ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 18/01/2013 Issue 14722 14722 الجمعة 06 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

كتبتُ كثيراً في هذه الجريدة وغيرها، عن المرور وما أدراك ما المرور، في محاولة جادة، أناوشُ من خلالها إخواننا المسئولين في الإدارة العامة للمرور، من باب لعلّ وعسى، أن يعيروا ما يطرح في الصحف من رؤى وأفكار ومقترحات تتضمن وجهات نظر، للحد من تلك الكوارث المرورية الصاعقة، التي نشاهدها، وكل منا صاح بالصوت الرفيع، لكن في الحقيقة المرّة لم ألحظ أي تجاوب يذكر لتلك النداءات الباكية المستغيثة جرّاء تفاقم حوادث السير، المنتهية بالموت أو الشلل، والأرقام تصدق ذلك، نعم في هذه السنوات الأخيرة ارتفعت وتيرة الحوادث المرورية بشكل مخيف، نتيجة استهتار البعض من قائدي السيارات، لا سيما الشباب، وفي ظل انعدام العقاب الرسمي، ما نشاهده من كثرة الحوادث المرورية وتزايد الوفيات والإصابات، جعلت ذاكرتنا التاريخية تعود بنا إلى حقبة الجاهلية، لتذكرنا بحرب (داحس والغبراء) وأختها (حرب البسوس) اللتين وقعتا بين قبيلتين عربيتين جاهليتين، ودامتا حوالي أربعين عاماً، كما ذكره المؤرخون، وليس لدينا معلومة مؤكدة عن أعداد القتلى والمصابين جرّاء هاتين الحربين الجاهليتين، لكنها بالطبع أكلت الأخضر واليابس، لارتفاع سقف التعصب للقبيلة، غير أن المؤكد أننا في بلادنا، نخوض معركة مؤلمة من نوع آخر، تحت مسمى (حرب السيارات) فرسانها هؤلاء الشباب المتهور، هذه المعركة الحربية، مشابهة لتلك الحربين الجاهليتين، حرب تأكل اللحم والحديد، أرقام الوفيات والإصابات الخطرة جرّاء (حوادث السيارات) في طرقاتنا السريعة وشوارعنا الداخلية، مخيفة جداً لا أريد ذكرها رقماً رقماً، خشية من الغصة، وإلا فهي لديّ وفق إحصائية دقيقة، لا يدلفُ أسبوع - نعوذ بالله - إلا ونفاجأ بحادث مروري أودى بعائلة كاملة، أبداً نحن في مواجهة حرب حقيقية هوجاء لا تبقي ولا تذر، لا ينكرها إلا مكابر، ليست خيالية أو أسطورية من نسج خيالاتنا وتصوراتنا، نرى الضحايا والمصابين في تلك الحوادث، جماعات وفرادى، أمامنا صرعى، ما لا نراه في دول تشهد القتال الحقيقي، هذه الحرب التي ندير رحاها بهمجيتنا وجهلنا وعدم وعيننا ومقدرتنا على وقفها، تحملُ الكثير منا في توابيت وتنقل الآخر في سيارات الإسعاف، لا تكاد تغيب عنا لحظة، تشي بأننا شعب ينقل حتفه على كتفه، مسئولية تخلى عنها أهلُها، ومنحت مع الامتياز طواعية لجماعة همّها دخلُها، جماعة بدأت بالمقلوب، أهملت المفحطين المستهترين القتلة الحقيقيين، وأغمت عينها عن أصحاب السباقات الحلزونية الاستعراضية الصاروخية المرعبة في الطرقات السريعة، وركزّت على ما يمكن التجاوز عنه، مما أنشأ نظرة مجتمعية غير متفائلة بمصداقية القول، بالحرب على المستهترين بأنظمة المرور، العقول في بلادنا موجودة، والتقنية ممكنة لوضع النقاط على الحروف، وإعلان الحرب الحقيقية بلا هوادة والضرب بيد من حديد، لوقف هذا النزيف المروري في بلادنا، والذي بلغ حداً لا يطاق، مبلغ السيل الزبى، طالبتُ في مقالات سابقة، بتخصيص المرور لتثبت المصداقية، وبينتُ كيف ضاعت هيبة رجل المرور؟ وطالبتُ بمتابعة المفحطين بواسطة الأقمار الصناعية، وقلتُ إن التقنية هي الحل الوحيد للحد من السرعات الجنونية في طرقاتنا، بواسطة ضبط عدّاد السرعة تقنياً عند رقم معين لا يمكن تجاوزه، وتطبيق ذلك مهنياً ومتابعته من خلال محطات الفحص الدوري المنتشرة في المملكة، هذا إذا كنّا نريد حلاً سريعاً للقضاء على الحوادث القاتلة المؤرقة، والتي يندر أن تسلم أسرة منها، ولم تذق مرارتها، لماذا لا تكون لدينا الجرأة من قول الحقيقة ولو كانت مرّة؟ طالما أن الهدف الذي نسعى من أجله نبيل ومشترك، لنعلنها وبصراحة متناهية، المرور مفرّط بمسئولياته، لم يقم بها كما ينبغي، فقد هيبته، يوم أن سلّم العهدة (لساهر ونجم) فضاعت الطاسة، والضحية السالك للطريق، كنا في السابق نقرأ عبارات ملصقة على السيارات تقول (بابا لا تسرع نحن في انتظارك) وأخرى تقول (لا تسرع فالموت أسرع) ندرك معناها ومبناها ونعمل به، أما اليوم فلم يعد لها أثر في ظل فقدان التوعية المرورية المتناهية، والتي لم يعد لها وجود البتة، فأين هي؟ ويا ترى من ساهم في اختفائها؟! ورجالات المعرفة والفكر يدركون تماماً، أن التثقيف والتوجيه في كل شأن، مرحلة قبلية، لكن رجال المرور - هداهم الله وأنار بصائرهم - لم يدركوا أهمية ذلك الأمر المهم، فأهملوه، عزاؤنا، لنتذكر المرور أيام زمان!!... ودمتم بخير.

dr-al-jwair@hotmail.com

البسوس... والسيارات!
د. محمد أحمد الجوير

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة