ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 05/02/2013 Issue 14740 14740 الثلاثاء 24 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

شاهدنا مخيم الزعتري في مدينة المفرق بالأردن كثيراً على شاشات الفضائيات، وسمعنا عن معاناة اللاجئين السوريين فيه خاصة بعد أن داهمهم الشتاء بأمطاره وبرده القارص الذي يقترب درجته من الصفر أحياناً، وما زلت أتفاعل كأنتم وغيرنا مع حالة الناس هناك، وأشعر بمكابدتهم ومعاناتهم،

وأسمع عن حاجاتهم إلى جهود كبيرة مضاعفة تخرجهم من حالة البؤس التي يعيشونها، حتى إذا تمكن وضع المخيم من قلبي ومشاعري عزمت على زيارته، لعلي أسهم بشيء يسلي النفوس ويخفف الوطأ، توكلت وذهبت يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر ربيع الأول عام 1434هـ ومعي الابن أسامة، ونسقنا مع مكتب مؤسسة إعمار التابعة لرابطة العالم الإسلامي، ومؤسسة “الجسد الواحد” التي يقوم عليها أحد رجال الأعمال السعوديين، ومؤسسة “رحماء بينهم” وهي تابعة لرجل أعمال سعودي.

الأجواء في الأردن ماطرة باردة، وتهب أحياناً رياح شديدة كان صفيرها يخترق جدران الفندق ليلة وصولنا، ولم استشعر صعوبة هبوب تلك الرياح الشديدة، وشدة برودة الجو، وصعوبة هطول الأمطار إلا بعد أن دخلنا إلى مخيم الزعتري الذي يبعد عن العاصمة الأردنية “عمان” حوالي خمسة وثمانين كيلومتراً.

هناك في المخيم رأينا الصورة الحقيقية لمعاناة اللاجئين الذين بلغ عددهم كما أخبرنا المشرف على المخيم ونائبه، وأكد ذلك من رأيناهم من فاعلي الخير تسعة وثمانين ألفاً، إنها لمعاناة كبيرة يعيشها لاجئون هربوا من ديارهم فارين من المجزرة البشعة التي يقوم بها النظام السوري ومَن وراءه من الطغاة.

المخيم “سجن كبير” كما يسميه كثير من السوريين القاطنين فيه، وكما يسميه أيضاً بعض من التقينا بهم من المتابعين لأحوال المخيم واللاجئين.

حياة حافلة بالطلبات، والاحتياجات، والآلام، والأسقام، وصعوبة المأوى، والملبس، حياة مليئة بالمشكلات التي لا حدود لها.

المخيم بدأ بعدد كبير من خيام “هيئة الأمم” وهي خيام رديئة، خفيفة لا تنفع لا في الصيف ولا في الشتاء، ولا تتناسب مع قدرات هيئة الأمم المتحدة، ولا تواكب حاجات الناس، ولا تناسب إنسانية الإنسان، ولهذا فإن الواجب على هيئة الأمم أن تغير تصميم خيامها، ونوعها، لتكون مناسبة للحياة البشرية.

فما جدوى خيام خفيفة القماش، صغيرة الحجم، منخفضة الارتفاع، لا تستر ساكنها من شمس ولا تكنُّه من مطر؟.

لقد تحولت حياة اللاجئين إلى بؤس وشقاء إضافة على ما هم عليه من بؤس الحرب، وفقدان الدار والأهل، وذلك حينما هطلت الأمطار الغزيرة فأغرقت الخيام الملتصقة بالأرض، وحولت المكان إلى طين تغوص فيه الأقدام، فأصبح الناس هناك يعيشون في مواجهة الرياح الباردة، والمطر المنهمر، والطين والوحل الذي تغوص فيه أقدامهم. وهنا برزت الحاجة إلى المنازل الصناعية “الكرفانات”، وأصبح إنقاذ حياة اللاجئين أمراً لازماً، فانبرى فاعلو الخير لذلك، وقدمت المملكة العربية السعودية ألفين وثلاثمائة كرفان، وبادرت مؤسسة “الجسم الواحد” ومؤسسة “رحماء بينهم” ومؤسسة “إعمار” التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وغيرها من المؤسسات الخيرية، وكذلك بعض أهل الخير، بادر الجميع بالعمل على توفير المنازل، لأنها هي الحل الوحيد السريع لعلاج هذه الحالة المؤلمة.

حاجة المخيم إلى اثني عشر ألفاً وخمسمائة منزل صناعي “كرفان” والموجود على أرض الواقع حوالي أربعة آلاف كرفان وربما تصل هذا الأسبوع إلى ستة آلاف كرفان، وهنالك وعود كثيرة لتوفير العدد المطلوب.

مخيم الزعتري حالة مؤلمة تدل على وجود تقصير كبير في الأمة ذات المليار ونصف المليار نسمة، وذات الدول الكثيرة، والأموال الوفيرة.. وسأذكر بعض التفاصيل في المقال القادم بإذن الله تعالى.

مخيم الزعتري
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة