ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 25/01/2013 Issue 14729 14729 الجمعة 13 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

كثيرة هي مظاهر الهشاشة في مجتمعنا.. ولو أردنا التحدث عنها وإلقاء الضوء عليها لأفردنا لها صفحات وصفحات.. ولو أراد المختصون وضع حلولٍ لها وكثيراً ما وضعوا وما زالوا يضعون إلا أنها وللأسف تبقى حبراً على ورق.. لا عين رأت ولا أذن سمعت. بينما كنت أتابع مباراة كرة القدم النهائية التي أقيمت في دولة البحرين.. وكما يقول المثل (مكرهٌ أخاك لا بطل) لأني لست من أولئك الذين يصفقون أو يهتفون لمباريات كرة القدم..

لكن نظام أسرتي المعتاد يفرض علي التواجد الدائم مع أبنائي في كل المناسبات وعلى اختلاف أشكالها.. في تلك الجلسة العائلية المتواضعة وجدت نفسي في عالمٍ آخر..عالمٍ بعيدٍ كل البعد عن عالم كرة القدم وما يصاحبها من هوسٍ وصخبٍ لا عقلاني يزيد من إفراز هرمونات التوتر والانفعال عند مختلف الجماهير الرياضية.. ظللت أتابع تلك الجماهير الشبابية التي خرجت عن بكرة أبيها وملأت مدرجات الملعب.. وبشعور الأسى تساءلت: ترى من أين يستقي شبابنا فلسفة حياته؟ ثم إذا كان الشباب يعايش العصر بواقعه يتأثر به.. ويستمد أحكامه القيمية والثقافية والفكرية والسلوكية منه.. فهل ما يعاني منه من خواء فكري وثقافي وإفلاس عقلي هو محصلة فعلية لواقعٍ لم تتوفر فيه قدرة كافية للحفاظ على توازنه وسط لوثة الأفكار المستوردة.. وهشاشة البنية الثقافية لديه..؟

أعتقد أننا لسنا بحاجة للتحقق من هذه المعضلة الفكرية.. فلو سأل أحدكم شاباً من شبابنا عن عدد الملاعب والفرق الرياضية في أي دولة من دول العالم.. أو سألته عن عدد طبعات أو مشاهدي أغنية (غانغم ستايل) لأدهشتك إجابته.. بالمقابل لو طرحت عليه سؤالاً عن عدد الأندية الثقافية أو المنتديات الأدبية أو المؤسسات الثقافية المعنية بالتراث والثقافة.. أو ما هو مضمون آخر كتاب قرأته لأدهشه سؤالك..!! غيضٌ من فيض..

السؤال المُلِح: لمن نعزي المسؤولية عن هذا الفراغ الذهني والفقر الثقافي والإفلاس العقلي عند شبابنا رغم إمكاننا بأن نجعل من هذه العقول الشبابية ثروة ثقافية يحتفي بها المجتمع والوطن..؟

حقيقة مرة تلامس واقعنا ولا يمكن إنكارها تشير إلى أن الشباب يعاني خواءً فكرياً متجذراً ويحتاج لكثير من الوقفات الجادة الصادقة والواعية.. وهذا لن يكون إلا من خلال حلقة متصلة ومترابطة تتقاسمها الأسرة.. المدرسة.. المجتمع بكامل مؤسساته المعنية بهذا الشأن..كالمكتبات والنوادي الأدبية والثقافية والعلمية.. يُضاف إلى ذلك ما تطرحه وسائل الإعلام من برامج تهتم بالشأن الثقافي والتراثي وكل ما يغذي العقول ويرسم اتجاهات التفكير وينمي الإبداع.

إن جميع ما يُطرح من أسباب حول ما وصل إليه الشباب من تدن في الثراء الثقافي ما هو إلا جزء يسير من مجموعة أسباب شكلت حجر الزاوية لظاهرة متوغلة في عمق العقلية الشبابية.

شبابنا يملكون وقتاً لكنه وقت مهدور.. يملكون طاقة متوهجة لكنها مبعثرة في فوضى اللا شيء.. يملكون وسائل استحضار المعلومة لكنها وُظِّفت في مساربَ سلبية.. وقبل كل شيء يملكون عقولاً تُبدع لكنها تحتاج لأحضان الاحتواء.. تحتاج دوماً إلى جرعاتٍ متتالية من الرعاية والتوجيه والاهتمام.. وإزالة مكونات الشعور بالإقصاء أو التهميش.

لكني هنا ومع كل الاحترام.. أوجه أصابع الاتهام إلى الأندية الأدبية في وطني والتي تركز جلَّ اهتمامها على كبار الأدباء والمثقفين.. فالندوات والمحاضرات لا يُدعى إليها إلا النخبة من أصحاب الفكر والثقافة مع إغفالٍ تام لشريحة الشباب الذين هم أحوج ما يكونون للانصهار في بوتقة التجمعات الثقافية والمنابر الفكرية والمنتديات الأدبية الثرية بقامات الأدب والعلم والفكر من كافة أرجاء الوطن.. الوطن لا ينهض إلا ببناء شبابه فكرياً وثقافياً وعلمياً.

zakia-hj1@hotmail.com
Twitter @2zakia

عود على بدء
هوسٌ كروي.. إفلاسٌ عقلي..!! ترى من أين يستقي الشباب فلسفة حياته؟
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة