Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 10/02/2013 Issue 14745 14745 الأحد 29 ربيع الأول 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

محليــات

رأينا مؤخراً إحدى نبوءات نهاية العالم تتحطم على صخرة الواقع، وذلك أن العالم كان يفترض أن ينتهي في 21 ديسمبر 2012م الماضي هذا حسب أحد اعتقادات الكثير ممن ظنوا أن شعب المايا تنبأ بهذا، والمايا شعب من الهنود الحمر بنوا حضارة في أمريكا الجنوبية إلى أن أتى المنصّرون الإسبان ودمروهم وحضارتهم، لكن الحقيقة أن المايا لم يتنبأوا بذلك، وكل ما في الأمر أن تقويمهم قد انتهى في ذلك اليوم، وهذا ما فسّره الناس على أنه نبوءة دمار، فالبعض هلعوا واختبئوا والبعض وضع يده على قلبه متمنياً أن تمر هذه «الأزمة» بسلام! ونبوءات نهاية العالم موضوع قديم، والكثير من الأديان الصغيرة تضع تواريخ ينتهي عندها العالم، فيبيعون كل ما لديهم ويجتمعون ينتظرون النهاية، ولا يحصل شيء، وما أثار تساؤلي دائماً هو لماذا لا تنقرض هذه الطوائف عندما يتبين كذب مؤسسيها؟ لماذا تستمر في الوجود؟

منطقياً نتوقع أن يهجروا دينهم، لكن التاريخ يرينا شيئاً عجيباً: إن هذه الطوائف تزداد في عدد أتباعها حتى بعد مضي اليوم الموعود وبيان كذب مزاعم قادتها! كيف هذا؟ دعونا نتابع قصة حصلت في مدينة شيكاغو، فقد ظهرت طائفة صغيرة لم تتجاوز 30 شخصاً، وانضم لها ثلاثة علماء ممن رغبوا في دراسة هذه الأمور، والذي أسّس الطائفة امرأة تؤمن بالأطباق الطائرة وأمور ما وراء الطبيعة، وكانت مقتنعة أن الدنيا ستنتهي في ديسمبر 21 من عام 1954م، وذلك بطوفانٍ عظيم يجتاح الأرض ويغرق أهلها، وزعمت أن كائنات فضائية من كوكب بعيد أخبرتها بهذا. كانت الطائفة تنأى عن الناس ولا يدْعونهم إلى دينهم. لما أتى اليوم جلست المرأة وأتباعها صامتين في غرفة ينتظرون نهاية العالم، ولما مضت الساعة الموعودة ولم يحصل شيء أخذت المرأة تبكي وحاول الأتباع البحث عن تفسير لكن لم يجدوا، وأخيراً قالت المرأة إن رسالة أتتها تقول إن العذاب لن يأتي لأن الطائفة نشرت الكثير من الخير في الأرض فسامحهم إله الأرض! بينما العلماء الثلاثة يرقبون ما يحصل فاجأهم ما رأوا. بدلاً من أن يتبرأ الأتباع من هذه الطائفة إذا بهم يخرجون ويدعون الناس إليها! ذهبوا يتصلون على الإعلام ويُجرون اللقاءات ويدْعون الناس بحماس لمعتقدهم! لماذا؟ إنه مبدأ «الدليل الاجتماعي». إن أفراد هذه الطائفة ضحوا بسمعتهم وتحملوا سخرية الناس وفقدوا وظائفهم. في تلك الدقائق الأخيرة تلك الليلة لما أدركوا أن النبوءة لن تتحقق دب الإحباط في نفوسهم، وتذكروا تضحياتهم وكيف أنها ستذهب سدى لو أقرّوا أن هذا الدين خرافة، حينها تغيرت طريقة تفكيرهم: صار الآن لزاماً عليهم أن ينشروا معتقداتهم ويقنعوا المزيد من الناس أن ينضموا لهم حتى يقتنعوا هم أنفسهم أن دينهم حق!

هذا ما يحصل بشكلٍ متكرر في هذه الطوائف، وقد حصل هذا مع طائفة المونتانية في القرن الثاني الميلادي في تركيا، وطائفة نصرانية صغيرة اسمها «تجديدية العماد» في القرن السادس عشر في هولندا، وطائفة الميليرية في القرن التاسع عشر في أمريكا، كلها تنبأت بنهاية العالم في يوم معيّن ولما باعوا أملاكهم وتبرعوا بأموالهم وصبروا على سخرية واضطهاد الناس أتى اليوم ولم يحصل شيء، وبعد برهة من الذهول والإحباط أخذوا يحاولون نشر دينهم ليقنعوا أنفسهم أنه حق فيما لو أقبل عليه الناس! عجيب أمر البشر.

الحديقة
إنها نهاية العالم!
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة