ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 19/01/2013 Issue 14723 14723 السبت 07 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

نون النسوة سيتردّد صداها بقوة بين جنبات القاعة الباذخة لمجلس الشورى، وقاعات اللجان وردهات المجلس وصالات الجلوس، سيسمع صدى أسئلة وعبارات وكلمات من نوعية ماذا فعلتنّ؟ ولماذا تأخرتنّ؟ وأين أنتنّ؟ وما بكنّ؟ وكيفكنّ؟ وماذا عن ملاحظاتكنّ؟ أجلسن وتحدّثن واكتبن واطرحن أفكاركنّ! دخلت نون النسوة على الخط بقوة وبأمر ملكي كريم لتزاحم واو الجماعة وميم الذكورة. لم تَعُد ذهبوا وجلسوا وكتبتم وجلستم ويا أيها الجالسون من مفردات الذّكورة هي المتداولة، بل زاحمتها نون النسوة لتغيِّر كثيراً من الملامح ذات الطابع الذّكوري البحت. جاءت النسوة لتنقلب أوضاع ظلّت سائدة ردحاً من الزمن واخترت مفردة « النسوة « هروباً من سياط اللائمات وخوفاً من الانزلاق في وحل ترديد مفردة غير مستساغة ولا مقبولة من بنات حواء وخصوصاً المثقفات وهي مفردة «حرمة « وجمعها « حريم « لخلفيات تاريخية قديمة لها علاقة بحريم السلطان، وأذكر في هذا السياق أنّ الظروف قد جمعتني قبل سنوات وفي برنامج فضائي عبر قناة الإخبارية السعودية مع أحد المشايخ وكان البرنامج عن عمل المرأة. ظلّ الشيخ طوال الدقائق الأولى يردِّد كلمة الحريم، ولأنّ حظه منحوس فقد أوقعه في إحدى المتصلات المحتقنات من أفعاله التي وصفتها بالشنيعة لاحتقاره للمرأة ثم غسلت شراعه وأنا جالس على مقعدي أراقب المعركة، وأنا أحمد ربي أني لست طرفاً فيها، أما شيخنا فقد أحمرّ وجهه وبحث عن أكثر من مخرج، ولما لم يجد لأنه قد قبض عليه متلبساً بالخطأ المشهود، تمنى أنه لم يقلها وآثر السلامة فلم يسعه إلاّ الاعتذار أمام هدير المرأة، ثم أخذ نفساً عميقاً وتبسّم فرحاً بخروجه سالماً.

ترشيح ثلاثين سيدة نسوية سرّع بقلب المعايير الاجتماعية القديمة، وسمح بإعادة صياغة النظرة للجنسين الذكوري والأنثوي، فلم يَعُد الذّكر وحيداً في الساحة يأمر وينهى والمرأة منزوية في منزلها أوفي وظيفة هامشية، فقد أبت المرأة إلاّ مقاسمته حلاوة الدنيا بعد أن قاسمته مرارتها وحموضتها، وقدمت نفسها امرأة مختلفة عن الماضي، امرأة تحتضن ملفات تحوي أفكاراً ورؤى وقضايا ومشكلات، امرأة قادمة من الجامعة أو المستشفى، منهن الأستاذات الجامعيات والطبيبات والخبيرات وسيدات الأعمال وهنّ بهذه الكفاءات يضعن أنفسهن جنباً إلى جنب بجوار أشقائهن الرجال وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات.

نسوة الشورى قدمن نموذجاً مختلفاً فهنّ من نوعية مختلفة عن أمهات وجدات قبل لأنّ زمن أول تحوّل فهنّ لا يتحدثنّ إلاّ عن المتغيّرات والمستجدات والأحداث الراهنة في السياسة والاقتصاد، ويا حليل ربعنا لازالوا يتصوّرون نسوة الشورى وكأنهنّ من نساء الماضي الشعبيات البسيطات، فراحوا يؤلِّفون عنهنّ النكات الساخرة، نساء الزمن الماضي اللائي كنّ يتسلّين من «الفرغة» بـ « قعدات الضحى « والشاهي والفصفص والكراث والخبز الحار وإشغال أوقاتهنّ بالمسايير, حتى أنّ أحدهم قد جسّد صور العضوات وهنّ ينقلن صحون الحلى معهن إلى المجلس.

انقلبت معايير أزلية بقرار دخول المرأة للمجلس، فلم يَعُد تعيين المرأة في منصب قيادي أمراً مستهجناً، وبات الأب يفتخر بابنته العضوة ويتمنى الرجل أن يرزق ببنت كما كان يتمنى أن يرزق بولد، وأصبح لدى كل امرأة طموح مستقبلي بأن يظهر اسمها يوماً ما ضمن المرشّحات لمجلس الشورى.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15

مسارات
نسوة الشورى
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة