ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 02/02/2013 Issue 14737 14737 السبت 21 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في كل يوم أشاهد فيه الأخبار، أدعو الله أن لا يأتي في شريط الأخبار إحصائية أعداد القتلى الذين يتساقطون كل يوم في سوريا من خلال قصف حكومة الأسد، تخيّلوا معي منذ قرابة 22 شهراً أي 660 يوماً، وفي كل يوم يُقتل ويُشرد أبرياء في سوريا، ولو كان معدل القتلى يومياً 100 هذا يعني أننا تجاوزنا 66 ألف قتيل منذ

بداية الثورة السورية، هذا غير اللاجئين الذين فروا إلى دول مجاورة والذين تتجاوز أعدادهم 700 ألف لاجئ، كما أن هناك حوالي 4 ملايين سوري في الداخل في حاجة إلى طعام ومأوى ومساعدات أخرى.

وقد أعلنت الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي أنها تحتاج إلى مليار دولار لمساعد اللاجئين السوريين في دول مجاورة منها لبنان والأردن وتركيا، كما تحتاج إلى 519 مليون دولار أخرى لمساعدة آخرين داخل سوريا، وذلك على الرغم من أن الأمم المتحدة نفسها قد سحبت 25 من موظفيها المختصين للمساعدات الإنسانية لاحتدام القتال، مؤكدة أنها تبذل ما في وسعها لضمان وصول المساعدات لداخل البلاد على الرغم من صعوبة الأمر بالنظر لانعدام الأمن والوضع الحرج والمضطرب.

وقد سبق للأمم المتحدة أن أطلقت خلال العام الماضي دعوة لجمع أموال من المجتمع الدولي بقيمة 84 مليون دولار لمساعدة اللاجئين السوريين في نفس المناطق، لدعم أكثر من 100 ألف لاجئ، ومع ذلك زادت وتيرة الهجوم على الأبرياء والعزل، وخلال الأسبوع الماضي تمكَّن مؤتمر المانحين الدولي والذي استضافته الكويت من جمع أكثر من بليون دولار لمساعدة السوريين ودعم الوضع الإنساني هناك، وذلك بمشاركة 59 دولة، وبحضور عدد من قادة ورؤساء الدول وممثليهم ورؤساء الحكومات ووزراء ومسؤولين، كما حضر المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وممثلون عن 13 منظمة ووكالة وهيئة متخصصة تابعة للأمم المتحدة ومعنية بالشؤون الإنسانية والإغاثية واللاجئين.

ولا شك أن الموارد المالية أحد أهم الأسباب لدعم الأشقاء السوريين في ثورتهم ضد حكومة الأسد، ولكن هل ستتواصل المساعدات إلى الأبد دون قرار أممي لوقف آلة الحرب والتدمير وسفك الدماء التي تعمل منذ أكثر من 22 شهراً؟.. ألا يمكن لـ 59 دولة اجتمعت في مكان واحد، وهي تعرف حجم المأساة والإبادة الكاملة التي يتعرض لها الشعب السوري اليوم أن يكون لها ردة فعل أكبر من تجميع تبرعات للضحايا واللاجئين؟.. ألا يُمكن لمجلس الأمن والمنظمات الدولية المختلفة حول العالم أن تتدخَّل في هذه الحرب كما تدخّلت فرنسا وحدها في مالي، وباركَ هذا التدخل العديد من الجهات الدولية؟.. ألا يُمكن أن تتوقف الحلول العقيمة والسلبية التي تطرح كل يوم من قِبل المنظمات الدولية والتي لا نتيجة لها إلا سفك مزيد من الدماء والضحايا وتشريد اللاجئين، ويتم اتخاذ قرار دولي حاسم مثلما اتخذ في العراق وأفغانستان وليبيا؟

هل سوريا في حاجة اليوم إلى أموال فقط؟.. هل هي في حاجة إلى تبرعات واستعطاف العالم أجمع لتقديم المعونات؟.. وماذا ستنفع تلك الأموال لشعب يُباد يومياً حتى تجاوز عدد ضحاياه 65 ألف شخص، وهناك أكثر من 160 ألف معتقل، وفي كل يوم نسمع عن مجزرة تحدث هنا وهناك؟.. وماذا ستنفع الأموال لشعب أُهينت كرامته بعد أن أُوكلت لممثلين دوليين بلا كرامة، لم يقدموا شيئاً منذ أكثر من عامين؟.. وكيف تُجدي الأدوية لجثث ملقاة في الشوارع لا تجد من يدفنها؟.. وماذا تنفع الأغذية لشعب خائف يفتقد الأمن؟.. وهل ستجدي البيوت نفعاً وهي تُدمر يومياً بقذائف الطائرات والقصف العشوائي بالصواريخ؟.. لا أقلل من أهمية الأموال، لكن من يضمن وصولها لمستحقيها في ظل هذه الظروف؟.. ومن يضمن أن لا ينقض عليها ضعاف النفوس، خصوصاً أن من يجمعها اليوم هم نفسهم الذين لم يُحركوا ساكناً في القضية منذ أكثر من 22 شهراً.

إنها مأساة، تُؤكد يوماً بعد يوم أننا نعيش في نظام دولي ظالم، يرى شعباً أعزل يُواجه حرباً معلنة من نظام حاقد، ويفضل أن يكتفي بالدعوة للتبرعات لذلك الشعب وانتظار الوصول إلى حلول سليمة من خلال الحوارالذي يقوده ممثلون في المنظمات الدولية، ولو كانت هذه الحلول فعلاً موجودة لما انتظرت 22 شهراً، ولتم تطبيقها فوراً ولكنها سياسة الظلم التي تفرِّق بين دماء الشعوب، فهناك دماء تستحق أن تُحرَّك لها الجيوش عند نزيف أول قطرة منها، وهناك دماء يُنتظر أن توقف سيولها التبرعات المالية وغيرها من الأوهام والأحلام.

هل تحتاج سوريا إلى أموال؟
د. إبراهيم محمد باداود

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة