Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 08/02/2013 Issue 14743 14743 الجمعة 27 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الأخيــرة

يتلقى الإنسان في صغره دين قومه وتقاليدهم وثقافتهم كمُسلمات لا شك فيها، ويُزرع في روعه التوقف عن التفكر في منطق مسلمات قومه.

فإذا ما شب الصغير وكانت روحه أقرب للإنسانية منها للحيوانية بدأ يتساءل عن منطق هذه المسلمات ويتحدى فكره، حتى إذا ما استوى الرجل وبلغ أشده اتخذ موقعه الفكري في مجتمعه سيدا أو مسودا.

وقد تساءل الخليل عليه السلام، وخلى نبينا عليه الصلاة والسلام في غار حراء.

فالأنبياء هم أرقى الخلق سموا في الروح الإنسانية، وما الفرق بين الإنسان والحيوان إلا العقل.

والعقل منحة ومنة ربانية قال تعالى « ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خير كثيرا».

الرياضيات منطق صرف، ولذا فكلما تمكن العلم من الرياضيات، ازداد تمكنه من تسخير الكون لخدمته، فطفرة التكنولوجيا اليوم كلها قائمة على الرياضيات التي ما هي إلا عرض منطقي تجريدي لقوانين الكون التي سنها الله سبحانه وتعالى.

وقد صُورت فكرة تربية المجتمعات على التبعية الفكرية الجماعية للمجتمع بالرهيب والترغيب في مشهد تمثيلي يصور فصلا دراسيا يكتب الأستاذ فيه 2+2= 5 ثم يأمر الطلبة بالترديد والحفظ والقبول.

فاعترض الطلبة فرغبهم ورهبهم فأذعن الجميع على امتعاض، إلا طالبا واحدا.

فنادى الأستاذ طلبة من الصفوف العليا قد مُنحوا امتيازات خاصة فسحلوا الطالب فقتلوه أمام زملائه، ثم واصل الأستاذ تدريسه 3+1= 5 ، 1+2=5 والطلبة يرددون وراءه بقبول تام دون امتعاض.

ولهذا المشهد التمثيلي وقع مؤثر معبر في نفس كل من يشاهده ولكنه سرعان ما يتلاشى ولا يكون له أثر تطبيقي.

فالدمار العقلي لعقول أفراد المجتمعات المتراكب منذ الصغر، أعظم من أن يُعالج في خمس دقائق مهما كانت قوة العلاج.

واستخدام الرياضيات في هذا المشهد التمثيلي ليس لأن الرياضيات منطق بحد ذاتها، إنما هي أداة مُجردة من أدوات عرض المنطق تقطع السفسطة الكلامية.

يستنكر العقل 2+2= 5 لأنه منطق خاطئ صور بصيغة رياضية ، ولا يقبل بأن يُقال بأن هذا رأي يجب أن يحترم، بينما يرى ويمارس كل يوم عدة مرات نفس المنطق الخاطئ، اللهم أنه في صورة حرفية كلامية.

وأكثر ما يُقبل ويمارس هذا المنطق الخاطئ إذا ما عُرض ملبسا تحريفا أو تأويلا أو تقليدا أو استنفاعا بلباس الدين.

ومما زاد الطين بلة حتى أصبح لزجا كالصمغ لا يستطيع السير فيه أحد، أن هذا المشهد التمثيلي التعيس المصور في مدرسة هو واقع بحذافيره في المدارس والمرجعيات الدينية.

ففي هذه التجمعات يُبعد المخالف ويُقرب الموافق، فتتخرج أجيال مقلدة مستنفعة مدجنة معطلة الفكر والمنطق، ثم تنقل هذه التعاسة المنطقية إلى مجتمعاتها فتؤثر فيها، فتلحق هذه التعاسة الفكرية والمنطقية في شتى مجالات حياتها فتلقي بها في مؤخرة الأمم والشعوب.

«نحن غير» وهم نفسي تعيش فيه المجتمعات الإنسانية لتبرر لنفسها فشلها الذي تسبب لها بسبب خروجها عن قواعد منطق الحياة والكون التي سنها الخالق سبحانه وتعالى.

وقد حذرنا رسولنا الكريم وهو الصادق المصدوق بأننا واقعون لا محالة في هذا الوهم لنتنبه له بعد الوقوع فيه فنحسن الخروج منه، وذلك في عموم قوله عليه السلام « لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة».

وكهنوت الكنيسة والمعابد والمرجعيات والتبعية لرجال الدين هو من أعظم ما وقع فيه من كان قبلنا.

انتشرت النصرانية والإسلام على مساحة واسعة من أرض الله على اختلاف لغات الناس وأعراقهم، ولم تنتشر اليهودية لطمعهم بأن لا يشاركهم أحد في الجنة، ولكن لماذا لم تنتشر البوذية على رقعة جغرافية مختلفة اللغات والأعراق على كثرة أعداد المؤمنين بها وعظمة إخلاصهم لها وقوة حضاراتهم ودولهم؟ والجواب المسكوت عنه أن رجال السياسة والمال لم يجدوا في البوذية - لطبيعتها التجريدية الروحية- رجال دين يسخرونهم لمصالحهم الخاصة كالذي وجدوه من رجال دين في النصرانية وغيرها بعد قرونها الأولى المفضلة.

رجال دين تبرمجوا في كنائسهم ومرجعياتهم على أن 2+2=5 ثم سلطوهم على الشعوب فرددت من خلفهم إيمانا واعتقادا وعملا وفكرا 2+2=5 .

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem

المسكوت عنه
2+2 =5
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة