هذه المرحلة المهمة التي تأتي قبل ولوجه فضاءات البحث العلمي.

Omar1401@gmail.com

الأندية الأدبية.. وطلاب الدراسات العليا (2)
د. عمر بن عبدالعزيز المحمود

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة