في البداية يجب أن نلقي الضوء، ونعطي نبذة عن النظام الوريدي بالساقين، فكلنا يعلم أن الوريد هو وعاء دموي، ينقل الدم من أجزاء الجسم المختلفة إلى القلب، ويتميز بأن جداره ضعيف والضغط به منخفض إذا ما قُورن بالشريان.

هناك نوعان من الأوردة بالساق.. الأوردة العميقة وهي الموجودة بين عضلات الساق والفخذ، وتبدأ بالتقاء أوردة الساق لتكون وريداً خلف الركبة ثم وريد الفخذ ثم وريد الحوض الخارجي إلى أن يصل إلى الوريد الأجوف السفلي، ويُوجد بهذه الأوردة صمامات تمنع رجوع الدم إلى أسفل، فهي تسمح بمرور الدم من أسفل لأعلى، ولعضلات الساق والفخذ دور هام في تحريك الدم داخل الوريد، وذلك بانقباضها وانبساطها، ولهذا فإن الحركة ضرورية لسريان الدورة الدموية.

النوع الثاني من أوردة الساق هي الأوردة السطحية مثل الوريد الصافي الكبير Great Saphenous والوريد الصافي الصغير Short Saphenous وهي موجودة تحت الجلد بالأنسجة الرخوية ويسري بها الدم من أسفل لأعلى، وأيضاً بها صمامات لمنع ارتجاع الدم، ثم تصب هذه الأوردة السطحية في النهاية بالأوردة العميقة، وذلك خلال صمامات تمنع ارتجاع الدم إليها ثانية، وبهذا الشكل يتضح لنا أن الدم الوريدي ينتقل من أسفل لأعلى، ومن الوريد السطحي إلى العميق ومنه إلى القلب.

ارتجاع الصمامات

تحدث دوالي الساقين بسبب وجود خلل في النظام الوريدي بالساق سواء لضعف في جدار الوريد السطحي أو بارتجاع في الصمامات بينه وبين الوريد العميق، حيث يزداد الضغط في الوريد السطحي ويتمدد ويكون واضحاً ظاهراً ثم بارتفاع الضغط فيه يتعرج ويزداد تمدده وظهوره.

الوقوف لفترات طويلة

السبب الرئيس لدوالي الساقين هو ارتفاع الضغط بالأوردة السطحية، إما نتيجة لضعف جدار الوريد نفسه أو قد يكون خلْقياً أو نتيجة لارتفاع الضغط في الوريد السطحي، وذلك لارتجاع في الصمامات الموجودة بين الوريد السطحي والعميق.

إذاً، فالوقوف لفترات طويلة دون حركة يتسبب في ارتفاع الضغط في الوريد، وبعدم الحركة فإن الوريد يفقد قوة رأسية لاندفاع الدم به لأعلى، حيث إن انقباض وانبساط العضلات يحدث حراكاً بالوريد لأعلى Muscle Pump، وكلما تكرر ذلك كلما ضعف جدار الوريد وحدث ارتجاع بالصمامات وارتفاع الضغط بالأوردة السطحية، وهنا تحدث دوالي الساقين.

دوالي الحمل

قد تحدث دوالي بالساقين أثناء الحمل وذلك لكبر حجم الرحم وميله إلى الجانب، فيضغط على وريد الحوض فتحدث الدوالي، علاوة على أن التغير الهورموني أثناء الحمل قد يحدث ضعفاً بالأوردة أثناء الحمل، لكن الدوالي التي تحدث أثناء الحمل معظمها يكون مؤقتاً وتختفي بانتهاء الحمل، لذا لا يُوجد تدخل جراحي لها أثناء الحمل.. ومن الأسباب الأخرى لدوالي الساقين حدوث جلطات بالأوردة العميقة لنفس الساق لمدة طويلة.

لذا يمكن تقسيم الدوالي إلى دوالي أولية.. وهي غير معروفة السبب وهي نتيجة لضعف جدار الوريد أو ارتجاع بالصمامات، ودوالي ثانوية.. تحدث لأسباب واضحة مثل الحمل أو جلطات بالأوردة العميقة أو نتيجة لوجود ورم بالبطن والحوض.

التشخيص بالدوبلكس

يتم التشخيص مبدئياً بالفحص السريري للمريض، ثم إجراء أشعة موجات فوق صوتية على أوردة الساق Venous Dupplex ويتم عن طريقها تحديد الصمامات التي بها ارتجاع، وأيضاً يوضح لنا حالة الوريد العميق.

سلخ الوريد

يختلف العلاج باختلاف درجة الدوالي، فمثلاً في حالة وجود شعيرات دموية بالساق والفخذ فإن العلاج يكون إما بالحقن باستخدام مواد عندما تحقن بالشعيرات الدموية تُحدث تليفاً بها وتختفي.. أو باستخدام الليزر وهو الأحدث ومتوفر حالياً بالنخبة، والذي يُعد استخدامه آمناً وفعّالاً، ولا تُوجد له أعراض جانبية، ويؤدي إلى اختفاء الشعيرات العنكبوتية تماماً من خلال جلسات تتراوح من 3 إلى 6 حسب درجة ومكان الشعيرات.. أما العلاج الرئيسي للدوالي الأكبر فهو الجراحة وذلك بربط الصمامات المرتجعة والتي يتم تحديدها عن طريق الموجات فوق الصوتية، ثم يتم سلخ الوريد المريض عن طريق فتحات صغيرة، لا تتجاوز السنتيمتر، أما دوالي الحمل فلا يتم التعامل معها جراحياً إذ إن معظمها يختفي بعد فترة الحمل، فإذا ما استمرت بعد الولادة لعدة شهور، فإننا نقوم بإجراء جراحة لها.

وكلمة أخيرة.. للوقاية من حدوث دوالي الساقين يجب تجنب الوقوف لفترات طويلة، مع ممارسة الرياضة لتحريك الدورة الدموية بالساقين.

د. ناصر نظير - استشاري الجراحة العامة وجراحة المناظير