Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 10/02/2013 Issue 14745 14745 الأحد 29 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

لم يعد خافياً أن مستوى الوعي لدى عامة الناس في كل البلاد العربية قد أضحى أكثر نضجاً، وأوسع من حيث المدى، وأبين من حيث الجرأة. تحولات مستعجلة، ومفاهيم مستجدة، وطموحات متنامية، أخرجت الشعوب العربية عن أطرها المعروفة بالاستكانة والسبات العميق، حيث ألف من يمتلك زمام الأمور هذا السبات وهذه الاستكانة لعقود طوال من الزمن المدثر بغفلة عن مجريات التسيير والإدارة، إلى أطر خارجة وبقوة عما كان مألوفاً عنها ومتواتراً. وترتب على هذا الوعي المتسارع، أن علت الأصوات وعلى كل المستويات، علت الأصوات تطالب بالحقوق، تسأل وتستفسر، تستنكر وتعترض.. وارتفع سقف المطالب وبمتواليات هندسية فاقت الخيال، بعدما تبين لهذه الشعوب على اختلاف أعمارها أن حقوقها مهدرة، وأن مقدراتها منتهبة، وأن إرادتها مرتهنة مهمشة. أي أن هذه الشعوب مجرد رعية لا تهش ولا تنش، في حين أنها شعوب حية أبية كريمة واعية، لا تقبل الضيم ولا ترضى به، فأكثر ما تفخر به دائماً أنها شعوب مرفوعة الرأس لا تنحني إلا لله وحده.

مفهوم ومعلوم ومقدر أن تختلف الآراء وتتعارض بين المسؤولين والمستفيدين، حول مفهوم قرار، أو تفسير نظام، أو سن تشريع، لاسيما وأن الجهات المختصة هي التي تمتلك صلاحية الإدارة والتحكم والتصرف والتشريع، المهم أن تتم صناعة القرارات وإقرارها وتفسيرها وفق منهجية معتبرة تأخذ في عين الاعتبار كل الاحتمالات، وتوازن بين الإيجابي والسلبي، وتأخذ بما يحقق الصالح العام.

ولكن عندما تصنع القرارات على الطاولة وفي الغرف المغلقة، من طرف واحد، وبمعزل عن أصحاب الشأن باعتبارهم الأعرف بالواقع ومتطلباته، ودون تنسيق معهم، وبمنظور أحول يرى البصائر مشوهة، منظور لم يحط بكل الاحتمالات، ولم يطلع على كل الظروف والمعطيات، بل لم يلتفت لها ولم يأبه بها، ولم يأخذ في الحسبان المآلات والمخاطر المتوقعة بل المحتملة التي سوف تترتب على هذه القرارات الحول، عندئذ لا عجب عندما تضطرب الأحوال، وترتفع الأصوات المتذمرة الرافضة للقرارات غير الموفقة التي ولدت مشوهة بل ميتة، ومع هذا يصر صانعوها على نفخ الروح فيها وفرضها، متجاهلين أن الإصرار على التمسك بها حتماً سوف يفضي إلى المزيد من التوتر والاضطراب، وقد يتطور إلى صور غير مقبولة وغير مرحب بها من القيل والقال، وإطالة اللسان، وربما لاحقاً إطالة الأيدي، وهكذا تتطور حالة الاحتقان إلى فوضى واضطراب، وإلى تعدٍ واعتداء، عندئذ يتعذر التحكم والسيطرة، وتستحيل المسايرة لأن دوائر المطالب تتسع كماً وكيفاً، وهكذا تتحول المجتمعات المطمئنة إلى بؤر توتر وقلاقل، مما يفضي إلى اضطراب الحياة المجتمعية وفسادها.

المعلوم أن سن التشريعات وإقرار القرارات إنما يتم من أجل المزيد من النجاحات، وتفعيل المواقف والجهود، والتسيير المرن لعجلة التنمية، وتذليل العقبات التي تحول دون دوائر التوسع والمشاركة، وفي حالة تغييب هذه الغايات أو تجاهلها، تكون التشريعات والقرارات خارج سياق الصالح العام، بل تعد معادية له، معتدية عليه، وهذا خلاف ما يدركه العقلاء ويؤمنون به.

لقد مضى زمن الرأي الأوحد، والتشريع الفرعوني الذي يعد نفسه مصدر السلطات كلها، وهو الأعرف والأدرى، وما على العامة إلا الموافقة والتسليم والمباركة، يقول تعالى مخبراً عن تسلط فرعون (قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى).

قد يكون الرأي الأصوب عند جهة الاختصاص، ولكن لا يعني هذا تجاهل الطرف الآخر الذي يعنيه الأمر، لا سيما وأن مظنة الجهل وعدم الفهم غير متوقعة في هذا الزمن الذي أصبحت المعرفة ميسرة سهلة مستطاعة، فهل تتلطف جهات الاختصاص وتنزل من أبراجها العاجية كي تتفاهم مع ذوي العلاقة فيما يخصهم قبل مفاجأتهم بقرارات تتعارض مع مصالحهم؟

assahm@maktoob.com

أما بعد
العقل الفرعوني
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة