ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 24/01/2013 Issue 14728 14728 الخميس 12 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

ذات مساء، كنت في سوق الاتصالات بحي المرسلات، وكما هو معروف معظم المحلات ضخمة، تضم داخلها عدداً من الكاونترات الصغيرة، وكل منها يعد محلاً مستقلاً، مستأجراً من صاحب المحل الكبير، وداخل هذه المحلات أو الكاونترات الصغيرة عمالة متنوِّعة تبيع في الجوالات المستعملة، والجديدة، وشرائح أرقام الجوالات، والإكسسوارات، وغيرها.

كنت أقف أمام أحد هؤلاء الباعة يعرض لي مزايا أحد الأجهزة، وفجأة دوَّت صفارة قوية في السوق، فخطف البائع الجهاز من يدي، ووضعه في الدرج، وأقفل درج النقود بسرعة احترافية رهيبة، ثم انطلق من محله كرصاصة، وكذلك الآخرون، فوجدت نفسي وحيداً، بصحبة بضعة مشترين، ننظر تجاه بعضنا في دهشة... سألت أحد المشترين، فأخبرني أن الصفارة تلك هي إنذار يطلقها أحد العمالة، تحذيراً من قدوم دوريات الجوازات التي تطارد العمالة غير النظامية!

كنت قد صعقت لأسباب، أولها أن كل هذه المحلات يتاجر فيها عمال غير نظاميين، لا يملكون إقامة نظامية في البلد، وثانيها كيف يستأجر هؤلاء دكاكينهم الصغيرة، طالما أنهم لا يملكون إقامة؟ وثالثها هو كيف يفرّط المواطنون بهذا الشكل بوطنهم، ويبيعونه بسعر زهيد لعمالة غير شرعية، لا يمكن الوصول إليها في حالات الجرائم؟ والسبب الأخير هو كيف لم تكتشف هذه الدوريات أن هناك من يحذّر هؤلاء بصفارات إنذار علنية، إلا إذا كانوا لا يعنيهم الأمر، وهم يقومون بجولات روتينية، خاصة وهم يأتون بسياراتهم الرسمية ذات الأضواء التحذيرية، التي تقول لصاحب الصفارة، هيا أطلق صفارتك قبل أن نصل!

ولعل الأغرب من ذلك، أنه بعد أقل من ساعة عاد الوضع إلى ما كان عليه، ووقفت أمام بائع مصري، فأخبرني بأنه هو أول الهاربين بعد سماع الصفارة، وبعدما سألته لماذا لا يعدل وضعه، ويحصل على إقامة نظامية؟ فأجاب بأنه يقيم بشكل نظامي، ولديه إقامة أطلعني عليها، لكنه يضطر إلى الهرب مع الآخرين، لأن الدوريات تأخذ الجميع، وبدلاً من أن يخسر الوقت، ويغلق محله لساعات أو لأيام، حتى يتأكّدوا من حمله إقامة نظامية، يتخذ القرار الأسهل، وهو أن يطلق ساقيه للريح، ثم يعود في ظرف ساعة واحدة فقط!

ومن يقوم بجولة في الرياض، في سوق الاتصالات بالمرسلات، وفي طريق الإمام محمد بن سعود بن عبدالعزيز (مخرج 9)، وفي محلات البناء، والدهان، والكهرباء، وغيرها، ولعل الأمر أكثر سوءاً في الأحياء الشعبية القديمة، كالبطحاء ومنفوحة والصناعية وغيرها. هذا في عاصمة البلاد، وكيف الأمر في القرى والهجر والمدن الصغيرة، أصبحت أعدادهم هائلة، ولا أحد يستطيع أن يعيد الأمور إلى نصابها كما كنا قبل عقدين من السنوات!

أعتقد أن الأمر خرج عن سيطرة مجرد بضع دوريات تقوم بعملها الروتيني الممل، فهو بحاجة إلى قرار وطني شجاع، يتم اتخاذه لحفظ أمن البلد من المزيد من الفوضى والجرائم، ويضبط سوق العمل، ويفرض عقوبات صارمة على هؤلاء، وعلى جميع الأطراف التي تساهم في تسهيل العمل والإقامة لهم، من مواطنين أفراداً أو من مؤسسات وشركات.

نزهات
صفارة إنذار العمالة!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة