ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 05/02/2013 Issue 14740 14740 الثلاثاء 24 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

مشاهد الفصل الأخير في حياة الرئيس الأمريكي ابراهام لينكون، وجهوده لإنهاء العبودية وتمرير التعديل الثالث عشر للدستور، والذي يمنع العبودية بكافة أشكالها، والصعوبات التي واجهها من قبل خصومه السياسيين داخل مجلس النواب، وإنهاء الحرب الأهلية حتى لحظة التصويت، إلى النهاية باغتياله، تشكل فيلماً تاريخياً فخماً من إخراج العالمي ستيفن سبيلبرج.

من بداية التسعينيات حتى الآن تناولت السينما شخصية لينكون في أكثر من 200 عمل، الآن هذا الفيلم الذي يقع اليوم في قمة ترشيحات الأوسكار يأتي بفصل مهم في التاريخ الأمريكي، بل وتاريخ البشرية الحديث.

حدثان بارزان ومفصليان تمثلا في إلغاء العبودية في الولايات المتحدة، كما نهاية الحرب الأهلية الأمريكية بين شمالي البلاد وجنوبها. إلا أن إلغاء الرق نحو المساواة بين البشرية، هو في الحقيقة الذي استأثر بالجزء الأكبر من العمل.

الفيلم صحح وأضاف لمعلومات سابقة، والحدث الأساس لم يكن الحرب، بل إلغاء العبودية وجمع ما يكفي من الأصوات لتمرير مشروع التعديل، في صراع ومعارضة شرسة واجهها من خصومه. حيث يأخذ أحداثه من كتاب للمؤلفة دوريس كيرنز جودوين بعنوان “فريق متنافسين: العبقرية السياسية لابراهام لينكون” الصادر في 2005، إلا أن الكاتب (توني كوشنر) أمضى 6 سنوات في كتابة وتطوير وصقل السيناريو..!

الفيلم الروائي الطويل قدم لأبرز قدرات رجل التحرير على التعامل ببراعة مع الظروف السياسية الصعبة التي كان يواجهها، وخلال أصعب فترات تاريخ أمريكا. فيما عبقرية المخرج تجعلك تعيش مع شخصية لينكولن ببراعة، لتصبح أمام زعيم تاريخي سياسي هادئ الطبع رغم كل التحديات التي تواجهه.

الفيلم يأتي أيضاً هذا العام، العام الذي يصادف الذكرى الـ150 على صدور “إعلان تحرير العبيد” في الولايات المتحدة. بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي ابراهام لينكون “تحرير العبيد” في الأول من يناير عام 1863، معلناً أن كافة العبيد في المناطق الاتحادية، وهي الولايات الجنوبية المتمردة “أحرار إلى الأبد”. وأدى الإعلان إلى المصادقة اللاحقة على التعديل الثالث عشر في الدستور الأمريكي في عام 1865 -موضوع الفيلم- لينهي بشكل قانوني عهد العبيد في أنحاء الولايات المتحدة.

والملفت أنه لم يكن لهذا التعديل التاريخي لإلغاء الرق لأول مرة في تاريخ البشرية، ليصبح قانوناً نافذاً، ثم يتحول إلى أن يكون أممياً دولياً-، لم يكن له ليتحقق دون جماعات الضغط -اللوبي- وذلك لإقناع أعضاء الكونجرس الأمريكي للتصويت لصالحه، في وقت لم تكن فيه حقوق الملونيين - السود، ولا حقوق المرأة قائمة أو سقف مقبول في أمريكا..!

لكن إصرار لينكون ودهاءه السياسي، واستخدامه للأموال والإغراء في المناصب (بعض الفساد!)، والإقناع، وبناء تحالفات مؤقتة أو دائمة، هو الذي ساهم في تصويت أعضاء الكونجرس الأمريكي لصالح تحرير الإنسان الأسود!، وجعل الناس سواسية أمام القانون بغض النظر عن العرق واللون، ثم حق التصويت لاحقاً..

تلك المقدمة هي التي مكَّنت رجلاً مثل باراك أوباما الإفريقي الأمريكي من الوصول إلى البيت الأبيض، ذات البيت الذي كان (ابراهام لينكون) يعقد فيه الاجتماعات لضمان تمرير تعديل البند 13..!

الفساد.. يحرر الإنسان أحياناً..!!
ناصر الصِرامي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة