ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 24/01/2013 Issue 14728 14728 الخميس 12 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

الملة الصغيرة كانت نائمة..، فاستيقظت على رنين قوي يدك ما حول فتحة بيتها المثقوب في الجدار

ركضت خارج بيتها، الأصغر لا يكاد يبين لعين بشرية..

وهناك الجانب الداخلي للجدار، حجرة واسعة كالبحر في عينيها، للأطفال..

وكثيرا ما تطل عليها من النافذة، وتشنف أذنيها تسمع ضحكاتهم، وأحاديثهم،..

تراهم وهم يلعبون، ويدرسون، ينامون، ويتحدثون..

تعرفت النملة عليهم واحدا، واحدا، وأخذت تميز كل واحد منهم عن الآخر....

أطلت فكان الصوت رنين غطاء لإناء كبير سقط، يحمله السائق لأصحاب البيت، مليء بما لذ، وطاب من الطعام..

حمدت الله النملة، إذ أيقظها الصوت لتأخذ نصيبها من الطعام، بعد أن استلمته العاملة ودلفت به للداخل..

ثم تتسللت لداخل البيت، بعد أن ضحكت، وهزت رأسها تتمتم: «لأنهم ما فكروا أبدا أن يخصوني بطعام، كما يفعلون مع القطة، والكلب.. والشجرة، والسائق..، بل إنهم يرشونني بالمبيد»..!!

أما أنا، فأسعى لرزقي، أعد بيتي للشتاء، وللصيف.. أحيانا يحلو لي الصعود على جلد أجسادهم،..

كم هو منعم مرفَّه..؟!

صغارهم لا يسعون لأرزاقهم، وبعض أفرادهم أيضا لا يفعل، فالرجل الكبير يقضي يومه في النوم، والصلاة، والسماع، وقليلا ما يتكلم، والمرأة تقضيه في النوم، والتجميل، ومكالمات الهاتف، والبحلقة في أجهزة مختلفة تملكها،..!!

والصغار يقضون وقتهم بين المدرسة، واللعب، فالأكل، والفسح.. ومن ثم يذهبون للنوم..

العاملة في المنزل تعمل كالآلة لا تتوقف، تنهي عملا لتبدأ آخر..

هم بين شقيٌ، ومرفَّه ٌ، وغافلٌ..

لذا حين أمر بجلودهم، وأتسلق أيديهم، وأكتافهم، وأرجلهم، فلأنني أقارن بينها ،وبين جلدي المرن بحركتي الدائمة..،

إذ لا أحتاج مثلهم لغطاء في الشتاء، ولا للتخفف منه في الصيف..!!

لا أحتاج لما يبردني ولا لما يدفئني..، بحركة منهم يمزقونني إربا وأقضي.. مع أنهم يحترزونني..!

ومع أنني خفيفة في وزني، وجسمي، لكن مطالبي كثيرة، فأنا لا أكل حركة من أجل توفيرها، أذهب بعيدا من أجل رزقي، وأعود لهذا المكان الذي صنعته بيدي وقدي.. هانئة بالرضاء، غنية بنفسي، لا من يخدمني ولا من يؤنسني غير الذي خُلقت له..،

الحياة، والعمل..

بعد أن جاشت بكل ذلك سراعا، هبطت من قرب مكانها النملة..،

مشت مسرعة نحو المطبخ..، تسللت للإناء بسرعتها القصوى قبل أن تسدل العاملة عليه غطاءه،

على حافته المطلة لجوفه وقفت، أطلت برأسها المدبب الصغير لجوفه:.. واو..، هذه رائحة طبيخ لذيذ..

حدثت نفسها..، وعلى غفلة منها صدر دوي آخر، أربكها، فأسرعت نازلة، خرجت عن سطح الإناء، واختبأت في تجويفة ورقة تلفُّ قطعة خبز جاف موضوعة جوار الإناء على الطاولة...!

فالعاملة التي صرخت كانت تقول: نملة نملة، وتوجهت لقتلها..،!!

العاملة تبحث عنها، بينما هي ذهبت تكركر ضاحكة، وتقول: «من قال لك يا ذات العقل أنني سأتذوق طعامكم هذا..؟»

زمت شفتيها النملة..،

هزت رأسها الصغير، تسخر من رهبة الإنسان ذي العقل الكبير، من نملة ليست مثله في شيء..!!

غادرت المكان، وفي رأسها الصغير أشياء كثيرة،.. كبيرة..، عن الإنسان!!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

لما هو آت
عنه.. في رأسها أشياء..!!
د. خيرية ابراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة