لو كان للحياة الإنسان شكل.. أظن أن الدائرة ستكون الخيار الأقرب لها.. فكل ما تفعله سيقابلك في لحظة ما.. إما هو ذاته أو تبعاته سواء كانت إيجابية أو سلبية.. مما يجعلنا نفكر ملياً في قدرتنا على مقابلة النتائج وجها لوجه وتحمل المسئولية.. أي قرار تتخذه.. أو فعل تقوم به.. نتيجته تنتظرك في نقطة ما.. على نفس منحنى دائرتك.

وإن صافحت الدهشة أو الاشمئزاز أو الإعجاب في وضع إنسان.. فثق أن الحظ لا يوزع إنما ينتزع في لحظات حاسمة تنتظر في جزء أقل من الثانية ومسافة قصيرة تفصل بين لا ونعم.. ولأن الإنسان خليط من الخير والشر فنحن نحدد موقفنا بالتركيز على أحد الطرفين.. وقد نلغي الآخر دون سبب.. فقط لأننا نسينا الأساس المركب المسمى إنسان.. وفصلنا الأجزاء عن بعضها في محاولة لدخول أسوأ ما يجمد مسار الرؤية.. ويلغي الحكمة.. ويعاكس الواقع.. والذي يقع غالباً في مطب التصنيف.. ويخسر بسببه فرصة لمس الخير والجمال وتمايز التفرد في البشر.

التصنيف والحكم المسبق أشبه ما يكون بتناولك وجبة تشعر أنها غير نظيفة.. ويلعب الخيال لعبته لتقاسي نزلة معوية سببها الحقيقي مشاعرك وليس مستوى النظافة.. ليقاتل جسدك كي يطرد ما تخيلته سموماً وقذارة.. على عكس توقع الخير حتى يثبت العكس.. مع نفسك ومع أسرتك ومع الناس عموماً.

وفي منطقة أكثر لزوجة وفوضى.. فإن الصورة النمطية عن أي شخص أو جماعة أو مذهب أو دين.. تحرم الآخرين من حق إثبات الذات.. وحق التغير.. لوجود قناعة مسبقة باستحالة تعديل ما يراه الآخرين.

لذا يعمد طفلك إلى الركون لذات السلوك الذي تكرهه.. وتصر زوجتك على نفس الأسلوب.. ويبقى الرجل كما هو منذ زمن.. لأن الجميع رضخوا لفكرة الآخر عنه! وعدم جدوى المحاولة.. لأن الفرص تكاد تكون معدومة.. فلا تحلم بالتغيير إذا وضعت الآخر في قالب معين تؤكد عليه كلما ثار تنور الاختلاف والمخالفة.. وتذكره بين حين وحين بما كان.. كأن الماضي وشم ووصمة عار تلاحقه أينما تنفس.

إذا أردت من الموج أن يهدأ عليك أولاً بالرياح.. وإذا أردت فعلاً من الآخر أن يتغير فأنت الرياح التي يمكنها أن تثيره إما للتناغم أو للدمار.. قبل أن يشعر ويسمع أنك تؤمن به لا تنتظر منه الإيمان بك.. إن لم تؤكد على ثقتك به.. عار عليك أن تغضب من تشككه بك.. وإن لم تر الخير فيه لن يراك أكثر من شيطان.. من يزرع الحب يحصد الولاء.. ومن ينثر الاحترام يجني الصدق والوضوح.. ومن يبادر بالهجوم لن يقابل إلا الدفاع أو النفاق..

أخبرتكم أنها دائرة حتمية اللقاء في كل موضع فيها.