Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 12/02/2013 Issue 14747 14747 الثلاثاء 02 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

ومن المسلمات أن ثورةُ الاتصالات قلبت الأوضاعَ رأساً على عقب. وجاءت ثورة الشعوب، لتنهي تكميم الأفواه، وغَلَّ الأيدي، وتمد التافهين بالغي، وستظل قضايا الزور والتزوير مُعَلَّقة، حتى تُنشأ لها هيئةُ، تكافحها. وإن كانت قرينتها في بدايتها، إذ المتبادر إلى الذهن أن [هيئة مكافحة الفساد]

لمَّا تزل مرتبكة، ولما تزل دون المؤمَّل منها، وحين تستوي على سوقها، وتستكمل عدتها، وتتجاوز مرحلة التجريب، ستجد نفسها كـ [خراش] الذي تكاثرت عليه الضباء، فما يدري ما يصيد، ويقيني أن الهيئة مطالبة بملاحقة أي مسؤول كائناً من كان.

ولكي تكون في مستوى تطلع المواطن، ولكي تصيد عصفورين بحجر، فإن عليها تفريغ ما يقال في القنوات والإذاعات، وما يكتب في الصحف والمجلات، وما يتداول في المواقع والتغريدات المعروف مَصْدرها، والتوجه به إلى المسؤول المستهدف، ومواجهته بتلك الاتهامات، وإتاحة الفرصة له للدفاع عن نفسه، فإن ثبت أن ما قيل صحيح حوسب عليه، وإن ثبت أن ما قيل كذب وافتراء، أعين على المطالبة بحفظ حقوقه، تمشياً مع :- [أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً].

لقد كنت مع لفيف من ضيوف [سوق عكاظ] العام المنصرم، أتابع ندوة [الشباب ما يريدون، وما يراد منهم] وفي الحديث الموجه لـ [معالي وزير الثقافة والإعلام ]، قال أحد الشباب، وهو بصدد الحديث عن اللوح السحري [اليوتيوب] :- [إننا في النهاية نقول ما نشاء، وإن المسؤولين يفعلون ما يشاءون]. وتلك مقولة لها ما بعدها، فمقتضاها أن كلاً يعمل على شاكلته. فلا المسؤول يرتدع، ولا الكاتب أو المتحدث يتثبت.

وكم أواجه من اللوم والتقريع من بعض العاطفيين المتأججين، لا لشيء، إلا لأني لا أعالج بعض الأوضاع المحلية، المتمثلة بتقصير بعض المسؤولين في سائر القطاعات الخدمية، وقطاعات البُنى التحتية، والقطاعات الرقابية، وغياب المجالس النيابية. ولقد يكون لبعض أولئك العتب حتى يرضوا، ولكن الإقدام على النقد، يتطلب التعرف على الإمكانيات والصلاحيات، فلربما يكون للمُعنَّف عذر، ونحن نلوم. وكم من مسؤولٍ ممتلئ فمه ماء، بحيث لا يستطيع أن يبوح بشكايته، ولا يَقْدِر على الكشف عن تقصير مرجعه، الذي يقتر عليه، ولا يستمع إلى شكايته.

والمؤلم أن كل من لا قيت يشكوا وضعه، وكل المرافق الخدمية لا تستوعب مسؤولياتها، وبخاصة في العواصم التي تخدم المحافظات، ويهفو إليها ذوو الحاجات من كل فج عميق، ولو تَفَرَّغْتُ للتفصيل، لبعدت عليَّ الشقة. والمؤكد أن التقصير واضح، وجلي، وهو كالمعاني مطروحة في الطريق. ولو أن الجهات الرقابية اضطلعت بمسؤولياتها، لكان بالإمكان تلافي التقصير، وتدارك الأمر، لكن التبلد، واللامبالاة، والاتكالية أدواء مستشرية في جسد الإدارة المحلية. والإصلاح لا يتم بالترقيع، إذ لابد من إتيان الأوضاع من قواعدها.

لقد تجرأ الناس على القول، ومَرَدَ المسؤول على اللامبالاة، وبين نكارة القول، وسوء العمل ضاعت مصالح الأمة.

ويكفى أن أضرب المثل بـ[وزارة العمل]، وبـ[معالي وزيرها]، الذي أثار الرأي العام، بقرارات ثانوية، وتمترس خلف قرارات مجلس الوزراء، التي اتخذها المجلس بناء على اقتراحه، فمجلس الوزراء لا يبادر الأشياء، وإنما يتلقى الدراسات، والمقترحات من جهات الاختصاص، ثم يمنحها الشرعية.

و[معالي الوزير] الذي شغل الناس في وقت لا يحتمل المزيد من الإثارة، وتسبب في رفع الأسعار والأجور، وحمَّل المواطن ما لا يحتمل، لم يفتح صدره للمتذمرين، ولم يجادل بالتي هي أحسن. والوزارة أنشْئت لخدمة العمالة، ومراقبتها، وحفظ حقوق المواطن، ولا أحسبها مسؤولة عن [البطالة]، لأن المواطن لا يبحث عن ذلك النوع من الحرف والمهن التي يغطيها الوافد. والمنافسة غير قائمة، لأن العامل يكفيه دخول البلاد، ليجد التحايل واللعب متاحين، والرقابة غائبة، والفرص سائبة، والمواطن يجرجر مآسيه من إدارة لإدارة، ثم لا يجد من يواسيه.

فأين الوزارة من عشرين ألف خادمة هاربة، تتراوح خسارة كل كفيل من عشرة آلاف إلى عشرين ألف ريال، هي التكلفة الفعلية لجلبها؟.

وأين الوزارة من خمسة ملايين عامل إقامتهم غير نظامية؟.

وأين الوزارة من ركام المشاكل التي أغرت العمالة بالتلاعب والاستخفاف بأموال المواطنين وحقوقهم؟.

وأمام هذه التساؤلات الشاردة، ستجد الوزارة ملاذاً منها، وستجد المعذرين، والمخاصمين عنها، ولكن ذلك لن يحفظ حقوق المواطن، وحين لا تكون الوزارة مسؤولة، فمن المسؤول؟

إنني أحترم معالي الوزير، وأكن له التقدير، وأعلم علم اليقين أنه يلتمس الحق، ويسعى إليه، ولكنه لم يجد الطريق القاصد إليه. وارجو ألَّا يطول زمن التيه.

ومع ما يعانيه المواطن من إجراءات غير مسددة من قبل [وزارة العمل]، فإننا مستاؤون مما يقال بحق معالي الوزير. وكم نود أن يكون الحوار موضوعياً، وبعيداً عما لا يليق بحق رجل مثل معاليه.

وفوق كل ما سبق فإن مسؤولية البطالة على [وزارة الخدمة المدنية]، لأن العاطلين مؤهلون، وليس في مقدور أحدهم أن يعمل حداداً، أو نجاراً، أو عامل بناء، أو طباخاً، أو حلاقاً.

والقرارات التي اتخذتها [وزارة العمل]، لا تحل الإشكال، بل تحول دون استفادة أصحاب المؤسسات الصغيرة، وبهذه الإجراءات التعسفية ستنهار آلاف المؤسسات الصغيرة، وسيتحول أصحابها وأسرهم إلى عاطلين، وهذا الإجراء يذكرنا بسحب البساط من تحت أقدام المزارعين، وتحويلهم مع أسرهم إلى عاطلين، وقد تناولت ذلك بالتفصيل فيما سبق.

ذلكم مثل من عشرات الأَمْثِلة. وفي النهاية فإن أمورنا كلها تحتاج إلى إعادة النظر، فلا حرية التعبير ضُبط إيقاعها، ولا مسؤولو القوى العاملة أحسنوا التدبير، وعلينا أن نواجه كل مقترف بما يلائمه.

فالفساد شيء. والتقصير شيء. وسوء التدبير شيء، والخطأ ابتداء شيء، ولكل خطاء حسابه، وأسلوب مواجهته.

[ووضع الندى في موضع السيف بالعلاء

مضر كوضع السيف في موضع الندى]

الله وحده الذي لا يُسْأل عما يفعل 2-2
د. حسن بن فهد الهويمل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة