Al-jazirah daily newspaper
ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 12/02/2013 Issue 14747 14747 الثلاثاء 02 ربيع الثاني 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

الإبداع العلمي يحتاج إلى المناخ المناسب ليشرق في المجتمع، وهو بلا شك خاصية حضارية تبرز واضحة في بعض الحضارات ومعدومة في حضارات أخرى، وتنميتها داخل المجتمع يتطلب التشجيع والرعاية ولا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها وإنما يتطلب التأسيس لبيئة تشجع على التفكير

بطرق مبتكرة تختلف عن السائد المألوف، وهي عملية تصعب على مجتمع يفتقر إلى مهارة التحليل والتقييم، ومنشأ على أسلوب التلقين والتسليم وهو أسلوب يفي بحد الكفاية لتصريف شؤون الحياة اليومي تحت وهم بأن نمط الحياة الراهن (الروتين) دائم ونستطيع المحافظة على دوام الحال بمجرد استيفاء مسوغات الاستقامة مع الحمد والثناء. الإبداع يتطلب الخروج عن أسلوب الكفاية المعهود ومنهج الروتين المألوف، هنا يتبادر السؤال: من المسئول عن تأسيس البيئة المناسبة للإبداع؟ البعض سيقفز في التفكير إلى البنية المادية من مرافق وتجهيزات، والصحيح أن تنمية ملكة الإبداع بين أفراد المجتمع مسؤول عنها أصحاب البصيرة القادرون على تبني فكرة الإبداع وتطويقها ونفخ روح الإلهام في نفوس الآخرين، والقادرون على تأسيس مستوى من التحدي يدفع بالناس إلى بذل أقصى درجات الاجتهاد في سبيل تحقيق ذلك المستوى بل تخطيه، وبدون التحدي لن ينطلق الفكر من عقاله نحو الإبداع وقد يكون مستوى التحدي هدفا ماديا وقد يكون معنويا؛ ومثال على الهدف المادي: إعلان رئيس الولايات المتحدة (أمريكا) السابق جون كنيدي بإرسال رجل للهبوط على القمر وإعادته سالما إلى الأرض خلال عقد من الزمان ؛ عشر سنوات لتحقيق الهدف المرسوم فتح أبواب الإبداع على مصراعيه في مختلف المجالات منها الإلكترونيات، أجهزة المراقبة الطبية، أجهزة الاتصال والتراسل، وغيرها من الابتكارات والتطبيقات التي أنجبها مشروع إنزال رجل على القمر، وهناك الهدف المعنوي مثل: تحرير المجتمع من معوقات فكرية تقيد انطلاقه في فضاء الإبداع ومن هذه المعوقات الغلو، ومن صوره: الغلو بالتخويف من عذاب القبر تسبب بمرض الهلع عند كثير من الأطفال وخوفهم من المستقبل؛ الغلو من احتمالات الإصابة بالعين أو الحسد فانتشر مرض القلق والوسواس القهري ؛ الغلو في وصف السحر والمس بالجن وتوظيف آثارهما لإثبات حقيقتهما فانتفخت الخرافات في خيال الجمهور فلم يعد هناك مساحة للحقائق؛ الغلو في الخطاب الدال على كراهية الدنيا وزهرتها بينما الواقع يشهد الانغماس فيها والتهافت على قطف أزهارها؛ الغلو في قوامة الرجل على المرأة استمرأ استعبادها باسم القوامة؛ الغلو في خطاب العداء والكراهية لغير المسلمين وفي نفس الوقت نضمر ثقتنا بكفاءتهم خلال علاجهم لمرضانا؛ وغيرها من الصور المباحة في الأصل ولكنها تضخمت وانتفخت فوصلت إلى حد الغلو..

الخلاصة:

استحداث بيئة خصبة للإبداع يتطلب توازن في الأفكار السائدة في المجتمع وعندما يطغى بعضها على الآخر، تسود الأفكار الطاغية على حساب الأفكار المطغي عليها ومع مرور الوقت تأخذ في الاضمحلال والتلاشي، ولتحقيق التوازن المنشود في مجتمع ينعدم فيه الإبداع الفكري سيتطلب عملية إحلال (الإحلال: استبدال الأفكار الضارة بأخرى نافعة) أي القضاء على الغلو من خلال تحجيم الصور المباحة التي خرجت عن إطارها الطبيعي وبالتالي إتاحة المساحة الكافية لفكر الإبداع.. الإحلال مشروع ضخم فيه كثير من التحدي يضاهي في تحديه إنزال رجل على سطح القمر، ولن يسود فكر الإبداع في المجتمع وهو يعاني من آفة الغلو.. الغلو منهي عنه فقد أهلك من قبلنا من الأمم..

khalid.alheji@gmail.com
Twitter@khalialheji

تحجيم الصورة المباحة التي خرجت عن إطارها
م. خالد إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة