ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 27/01/2013 Issue 14731 14731 الأحد 15 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الريـاضيـة

المستشار د. طارق كوشك بعد تقديمه لاتحاد الكرة خطة علمية لتطوير المنتخب يتحدث لـ(الجزيرة):
من لا يتطور سيتأخر.. والتطوير المبني على أسس علمية هو الحل الأنجح

رجوع

حاورته - عايدة بنت صالح:

يدرس اتحاد كرة القدم السعودي الجديد برئاسة أحمد عيد خطة علمية قدمها المستشار الدكتور طارق كوشك عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز قسم المحاسبة في محاولته لتقديم صورة مغايرة لمنتخبنا الوطني عما ظهر عليه بمشاركته في الأعوام الماضية في وقت وجيز.

«الجزيرة» التقت الدكتور طارق للاطلاع على فكرته التي قدمها فقال: إن من لا يتقدم سيتأخر، لذا كان التطوير في شتى مجالات الحياة هو أمر مهم، ولكن الأمر الأكثر أهمية هو كيف يمكن أن نطور؟ الإجابة على هذا السؤال هي التي مثلت الفارق في التطور بين الافراد والشعوب والدول, فهناك من حاول التطوير وفق الآراء والأهواء والاعتقادات الشخصية التي تتمتع بالسلطة التنفيذية والتشريعية، وهناك من طور وفقا للخبرة الشخصية وللخبرات المحلية والعالمية مثل المملكة في مجال الخصخصة، وهناك من طور بتطبيق الأسس والنظريات العلمية التي أسست أصلا من خلال التجارب والخبرات السابقة (مثل نيوزيلاندا).

في اعتقادي أن التطوير المبني على نظريات وأسس علمية هو المنهج الأكثر استقرارا والأكبر نفعا لأنه تطوير محايد لا يتأثر بالأشخاص رأيا ومعتقدا وتغييرا، ومع ذلك يبقى السؤال عن النظرية التي يمكن تبنيها لتطوير مجال أو نشاط معين هو الأكثر جدلا.

وأضاف: قد تكون هناك العديد من المناهج والنظريات العلمية التي يمكن تبنيها لتطوير الرياضة السعودية ولكنني أعتقد أن أحد أفضل تلك النظريات هي نظرية الموازنة التعاقدية التي ظهرت علميا في عام 1991 ثم استخدمت عمليا بدءا من عام 1996 في نيوزيلاندا من أجل تطوير جودة خدمات القطاع العام وزيادة الإيرادات وترشيد النفقات الحكومية، فكانت النتيجة أن أصبحت نيوزيلاندا بعد ذلك مرشدا في تطبيق الموازنة التعاقدية لكثير من دول العالم حتى أصبحت الموازنة التعاقدية هي أكثر أنواع الموازنات الحكومية استخداماً في دول العالم الأول، بمعنى أن دولة صغيرة لم يكن يسمع بها أحد أصبحت مرشدا للعالم الأكثر تقدما بسبب شجاعتها ومنهجها العلمي في التطوير.

إن نظرية الموازنة التعاقدية مبنية على مفهوم بسيط جدا مفاده الدفع والتعامل مقابل الإنجاز, بمعنى آخر هي وسيلة لتحقيق الأهداف الحكومية في الوقت المحدد (وليس المناسب) وبالتكلفة الاقتصادية الأفضل (و ليس المناسبة أو الأقل) وبالجودة العالية (و ليس الممكنة).

وأشار كوشك إلى أن المفهوم البسيط للموازنة التعاقدية لا شك أنه يستلزم الكثير من الإجراءات التطويرية الأخرى في مجالات عديدة منها الإدارية والمالية والاقتصادية والقانونية، وهنا يكمن التحدي الحقيقي والدليل على صدق الرغبة في التطوير, أثبتت التجارب السابقة وعلم النفس أن تغيير أو تطوير ما ألفه الناس وتعود عليه المسؤولون هو من أصعب مراحل التطوير لما ستواجهه هذه الإجراءات التطويرية من اعتراضات وتحفظات وإعاقات قد يكون مصدرها الرئيسي الخوف من المجهول أو عدم الرغبة في بذل مزيد من الجهود وربما الخوف من فقد الوظيفة ومزاياها المالية والمادية.

وأضاف: بعد هذه المقدمة العلمية لنظرية الموازنة التعاقدية قد يثار سؤال حول كيفية تطبيقها لتطوير الرياضة في المملكة العربية السعودية: للإجابة عن هذا السؤال فإن الأمر يستلزم تحديد بعض أهم العوامل المؤثرة سلبا على الرياضة السعودية بشكل عام وعلى المنتخب الأول لكرة القدم بشكل خاص. وفيما يلي استعراض لها:

- عدم وجود متخصصين في علم التطوير في الرئاسة العامة لرعاية الشباب.. قد يتواجد بالرئاسة العامة لرعاية الشباب أشخاص مارسوا الرياضة لسنوات طويلة أكسبتهم الخبرة الرياضية، وقد يكون هناك أشخاص مارسوا العمل الإداري لسنوات كثيرة أكسبتهم الخبرة الإدارية وربما المالية في مجال العمل الرياضي لكنهم جميعا ليسوا متخصصين في علم التطوير، لذلك كانت النتيجة الحتمية المتمثلة في الفشل الذي يظهر جليا في الترتيب التنازلي للمنتخب السعودي عالميا (128 عالميا).

- الاعتماد على الأندية في صناعة النجوم.. يعلم الجميع أن الأندية السعودية ليست احترافية في إدارتها بل هي تعتمد على آراء ورغبات وأهواء وخطط.. من يدفع الأموال لإدارة النادي ( غالبا ما يكون شخصا واحدا أو ربما بعض أشخاص) إن الدافع لهذه الأموال التي هي بمثابة الهبة التي لن تسترد لا ينبغي الإيمان بأنه مثالي ويهدف في المقام الأول والأوحد الى خدمة الوطن بل يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن له أهدافا أخرى، لذا قد يكون من الملائم ألا يتوقع منه العمل الجاد على صناعة نجوم مبدعين ولافتين للنظر ليتم في نهاية المطاف اختطافهم ليلعبوا للمنتخب ويحرم النادي منهم بعد أن أنفق عليهم الملايين.

- عدم الاستفادة من النجوم السابقين والعلماء المتخصصين.. لعب للمنتخب العديد من اللاعبين وتدربوا على يد كبار المدربين العالميين، كما خاضوا العديد من المباريات الدولية. للأسف لم تتم الاستفادة منهم بعد اعتزالهم على الرغم من أن بعضهم اكتسب مزيدا من الخبرة والعلم في مجال التدريب والتحليل الرياضي.

-الإعلام والانحياز للأندية المفضلة.. لازال ولاء كثير من الإعلام السعودي وللأسف الشديد يتجه نحو الأندية لذلك نجده ينتقد ويقلل من شأن انضمام لاعب الفريق المنافس على الرغم من أنه مؤهل وفي نفس الوقت نجده ينتقد عدم استدعاء لاعب فريقه المفضل ويمتدح اللاعب على الرغم من أنه غير مؤهل وهو الأمر الذي يؤثر سلبا على نفسيات اللاعبين ويشحن نفوس المشجعين على المنتخب وإدارته ومدربه فتكون النتيجة سلبية على المنتخب ككل.

- عدم وجود حافز للاعبين. علميا يعبر عن الأداء بمعادلة رياضية مفادها:

Individuals Performance = Motivation x Ability. Where: Ability = Aptitude x (Training + Experience)

الأداء = الحافز X المقدرة. حيث إن المقدرة عبارة عن درجة الاستعداد X (التدريب + الخبرة)

هذه المعادلة الرياضية تؤكد أن الأداء يتفاعل طرديا مع الحافز والتدريب والخبرة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما هو الحافز الذي يشجع اللاعب على اللعب للمنتخب؟ قد يقول قائل هو الولاء للوطن ولكن الولاء هو دافع وليس بحافز.

ما ذكرته سابقًا يمثل بعض أهم العوامل المؤثرة سلبا على الرياضة السعودية التي أعتقد أنها قد تزول بتطبيق نظرية الموازنة التعاقدية وذلك على النحو التالي:

أولا: تصنيف اللاعبين وتحديد سقف أعلى للتعاقد معهم.

يمكن تصنيف اللاعبين فئات على أن تتضمن كل فئة عددا من المستويات وذلك حسب ما يراه الخبراء، فعلى سبيل المثال يمكن تصنيف اللاعبين الى فئة (أ) لاعبي منتخب وفئة (ب) لاعبي أندية درجة الممتاز وفئة (ج) لاعبي درجة أولى، ثم بعد ذلك يحدد الخبراء المتخصصون مواصفات لاعب كل فئة ومستوى وكذلك السقف الأعلى لتعاقد الأندية مع اللاعبين حسب تصنيفهم المعتمد من الاتحاد كرة القدم السعودي., ثم بعد ذلك يقوم اتحاد كرة القدم بتقييم اللاعبين كل ستة أشهر أو كل موسم بناء على المواصفات المحددة مسبقا من قبل الخبراء. في اعتقادي أن هذا التصنيف والتقييم سيخلقان الحافز لدى اللاعبين ليكونوا من الفئة الأولى والمستوى الأول ليحصلوا على أعلى قيمة تعاقدية ممكنة. ليس ذلك فحسب بل إن هذا التصنيف والتقييم سوف يجعلان اللاعب دائم العمل على تطوير نفسه خشية الهبوط الى فئة أو مستوى أقل مما سيؤدي بدوره الى فقدانه لأموال كان بإمكانه المحافظة عليها لولا إهماله.

ثانيا: تحديد الأهداف بعيدة ومتوسط وقصيرة المدى:

يضع اتحاد الكرة أهدافه بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدى ثم يطرحها للمنافسة أمام اللاعبين والإداريين والمتخصصين.. فعلى سبيل المثال قد يحدد الاتحاد أنه يهدف الى تجاوز المرحلة الأولى من تصفيات كأس العالم أو آسيا وأنه يحتاج الى لاعبين لتحقيق هذا الهدف المرصود له مبلغ معين. عندها سيتقدم اللاعبون الراغبون في المساهمة في تحقيق هذا الهدف ومن ثم يحق للاتحاد أن يختار من بين هؤلاء اللاعبين الأكثر جودة وكفاءة لتحقيق الهدف المحدد.

ثالثا: وضع الإجراءات والسياسات والخطط اللازمة لتنفيذ الأهداف المعتمدة:

وفقا للمفهوم المعاصر للإدارة العامة The New Public Management الذي انبثقت منه نظرية الموازنة التعاقدية فإنه يحق للأجهزة الحكومية إدارة مرافقها وأنشطتها بما هو مستخدم في القطاع الخاص من حيث النواحي الإدارية والمالية والاستثمارية والقانونية, وبناء عليه فإن اتحاد كرة القدم يمكنه الاعتماد على نفسه في صنع منتخب يدافع به عن اسم المملكة وله في ذلك وضع كافة الإجراءات والسياسات والخطط اللازمة لتنفيذ الأهداف المعتمدة. فعلى سبيل المثال قد يرى الخبراء في الاتحاد أنه من الملائم التعاقد من النجوم السابقين لتدريب اللاعبين الحاليين. مثلا قد يفضل الاتحاد التعاقد مع اللاعب ماجد عبدالله لتدريب لاعبي الهجوم والتعاقد مع صالح النعيمة وأحمد جميل لتدريب لاعبي الدفاع وأيضا التعاقد مع فهد الهريفي ويوسف الثنيان لتدريب لاعبي خط الوسط، وكذلك التعاقد مع عبدالله ومحمد الدعيع لتدريب حراس المنتخب, من مزايا هذه السياسة نقل الخبرات والمهارات الكروية عبر الأجيال وأيضا قد يفضل الاتحاد التعاقد مع خليل الزياني والقروني وناصر الجوهر ليكونوا فريق عمل يضع خطة اللعب الأكثر ملاءمة للمباراة أو المباريات القادمة للمنتخب على أن يناقشها معهم المدرب الأول للمنتخب الذي سيقوم بدوره باختيار أفضل العناصر القادرة على تنفيذ تلك الخطة أو الخطط بمساعدة كبار اللاعبين المتعاقد معهم.

واختتم الدكتور طارق حديثه بقوله: إن فكرة تطبيق الموازنة التعاقدية فكرة بسيطة ولا تحتاج إلا الى شجاعة في التطبيق الذي يستلزم الاستعانة بخبراء رياضيين وعلماء متخصصين لوضع الإستراتيجية العامة (الإجراءات والسياسات والخطط) لتطبيق مفهوم الدفع والتعامل مقابل الإنجاز, لكن هذه البساطة والوضوح لا تعني أبدا أن كائنا من كان يستطيع تطبيقها وإلا لأصبح قولنا: ((إن الممرض الذي يعمل مع جراح القلب يستطيع أن يجري عملية قلب مفتوح لمجرد أنه عمل مع الجراح لعقود عديدة)) قولاً صحيحاً.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة